جوزيف ستيغلتز... اقتصادي أميركي يحرض ضد الأرباح الفاحشة في معقل الرأسمالية 

20 سبتمبر 2022
جوزيف ستيغلتز الاقتصادي الأميركي الحاصل على جائزة نوبل (Getty)
+ الخط -

لم يتردد الاقتصادي الأميركي جوزيف ستيغليتز الحائز جائزة نوبل، في دعم خطة الرئيس الأميركي جو بايدن للإنفاق العام والتي تشمل رفع الضرائب على الأثرياء وتقديم امتيازات للطبقة الوسطى. فالرئيس يعتبر أنه "في الأربعين سنة الماضية، أصبح الأثرياء أكثر ثراء" والشركات الكبرى "فقدت إحساسها بالمسؤولية".

ستيغليتز الذي عمل مستشاراً للرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، من بين خمسة عشرة شخصاً من الفائزين بجائزة نوبل في الاقتصاد، عبروا عن دعمهم هذه الخطة، فهو لا يتردد في الدعوة إلى إخضاع الأرباح الكبيرة للشركات لضريبة إضافية، وإعادة توزيع إيراداتها على الأشخاص الذين يعانون في أكبر اقتصاد في العالم يقوم على النظام الرأسمالي.

يعتبر الحائز جائزة نوبل عام 2001، أنه يمكن التساؤل حول ما إذا كانت الأرباح المرتفعة تأتي نتيجة استغلال الظروف أو أنها ثمرة الاستثمار.

ويؤكد الاقتصادي الذي يترأس نادي الاقتصاديين الملتزمين، أن شركات النفط الكبيرة لم تفعل ما يجعلها تستحق الأرباح المرتفعة، مضيفا أن "هذه المجموعات لم تعمل بجد من أجل ذلك.. هي مدينة بأرباحها لبوتين (الرئيس الروسي) فهو الذي يجب أن يستفيد منها، وليس مسؤولي المجموعات النفطية الكبيرة".

ليست هذه المرة الأولى التي يدلي فيها ستيغليتز البالغ من العمر 79 عاما في مثل هذه المواضع. إذ لم يكف عن التحذير من الاستسلام لليد الخفية للسوق.

الاعتماد على القطاع الخاص

فقد سبق أن كتب في مارس/آذار 2020 بعد انتشار جائحة فيروس كورونا: "عندما نواجه أزمة مثل الوباء أو الإعصار، فإننا نلجأ إلى الحكومة، لأننا نُدرك أن مثل هذه الأزمات تتطلب عملاً جماعياً، بينما الاستجابة الفردية غير كافية".

وأشار في المقال ذاته: "لا يمكننا الاعتماد على القطاع الخاص، ففي كثير من الأحيان ترى الشركات التي تسعى إلى تحقيق أقصى قدر من الربح أن الأزمات تمثل فرصاً لارتفاع الأسعار، كما يتضح بالفعل من ارتفاع أسعار أقنعة الوجه".

تصريحات ستيغلتز لا تحمل فقط أفكاره الأكاديمية التي أهلته للفوز بجائزة نوبل، بل اطلع على كيفية صناعة واتخاذ القرار الاقتصادي في بلده وفي المؤسسات الدولية، إذ كان كبير الاقتصاديين ونائب رئيس البنك الدولي لسنوات طويلة حتى عام 2000.

كما اختاره الرئيس الأسبق الأسبق بيل كيلنتون ليكون عضواً في مجلس المستشارين الاقتصاديين في عام 1993، قبل أن يترأس تلك اللجنة في عام 1995، التي غادرها في عام 1997، كي يلتحق بالبنك الدولي.

لم تدفعه مسؤولياته كمستشار للرئيس أو في البنك الدولي إلى التملص من قناعاته الأكاديمية. فقد ظل وفياً لها، حيث عمل في التدريس في جامعات مرموقة مثل ستانفورد وأوكسفورد وبرنستون وييل وكولومبيا.

دافع ستيغليتز الذي يعتبر أحد رواد تيار "الكينزيين الجدد"، الذي ألف كتبا تسعى إلى تقريب الفكر الاقتصادي من الجمهور مثل "انتصار الجشع" و"ثمن اللامساواة"، عن فكرة مفادها أنه لا يجب الركون لليد الخفية من أجل ضبط السوق، حيث يؤكد ضرورة تدخل الدولة الضامن لاشتغال السوق بفعالية، بما يفضي إلى تفادي الأزمات الدورية للرأسمالية.

اتساع دائرة الفوارق

يؤكد دوما على عدم تكافؤ المتعاملين في الأسواق، لأنهم لا يتوفرون على نفس المعلومات، كما هو الحال بين المصارف وعملائها، مشيرا في الوقت نفسه، إلى أن الرأسمالية في نسختها الحالية، ترمي إلى تعميم الخسائر وخصخصة المكاسب والأرباح، محذرا من اتساع دائرة الفوارق.

هذا التصور هو الذي يدفعه اليوم إلى الدعوة لفرض ضرائب على الأرباح الاستثنائية واستعمال جزء من الموارد بهدف مساعدة أولئك الذين يعانون، خاصة في الحقبة الحالية التي تسعى خلالها بلدان في الاتحاد الأوروبي فضلا عن الولايات المتحدة، للتصدي لارتفاع أسعار الطاقة التي تعظم أرباح الشركات النفطية الكبرى.

ينطلق ستيغليتز من الولايات المتحدة التي ارتفعت فيها أرباح شركات مثل "إكسون موبيل" و"شيفرون"، حيث يؤكد أن الثروات الناجمة عن الأسعار ليست نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج.

المساهمون