جيش من الموظفين في ليبيا... مؤسسات حكومية تفتح الأبواب للتعيينات رغم التكدس

07 نوفمبر 2021
موظفون حكوميون خلال حملة توعية ضد كورونا بأحد أسواق طرابلس (فرانس برس)
+ الخط -

أعلن عدد من البلديات والمصارف التجارية والمؤسسة الوطنية للنفط وشركات حكومية في ليبيا عن وظائف جديدة، في حين تشهد الجهات الحكومية المختلفة تكدساً في أعداد العاملين، ما دعا خبراء اقتصاد إلى انتقاد هذه الخطوة وضبط فاتورة الأجور التي أضحت تلتهم أكثر من نصف الموازنة العامة، إذ تظهر البيانات الرسمية أنّ هناك موظفاً لكلّ ثلاثة مواطنين.

ووفق البيانات الرسمية، فإنّ 56% من الإنفاق في الموازنة يذهب إلى رواتب "جيش من العاملين" في المؤسسات الحكومية، فيما أكدت هيئة الرقابة الإدارية في تقرير حديث لها أنّ هناك تدنياً في إنتاجيّة العاملين في القطاع العام، إذ تصل النسبة إلى 30% فقط، بينما تمثل الرواتب عبئاً هائلا على الموازنة، حيث يدرج ربع السّكان في كشوف الرواتب، كما زادت أجور القطاع العام بنحو 250% منذ اندلاع ثورة فبراير/شباط 2011.

يقول الباحث في مجال سوق العمل علي صالح، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة مطالبة بتقليص الوظائف في القطاع العام إلى 75% من إجمالي العدد الحالي... هناك جيش من العاملين ولا يقومون بأعمال حقيقية".

ويضيف صالح أنّ الحكومات السابقة توسّعت في التعيينات العشوائية من أجل الحصول على قبول شعبي، وبدأت تلك التعينات منذ عام 2011 من دون مرعاه المؤهل العلمي والخبرات الوظيفيّة، ما تسبّب في تكدّس وظيفي من دون أي جدوى اقتصادية، فضلاً عن أنّ الحكومة رفعت سقف رواتب بعض القطاعات مثل التعليم.

ويلفت إلى وجود 2.3 مليون موظف حكومي لعدد سكان 6.8 ملايين نسمة، مضيفاً: "لدينا بطالة مقنعة ولا إنتاجية، بالإضافة إلى خلق موظّف اتكالي مصاب بلعنة الراتب النفطي، بلا إنتاج ولا تنمية".

لكنّ المواطن أنس الشامس، الحاصل على شهادة البكالوريس في العلوم الإدارية منذ عام 2015، يقول إنّه يأمل في الحصول على فرصة عمل في الوظائف المطروحة، مشيراً إلى أنّه لا خيارات إلّا العمل لدى الحكومة، فالقطاع الخاص هش، ولا استثمارات أجنبية تستوعب الراغبين في العمل.

يضيف الشامس أنّ "العمل في القطاع العام أفضل بكثير من القطاع الخاص، لعدم وجود ضمانات في التعاقد في الأخير إن وجد العمل أساساً، عدا عن الفصل التعسفي والحقوق الغائبة في القطاع الخاص ككلّ في ما يتعلق بالتأمين".

كما يلفت حامد التّير، خريج قسم الهندسة الكهربائية في جامعة "الزنتان"، إلى أنه لم يتحصل على فرصة عمل منذ عام 2017 حتّى الآن، والسبب غياب وظائف القطاع العام.

وتشير بيانات وزارة التعليم العالي إلى أنّ عدد الخريجين الجامعيين يبلغ سنوياً 120 ألفاً.

ويعتبر حسن عبيد، وهو مسؤول سابق في وزارة العمل، أنّ إعلان العديد من الجهات الحكومية عن وظائف جديدة أمر جيد، في ظل ارتفاع معدلات البطالة وعدم توفر فرص للعمل في القطاع الخاص، فضلاً عن سياسات التقشف التي اتخدتها الحكومة عام 2015، وتوقف التعيينات في مختلف المؤسسات الحكومية باستثناء "الحكومة الموازية" في شرق البلاد، التي وظفت عشوائياً، ما أنتج تكدساً وظيفياً آخر.

ويقول عبيد لـ"العربي الجديد" إنّ التعيينات المطروحة تأتي "لمواكبة متطلبات سوق العمل، ومنها إسناد مهام سيادية جديدة للبلديات، وكذلك مؤسسة النفط وقطاع الاتصالات في ظل الاستثمارات الجديدة".

لكنّ المسؤول السابق في وزارة العمل يقر بأنّ "التعيينات الجديدة تتطلب توفير سيولة مالية، في حين أن موازنة 2021 غير معتمدة حتى الآن من مجلس النواب".

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن الرواتب الممولة من الخزانة العامة وصلت فاتورتها إلى 24 مليار دينار خلال العام الماضي، ومرشحة للزيادة إلى نحو 43 مليار دينار (9.42 مليارات دولار) خلال العام الحالي، فيما لم تكن تتجاوز 8 مليارات دينار في عام 2010.

ورغم التوظيف الواسع خلال السنوات الماضية، تظهر البيانات الرسمية أن معدل البطالة ما زال مرتفعاً، وقد سجل 22%، إذ يقدر عدد الباحثين عن العمل، وفق آخر بيانات لوزارة العمل لعام 2020، بحوالي 360 ألفاً.

وبعد تطبيق الرقم الوطني في منظومة الرواتب، لم يعد مسموحاً للموظف في القطاع الحكومي بأن يشغل وظيفتين، وإن على سبيل التعاون أو الانتداب، ما أغلق باباً واسعاً استخدمه الموظفون للتحايل على الحد الأدنى للأجور، الذي لا يتجاوز 450 ديناراً شهرياً (100 دولار)، وذلك باستثناء الأجهزة الرقابية والقضائية وبعض الجهات الّتي تحصلت على لوائح خاصة بالرواتب والأجور، كمجلس التطوير الاقتصادي والمفوّضية العليا للانتخابات، حيث يناهز الحد الأدنى للأجور في تلك المؤسسات نحو 1100 دينار شهرياً.

المساهمون