قلت أمس إن المؤتمر الاقتصادي حقق نجاحاً سياسياً وإعلامياً لا يمكن لعين محايدة أن تتجاهله، لكنني تساءلت: متى يشعر المصريون بنتائج المؤتمر الذي تم تصويره في الصحف وكأنه عبور للمستقبل وخروج لمصر من غفوتها؟ وهل المواطن سيأكل أوراقا فاخرة حوت مذكرات تفاهم بقيمة 92 مليار دولار؟ وهل الـ175.2 مليار دولار أو الـ200 مليار، أو غيرها من الأرقام التي قالت الحكومة إنها حصيلة استثمارات المؤتمر ستوفر للمواطن عيشة كريمة ولقمة نظيفة وبسعر مناسب؟ وهل الـ60 مليار دولار التي تحدث عنها رئيس الوزراء، إبراهيم محلب، كصفقات تمت الموافقة عليها ستجلب للمواطن أنبوبة بوتاجاز من دون أن "يدوخ السبع دوخات" على المخازن والمستودعات، وفي النهاية يلجأ إلى السوق السوداء؟
دعنا نصدق الأرقام التي ذكرتها الحكومة، والتي قالت إن المؤتمر فاقت تعاقداته 150 مليار دولار، ما بين صفقات ومذكرات تفاهم، لكن من حقنا أن نطرح سؤالين جوهريين تتفرع منهما أسئلة أخرى:
الأول: هل الموازنة العامة التي تعاني من عجز حاد قادرة على توفير التمويل لكل هذه الاستثمارات، خاصة أن الحكومة ستكون مطالبة بتوصيل المرافق والبنية التحتية من كهرباء ومياه وصرف صحي، بالإضافة إلى الطاقة لهذه المشروعات؟ وهل الحكومة لديها القدرة على توجيه أكثر من 80 مليار دولار (609 مليارات جنيه) من إيراداتها لمشروع واحد هو العاصمة الجديدة؟ وهل الحكومة ستكرر مرة أخرى تجربة توسعة قناة السويس التي وجهت لها 64 مليار جنيه، رغم أن الاقتصاد ليس في حاجة ماسة للمشروع، بسبب الظروف التي تمر بها التجارة الدولية؟
السؤال الثاني: هل سيصبح المواطن هو الممول الرئيسي لكل المشروعات التي تتحدث عنها الحكومة، إذ إن المستثمرين عادة لا يغامرون بأموالهم، وإنما يغامرون بأموال البنوك وعملائها، خاصة في القطاع العقاري الذي استحوذ على 71 مليار دولار من حجم التعاقدات المبرمة.
وإذا كانت الحكومة لن تفعل ذلك، فهل ستتوقف عن تطبيق خطتها الرامية إلى زيادة أسعار الكهرباء والبنزين والسولار؟ وهل ستتوقف الحكومة عن تحميل المواطن حل مشاكل عجز الموازنة العامة للدولة البالغ 253 مليار جنيه في آخر سنة مالية؟
اقرأ أيضاً:
4 قطاعات تغيب عن مؤتمر مصر الاقتصادي