جواد بيلجين: تقارير دولية مشوهة عن اقتصاد تركيا.. والتضخم إلى تراجع

27 مايو 2023
جواد بلجين (العربي الجديد)
+ الخط -

أكد الأكاديمي وأستاذ الاقتصاد التركي جواد بيلجين، أن معدلات التضخم الحالية في تركيا لا تتعلق بسبب واحد، بل بمزيج من العوامل الداخلية والخارجية.

وأضاف بيلجين، وهو أستاذ الاقتصاد بجامعة بورصة التركية، في حوار مع "العربي الجديد"، أن السياسات الاقتصادية الحالية في تركيا انحازت إلى تشجيع الاستثمارات وتوفير فرص العمل ومراعاة الجوانب الاجتماعية للفئات الأقل دخلاً، متوقعاً في الوقت ذاته أن تؤتي هذه السياسات ثمارها.

وهذا نص الحوار:

يرى البعض أن سياسات الرئيس أردوغان غير التقليدية للاقتصاد رفعت من معدلات التضخم وأدت إلى انخفاض سعر الليرة؟

التصريح بأن السياسات الاقتصادية غير التقليدية للرئيس رجب طيب أردوغان سببت مباشرةً زيادة معدلات التضخم وانخفاض قيمة الليرة التركية، أمر خاضع للنقاش. في حين أن تركيا شهدت فعلاً فترات من التضخم المرتفع في السنوات الأخيرة، فإن نسبة ذلك فقط إلى سياسات الرئيس أردوغان، مبالغة في تبسيط قضية معقدة.

العوامل الاقتصادية، مثل ديناميكيات السوق العالمية، والتوترات الجيوسياسية، والتغيرات في أسعار النفط، ومعنويات المستثمرين، تؤثر أيضاً في تضخم الدولة وقيمة العملة. فالتضخم ظاهرة متعددة الأوجه تتأثر بعوامل مختلفة، بما في ذلك السياسات النقدية والسياسات المالية والإصلاحات الهيكلية والصدمات الخارجية.

بينما يجادل البعض بأن بعض السياسات التي اتبعها الرئيس أردوغان، مثل التركيز على الاستراتيجيات التي يحركها النمو ومركزية صنع القرار الاقتصادي، ربما كانت قد ساهمت في الضغوط التضخمية، فمن المهم النظر في السياق الاقتصادي الأوسع. يتطلب تقييم العلاقة بين السياسات الاقتصادية والتضخم تحليلاً شاملاً لمؤشرات الاقتصاد الكلي والقرارات السياسية والاتجاهات طويلة الأجل. 

لذلك، ليس من الدقة الاستنتاج بشكل قاطع أن السياسات الاقتصادية غير التقليدية للرئيس أردوغان هي وحدها المسؤولة عن ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض قيمة الليرة التركية. تشير معدلات التضخم المرتفعة حول العالم إلى أنها ظاهرة عالمية لاقتصادات اليوم. هناك عوامل مختلفة تتعلق بأسباب التضخم العالمي في الآونة الأخيرة، حيث أدت انقطاعات الإنتاج وأزمات سلاسل التوريد وتقلبات الطلب الناتجة من قيود جائحة كوفيد 19 إلى زيادة الضغوط التضخمية. 

علاوة على ذلك، زادت العديد من البلدان من المعروض النقدي بشكل كبير، وأبقت أسعار الفائدة منخفضة للتخفيف من الآثار الاقتصادية للوباء. أدت هذه التدابير إلى رفع التضخم، حيث كانت هناك زيادة كبيرة في أسعار السلع الأساسية في الآونة الأخيرة. ارتفعت تكاليف المدخلات الأساسية مثل موارد الطاقة والمنتجات الزراعية والمعادن.

أدى هذا إلى زيادة تكاليف الإنتاج، ومع انتعاش الاقتصادات بعد الوباء، كانت هناك زيادة في الطلب. بالإضافة إلى هذه العوامل، يمكن أن تؤثر أسباب أخرى أيضاً في التضخم العالمي. فالمخاطر الجيوسياسية، والقرارات السياسية، والسياسات الضريبية، وتوزيع الدخل من بين العوامل التي يمكن أن تؤثر في التضخم. 

تشير معدلات التضخم الإقليمية والعالمية إلى الاتجاه التصاعدي؛ من عام 2020 إلى 2022 ارتفع المعدل من 1.1 إلى 9.9% في أوروبا، ومن 1.4 إلى 7.9 في أميركا الشمالية، ومن 0.3 إلى 8.2% في أوروبا الغربية، ومن 2 إلى 7.3% في أميركا الوسطى، وارتفع المتوسط العالمي من 3.2 إلى 8.7%.

وعود أردوغان برفع الرواتب بنسبة 45% ألا يمكن أن تؤدي إلى مزيد من انخفاض قيمة الليرة وارتفاع التضخم؟

 يمكن أن يكون للوعود برفع الرواتب بنسبة محددة، مثل الـ 45% المذكورة، آثار محتملة على قيمة الليرة التركية والتضخم. ومع ذلك، من المهم النظر في العديد من العوامل والديناميكيات في هذا السياق.

بادئ ذي بدء، إن زيادة الرواتب بنسبة كبيرة ستؤثر مباشرةً في الإنفاق الحكومي وعجز الميزانية. 
وإذا لم تُتَّخَذ التدابير المالية اللازمة لاستيعاب هذه الزيادات في الرواتب، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى زيادة الاقتراض الحكومي، وزيادة الدين العام. ويمكن أيضاً أن يؤدي رفع الرواتب إلى تعزيز القوة الشرائية للمستهلكين وزيادة الطلب الكلي. 

ومع ذلك، لن يكون هذا فعالاً، لأن فقدان القوة الشرائية خلال الأشهر الماضية كان كبيراً، ومن المتوقع أن تعوض زيادة الرواتب في الغالب هذه الخسارة. إذا كان الاقتصاد قادراً على تلبية الطلب المتزايد جزئياً مع زيادة مقابلة في الإنتاج والعرض، فإن هذا الوضع لن يخلق ضغطاً تصاعدياً على الأسعار. 

بالإضافة إلى ذلك، إن فرض بعض السياسات مثل تدابير السيطرة على التضخم وتعزيز نمو الإنتاجية وإدارة الاستدامة المالية، يؤدي إلى تنفيذ ناجح لزيادة الرواتب. وسيكون تنفيذ هذه السياسات وتنسيقها  مفيداً جداً للتخفيف من أي آثار سلبية على التضخم وانخفاض قيمة العملة. 

فرض بعض السياسات مثل تدابير السيطرة على التضخم وتعزيز نمو الإنتاجية وإدارة الاستدامة المالية يؤدي إلى تنفيذ ناجح لزيادة الرواتب

وإذا سعت الحكومة للحفاظ على سياسة مالية مستدامة، وتجنب الاقتراض المفرط وعجز الميزانية، وتنفيذ تدابير لزيادة الإيرادات، وتقليل النفقات غير الضرورية، فسيُحافَظ على الانضباط المالي. 
يمكن أن يؤدي تنفيذ سياسات لتحسين البنية التحتية، وتعزيز بيئة الأعمال، وتشجيع الاستثمار، ودعم ريادة الأعمال إلى تعزيز القدرة الإنتاجية وتقليل الضغوط التضخمية. 

سيكون التواصل المنتظم مع الجمهور والشركات والأسواق المالية في ما يتعلق بأهداف السياسة والتدابير والتوقعات مفيداً في إدارة توقعات التضخم والحفاظ على الثقة في الاقتصاد. 

إذا اتخذت الحكومة تدابير لمراقبة مستويات الأسعار والتحكم فيها من خلال الإشراف على الأسواق ومكافحة الممارسات المانعة للمنافسة، فسيُحافَظ على استقرار الأسعار.

هل كانت سياسات خفض الفائدة مفيدة اقتصادياً للمواطن التركي أم لرجال الأعمال والمستثمرين؟

يمكن أن يكون للفوائد الاقتصادية لسياسات خفض الفائدة في تركيا تأثيرات متفاوتة في مختلف أصحاب المصلحة، بمن فيهم المواطنون ورجال الأعمال والمستثمرون. فتخفيضات أسعار الفائدة مفيدة للأفراد والشركات التي تعتمد على الاقتراض من أجل الاستثمار، مثل مشتري المنازل ورجال الأعمال. 
ونتوقع أن يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى تقليل تكاليف الاقتراض، وجعل القروض ميسورة التكلفة، وتحفيز الاستهلاك والاستثمار. 

من ناحية أخرى، قد تؤثر تخفيضات أسعار الفائدة سلباً في المدخرين الذين يعتمدون على دخل الفوائد من حسابات التوفير أو استثمارات الدخل الثابت. 

بالإضافة إلى ذلك، تعمل أسعار الفائدة المنخفضة على تحسين الوصول إلى رأس المال للشركات، ما يجعل تمويل التوسعات والاستثمار في المشاريع الجديدة وخلق فرص العمل أسهل وأرخص. تحفز تكاليف الاقتراض المنخفضة رجال الأعمال على القيام باستثمارات جديدة وتوسيع عملياتهم، وهذا من شأنه أن يحفز النمو الاقتصادي والتوظيف. 

وتؤدي تخفيضات أسعار الفائدة أيضاً إلى زيادة السيولة في الأسواق المالية، ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأسهم ويفيد المستثمرين الذين لديهم ممتلكات في الأسهم. لذلك، من المهم ملاحظة أن تأثير تخفيضات أسعار الفائدة في أصحاب المصلحة المختلفين معقد ويعتمد على عوامل مختلفة، مثل الظروف الاقتصادية العامة وديناميكيات التضخم وفعالية تدابير السياسة الأخرى.

يمكن أن يختلف توزيع الفوائد والتكاليف بين المواطنين ورجال الأعمال والمستثمرين بناءً على الظروف الفردية وظروف السوق.

بماذا تفسر الهجوم الغربي المتواصل من مؤسسات مالية وغيرها على سياسات تركيا الاقتصادية؟

تطبق الدول الغربية والمؤسسات المالية معايير مختلفة عند تقييم السياسات الاقتصادية في تركيا مقارنة بالدول الأخرى. يبدو أن النقد الغربي يتأثر باعتبارات أو تحيزات سياسية. الانتقادات الموجهة لسياسات تركيا الاقتصادية مدفوعة بالعوامل الجيوسياسية، لا المخاوف الاقتصادية فقط. تؤثر التوترات أو الخلافات السياسية مع تركيا بنبرة الانتقادات وشدتها. غالباً ما تفشل التقييمات الغربية في مراعاة الظروف والتحديات الفريدة التي تواجه تركيا.

تؤثر التوترات أو الخلافات السياسية مع تركيا على نبرة الانتقادات وشدتها. غالبًا ما تفشل التقييمات الغربية في مراعاة الظروف والتحديات الفريدة التي تواجه تركيا.

برأيي، تحتاج السياسات الاقتصادية التركية إلى التقييم ضمن السياق الاجتماعي والاقتصادي المحدد للبلد، بما في ذلك موقعها الجيوسياسي والديناميكيات الإقليمية. بينما تركز وجهات النظر الغربية بشكل مفرط على المؤشرات الاقتصادية قصيرة الأجل أو تقلبات السوق، ما قد يؤدي إلى تقييم مشوه للآفاق الاقتصادية طويلة الأجل وفعالية السياسة. 

يتجاهل النقاد الغربيون التطورات الإيجابية، مثل التحسينات في البنية التحتية، وجهود التنويع الاقتصادي، أو مبادرات الرعاية الاجتماعية التي تهدف إلى معالجة عدم المساواة في الدخل والفقر.

 هل كان الأداء الاقتصادي عاملاً رئيساً في تصويت الأتراك في الجولة الأولى من الانتخابات؟

يختلف تأثير الأداء الاقتصادي في قرارات التصويت بين الأفراد، ويمكن أن يتأثر بعدة عوامل.
 يمكن للأفراد تقييم رفاههم الاقتصادي عند اتخاذ قرار بشأن كيفية التصويت. فعوامل مثل مستويات الدخل، والاستقرار الوظيفي، والوصول إلى الاحتياجات الأساسية، وتكلفة المعيشة، تشكل تصورات الأداء الاقتصادي وتؤثر بخيارات التصويت. كذلك، تؤثر معدلات البطالة وتصورات الأمن الوظيفي بشعور الناخبين. 

وبالطبع، يمكن أن يكون لارتفاع الأسعار وزيادة تكاليف السلع والخدمات الأساسية تأثير مباشر بحياة الناس. فإذا كان التضخم مرتفعاً، وأصبحت تكلفة المعيشة مرهقة، فإنه يؤدي إلى عدم الرضا، ويؤثر بقرارات التصويت.

من جهة أخرى، تؤثر جودة وتوافر الخدمات العامة، مثل الرعاية الصحية والتعليم والنقل والبنية التحتية، كثيراً بتصورات الناخبين للأداء الاقتصادي وقدرة الحكومة على الوفاء بالوعود الاقتصادية.

كذلك إن المخاوف بشأن عدم المساواة في الدخل وبرامج الرعاية الاجتماعية تشكل سلوك الناخبين. القضايا المتعلقة بالتخفيف من حدة الفقر، وإعادة توزيع الدخل، وشبكات الأمان الاجتماعي تلقى صدى لدى الناخبين وتؤثر بخياراتهم الانتخابية.

على وجه التحديد، إن تنفيذ برامج الرعاية الاجتماعية التي تهدف إلى معالجة عدم المساواة في الدخل، والحد من الفقر، وتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية لها تأثير إيجابي في الناخبين.

لقد اعتُرِف ببرامج مثل برنامج الأسرة والدعم الاجتماعي، الذي يوفر المساعدة المالية للأسر ذات الدخل المنخفض، وتوسيع تغطية الرعاية الصحية كخطوات إيجابية من قبل بعض الناخبين. 
يمكن أن يساهم الاستثمار في مشاريع البنية التحتية، مثل شبكات النقل ومرافق الطاقة ومبادرات التجديد الحضري، في التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل وتحسين نوعية الحياة. 

يمكن أن يساهم الاستثمار في مشاريع البنية التحتية، مثل شبكات النقل ومرافق الطاقة ومبادرات التجديد الحضري، في التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل وتحسين نوعية الحياة. 

قد ينظر الناخبون إلى هذه الاستثمارات بشكل إيجابي، حيث يمكنهم إدخال تحسينات ملموسة على مجتمعاتهم. إلى جانب ذلك، يمكن أن يساهم الاستثمار في مشاريع البنية التحتية، مثل شبكات النقل ومرافق الطاقة ومبادرات التجديد الحضري، في التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل وتحسين نوعية الحياة.

من المهم أن نلاحظ أن الأداء الاقتصادي مجرد واحد من العديد من العوامل التي يمكن أن تؤثر بقرارات الناخبين. تعتبر الأيديولوجية السياسية، والقضايا الاجتماعية، والمخاوف الأمنية، والصفات القيادية من بين العوامل الأخرى التي يمكن أن تلعب أيضاً دوراً في تشكيل تفضيلات الناخبين. يختلف تفاعل هذه العوامل بين الأفراد، ويمكن أن يختلف من انتخابات إلى أخرى.

هل يمكن أن يعود الرئيس التركي وإدارته في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية إلى الاقتصاد التقليدي من رفع الفائدة في مواجهة التضخم واللجوء إلى صندوق النقد الدولي للاقتراض أم أنه سيستمر في برنامجه؟

تجدر الإشارة إلى أن قرارات السياسة الاقتصادية معقدة وتتأثر بمجموعة من العوامل، بما في ذلك المؤشرات الاقتصادية المحلية، والضغوط التضخمية، والظروف المالية، وديناميكيات السوق الخارجية، والأولويات السياسية. وسيحتاج الرئيس وإدارته إلى تقييم الوضع الاقتصادي واتخاذ خيارات سياسية بناءً على فهمهم للتحديات ونهجهم المفضل لمعالجتها.

كذلك سيعتمد قرار العودة إلى الاقتصاد التقليدي من طريق رفع أسعار الفائدة أو طلب الاقتراض من صندوق النقد الدولي، أو الاستمرار في البرنامج الحالي، على الفعالية المتصورة للسياسات الحالية، وتقييم البدائل المتاحة والمناخ الاقتصادي والسياسي العام في المنطقة. 

مع الأخذ بالاعتبار، أنه كان لعلاقات تركيا السابقة مع صندوق النقد الدولي آثار إيجابية وسلبية. بينما قدمت برامج صندوق النقد الدولي الدعم المالي لتركيا في أوقات الأزمات الاقتصادية، كانت هناك تحديات وانتقادات مرتبطة بهذه العلاقات.

فغالباً ما تأتي برامج الصندوق بشروط تتطلب من الدول تنفيذ تدابير التقشف، بما في ذلك تشديد المالية العامة، وخفض الإنفاق الحكومي، وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية. لذا، يمكن أن يكون لهذه التدابير آثار اجتماعية، مثل خفض الإنفاق العام على برامج الرعاية الاجتماعية وخسارة الوظائف المحتملة في القطاع العام. 

كذلك من الضروري النظر في التبعية الاقتصادية المحتملة الناتجة من قروض الصندوق، حيث إن الاعتماد على تمويلاته يحدّ من استقلالية سياسة الدولة ويجعلها أكثر عرضة للضغوط الاقتصادية الخارجية. 
وقد أدت برامج الصندوق إلى تفاقم عدم المساواة في الدخل.

كذلك أثرت تدابير التقشف بشكل غير متناسب في الفئات الضعيفة من السكان، ما أدى إلى صعوبات اجتماعية واتساع فجوات الدخل. وركزت برامج الصندوق في كثير من الأحيان على تدابير تحقيق الاستقرار قصيرة الأجل بدلاً من الإصلاحات الهيكلية طويلة الأجل. 

ومن ثم، إن هذا النهج لم يعالج القضايا الهيكلية الأساسية في الاقتصاد، التي تعوق النمو المستدام والشامل على المدى الطويل. وسببت برامج الصندوق معارضة سياسية ورد فعل شعبياً عنيفاً. باختصار، تنظر الحكومة إلى تدخل صندوق النقد الدولي على أنه انتهاك للسيادة الوطنية، وترى أن الشروط المرتبطة بالقروض تدخل في السياسات الاقتصادية المحلية.

ما حدود التغيير في الأداء الاقتصادي التي يمكن أن تتم، هل على مستوى السياسات أم بتغيير المسؤولين؟

يمكن أن تتأثر حدود التغيير في الأداء الاقتصادي في تركيا بعوامل مختلفة، بما في ذلك قرارات السياسة والتغييرات في المسؤولين. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن الحدود المحددة تعتمد على العديد من العوامل المعقدة والمترابطة. 

ويضع هيكل الاقتصاد، بما في ذلك تكوينه القطاعي ومستوى التنمية والموارد المتاحة، قيوداً معينة على إمكانية التغيير. كذلك يمكن أن تؤثر العوامل الهيكلية مثل حجم القوة العاملة والقدرات التكنولوجية وديناميكيات السوق العالمية في نطاق السياسات والنتائج الاقتصادية الممكنة. كذلك، تعمل تركيا، مثل أي دولة أخرى، في سياق الاقتصاد العالمي. 

يضع هيكل الاقتصاد، بما في ذلك تكوينه القطاعي ومستوى التنمية والموارد المتاحة، قيودًا معينة على إمكانية التغيير.

فالعوامل الخارجية مثل الاتجاهات الاقتصادية العالمية وديناميكيات التجارة الدولية وتدفقات رأس المال والتطورات الجيوسياسية يمكن أن تؤثر كثيراً في الأداء الاقتصادي التركي. وقد تحدّ هذه العوامل من المدى الذي يمكن أن تحقق فيه السياسات المحلية أو التغييرات في المسؤولين النتائج الاقتصادية المرجوة. 

ويمكن لعوامل الاقتصاد الكلي، مثل التضخم والعجز المالي ومستويات الدين العام واستقرار سعر الصرف، أن تفرض قيوداً على خيارات السياسة الاقتصادية. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي التضخم المرتفع أو الاختلالات المالية غير المستدامة إلى تقييد المجال أمام السياسات التوسعية أو جعل تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي أمراً صعباً. 

وتعتمد فعالية السياسات الاقتصادية وصدقيتها على الإطار المؤسسي وقدرة المؤسسات الحكومية على تنفيذ تلك السياسات وإنفاذها. ويمكن أن تؤثر نقاط القوة والضعف المؤسسية، وهياكل الحوكمة، وسيادة القانون، والأطر التنظيمية في نطاق ونجاح تغييرات السياسة الاقتصادية. 

كذلك، يمكن للعوامل الاجتماعية والسياسية، بما في ذلك المشاعر العامة والتماسك الاجتماعي وضغوط مجموعات المصالح والاستقرار السياسي، أن تشكل تنفيذ واستمرارية تغييرات السياسة الاقتصادية. 
ويمكن أن يؤدي الدعم العام أو الاضطرابات الاجتماعية أو النزاعات السياسية إلى فرض قيود أو خلق تحديات أمام صانعي السياسات بهدف دفع الإصلاحات الاقتصادية.

برأيك، هل تملك المعارضة التركية برنامجاً اقتصادياً قوياً راهنت عليه في الانتخابات أم كانت مجرد وعود؟

ائتلاف المعارضة يقترح سياسات اقتصادية نيو ليبرالية، حيث يشدد أعضاء الطاولة الستة على التدابير الاقتصادية التي تشير إلى النموذج الاقتصادي النيوليبرالي. من ناحية أخرى، أدلى زعيم حزب الشعب الجمهوري بتصريحات يعارض النهج الاقتصادي النيوليبرالي ودافع عن السياسات الاجتماعية. 

ومع ذلك، فإن العروض التي قُدِّمَت خلال الاجتماع لوثيقة الرؤية في 4 ديسمبر/ كانون الأول 2022 كانت تعطي الأولوية للسياسات الاقتصادية النيوليبرالية. 

وعليه، يبدو أن هناك تضارباً بين تصريحات مرشح المعارضة لرئاسة الجمهورية والوعود الاقتصادية للطاولة، وهذا الموقف يشير إلى ارتباك خطير. أخيراً وليس آخراً، هناك أيضاً ارتباك حول الإدارة المستقبلية للاقتصاد. 

فقد أدلى نائب رئيس الحزب الجيد وزعيم حزب الديمقراطية والتقدم والطاقم الاقتصادي لحزب الشعب الجمهوري بتصريحات مفادها أنهم سيديرون الاقتصاد خلال فترة حكمهم. 

أخيراً، من الضروري التأكيد أن السياسات الاقتصادية النيوليبرالية تتعرض لانتقادات شديدة في جميع أنحاء العالم لعرقلة التنمية الاقتصادية لدول العالم الثالث.
 في الآونة الأخيرة، كان هناك عدد متزايد من الدراسات في الأدبيات الأكاديمية التي تدعم هذا النقد للسياسات الاقتصادية النيوليبرالية. في هذا السياق، لا يبدو أن المقاربة الاقتصادية التي يطرحها ائتلاف المعارضة معقولة ومتسقة.

وعدت المعارضة في حال فوزها بالعودة للسياسات الاقتصادية التقليدية، ومنها رفع الفائدة لمسايرة التضخم، وذكرت وكالة رويترز أن أسعار الفائدة يمكن أن تراوح بين 30 إلى 50%. هل ترى باعتقادك أن ذلك نهج صحيح في دولة مثل تركيا؟

يُعَدّ رفع أسعار الفائدة إحدى أدوات السياسة النقدية التقليدية التي تستخدمها البنوك المركزية للسيطرة على التضخم. ويمكن أن تساعد أسعار الفائدة المرتفعة في تقليل الطلب الكلي في الاقتصاد، والذي قد يؤدي بدوره إلى انخفاض الضغوط التضخمية. 

وعندما يكون التضخم مرتفعاً، يمكن أن تؤدي زيادة أسعار الفائدة إلى تحفيز الادخار وتقليل الاقتراض، الأمر الذي يمكن أن يساعد في كبح الإنفاق وإدارة التوقعات التضخمية. المطروح أن رفع أسعار الفائدة إلى نطاق يراوح بين 30 إلى 50% نهج مناسب لتركيا. لكن من جهة أخرى، من المهم ملاحظة أن أسعار الفائدة المرتفعة بشكل مفرط سيكون لها آثار سلبية محتملة على الاقتصاد. فتكاليف الاقتراض المرتفعة للغاية تثبط الاستثمار والاقتراض، ما يؤدي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي. كذلك فإنها ترهق الشركات والأفراد بأعباء الديون الحالية، ما قد يؤدي إلى صعوبات مالية. 

تكاليف الاقتراض المرتفعة للغاية تثبط الاستثمار والاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي. كما أنها ترهق الشركات والأفراد بأعباء الديون الحالية، مما قد يؤدي إلى صعوبات مالية. 

وتعتمد ملاءمة مثل هذا النطاق المرتفع لأسعار الفائدة على التقييم الدقيق للظروف الاقتصادية الفريدة لتركيا، وشدة الضغوط التضخمية، والآثار المحتملة قصيرة وطويلة الأجل على مختلف قطاعات الاقتصاد. 
في نهاية المطاف، تخضع السياسات الاقتصادية لاعتبارات معقدة، ويتطلب قرار رفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم تحليلاً شاملاً للسياق الاقتصادي المحدد والمفاضلات المحتملة. 

من الضروري لواضعي السياسات أن يوازنوا بين فوائد استقرار الأسعار مقابل الآثار السلبية المحتملة على النمو الاقتصادي والاستقرار المالي.

هل يمكن ان تواجه تركيا ضغوطاً اقتصادية خارجية في حالة فوز أردوغان بالرئاسة، مثلا، عقوبات تحت أي مسمى أو سحب للاستثمارات وغيره؟

من المهم ملاحظة أن احتمالية ومدى الضغوط الاقتصادية الخارجية تعتمد كثيراً على أحداث وسياسات وتطورات جيوسياسية معينة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تختلف استجابة الاقتصاد التركي ومرونته للضغوط الخارجية بناءً على عوامل مثل تنوع شركائه التجاريين، وقوة المؤسسات، والسياسات الاقتصادية المحلية، والأساسيات الاقتصادية الشاملة. وقد شهدت الأهمية الجيوسياسية لتركيا بالفعل زيادة في السنوات الأخيرة بسبب عدة عوامل. 

فموقع تركيا على مفترق طرق أوروبا وآسيا والشرق الأوسط كان دائما مصدراً لأهميتها الجيوسياسية. 
كذلك، تمر بها التجارة البحرية الحيوية، بما في ذلك مضيق البوسفور والدردنيل، ويربط البحر الأسود بالبحر الأبيض المتوسط. 

وإن قربها من مناطق الصراع، وقدرتها على ربط مناطق مختلفة، يجعلانها ممراً مهماً للعبور والطاقة.
وقد لعبت تركيا دوراً حاسماً في الاستقرار الإقليمي، ولا سيما في الشرق الأوسط، فهي تشترك في الحدود مع دول مثل سورية والعراق وإيران، وقد شاركت في صراعات إقليمية مختلفة. 

وقد ساهمت قدرتها على التنقل والتأثير في التطورات في هذه المناطق، مثل الحرب الأهلية السورية، في وضعها الجيوسياسي. كذلك إن عضوية تركيا في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) منذ عام 1952 منحتها مكانة بارزة داخل الحلف. وهي بمثابة رابط حاسم بين الناتو والشرق الأوسط، ما يسمح بالتعاون والتنسيق في قضايا الأمن الإقليمي. 

شهدت تركيا نموًا اقتصاديًا كبيرًا على مدار العقود الماضية، لتصبح واحدة من أكبر الاقتصادات في العالم.

بسبب هذه الحقائق والتطورات، ازدادت أهمية تركيا الجيوسياسية على نطاق واسع. لذلك، يبدو أن احتمال مواجهة الضغوط الاقتصادية الخارجية على تركيا منخفض نسبياً. إلى جانب ذلك، شهدت تركيا نمواً اقتصادياً كبيراً على مدار العقود الماضية، لتصبح واحداً من أكبر الاقتصادات في العالم. لذلك، إن قوتها الاقتصادية وإمكاناتها تجعلها وجهة جذابة للتجارة والاستثمار، ما يعزز أهميتها الجيوسياسية. 

كذلك، جعل موقع تركيا منها لاعباً رئيسياً في إدارة تدفقات الهجرة، لا سيما في أثناء أزمة اللاجئين السوريين. 
ولم يكن لاستضافة ملايين اللاجئين آثار إنسانية فحسب، بل أثر أيضاً على علاقات تركيا مع الاتحاد الأوروبي ودورها في إدارة ديناميات الهجرة الإقليمية.

وسعت تركيا بشكل متزايد إلى تأكيد نفسها كقوة إقليمية. لقد اتبعت سياسة خارجية نشطة، من خلال المشاركة في المبادرات الدبلوماسية والتدخلات العسكرية في البلدان المجاورة. أخيراً وليس آخراً، يساهم تاريخ تركيا الغني وتراثها الثقافي، ولا سيما خلافتها للإمبراطورية العثمانية، في أهميتها الجيوسياسية. 

وهي تحافظ على روابط ثقافية وتاريخية مع مختلف البلدان والمجتمعات، وتمتد نفوذها إلى ما وراء حدودها المباشرة. وسيستمر دور تركيا الجيوسياسي في التأثر بالتطورات المحلية والدولية، وخيارات سياستها الخارجية، والديناميكيات الإقليمية، وتحولات القوة العالمية.

هل تستعد الحكومة التركية لأية سيناريوهات سلبية من هذا النوع أم أنها تثق بأن ذلك لن يحدث لاعتبارات جيوسياسية؟

من المرجح أن تكون تركيا، بصفتها دولة ذات أهمية جيوسياسية كبيرة، على دراية بالمخاطر المحتملة وقد تتخذ تدابير لمعالجتها. يمكن للاعتبارات الجيوسياسية أن تلعب بالتأكيد دوراً في استراتيجية الحكومة وعمليات صنع القرار. 

قد تشارك حكومة تركيا بنشاط في الجهود الدبلوماسية للحفاظ على علاقات إيجابية مع أصحاب المصلحة الرئيسيين والفاعلين الإقليميين، بينما تسعى أيضاً لتعزيز قدراتها الاقتصادية والعسكرية لتعزيز المرونة في مواجهة التحديات المحتملة. 

أعلنت تركيا اكتشافات في قطاع النفط والغاز، هل يمكن أن تتطور، وإلى أي مدى يمكن أن تؤثر في الاقتصاد التركي من ناحية سد عجز الطاقة؟

الاكتشافات التركية الأخيرة في قطاع النفط والغاز، ولا سيما في شرق البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود، سيجعل لديها القدرة على التأثير في مشهد الطاقة في البلاد وربما سد العجز في الطاقة. 

كذلك، يتطلب التطوير الناجح لاحتياطيات النفط والغاز تقييم جدواها التجارية، حيث تلعب عوامل مثل حجم وجودة الاحتياطيات وتكاليف الاستخراج والطلب في السوق وأسعار الطاقة العالمية دوراً حاسماً. 
ويوضح بيان وزارة الطاقة والموارد الطبيعية أن الغاز الطبيعي الذي تبلغ قيمته أكثر من 500 مليار دولار قد اكتُشِف في البحر الأسود. أُعلن الحجم الإجمالي للاحتياطيات المكتشفة بـ 710 مليارات متر مكعب. وذكر أن الاحتياطي سيكون كافياً لتلبية متطلبات الطاقة لجميع الأسر في الدولة على مدى السنوات الـ 35 المقبلة. 

ويمثل اعتماد تركيا على واردات الغاز الطبيعي في الوقت الحالي 99% من استهلاك الدولة، وستعمل اكتشافات البحر الأسود على تقليل التبعية. كما هو موضح، عند الوصول إلى طاقتها الكاملة، ستلبي الاكتشافات 30% من احتياجات الغاز في بلادنا.
وستجعل الاحتياطيات المكتشفة الاقتصاد أقوى وتوفر جزءاً كبيراً من احتياجات الطاقة. وسيقلل هذا الوضع من اعتماده على المصادر الأجنبية من جهة، من ناحية أخرى، فإنه يقوي يد الدولة في العقود مع الدول الرئيسية الموردة للغاز.

يمثل اعتماد تركيا على واردات الغاز الطبيعي في الوقت الحالي 99% من استهلاك الدولة وستعمل اكتشافات البحر الأسود على تقليل التبعية. 

وللاستفادة الكاملة من احتياطيات النفط والغاز المكتشفة، ستحتاج تركيا إلى الاستثمار في البنية التحتية مثل منصات الحفر وخطوط الأنابيب ومنشآت المعالجة. ويعد تطوير شبكة بنية تحتية قوية للطاقة أمراً ضرورياً لضمان الاستخراج والنقل واستخدام الموارد بكفاءة. غالباً ما يتطلب تطوير احتياطيات النفط والغاز قدرات وخبرات تكنولوجية متقدمة. 

كذلك، ستحتاج تركيا إلى الاستفادة من خبرتها الخاصة أو التعاون مع الشركاء الدوليين لاستخراج واستغلال الموارد المكتشفة بشكل فعال. مع الأخذ بالاعتبار، أن مشهد الطاقة العالمي يشهد تحولاً نحو مصادر متجددة ومستدامة. لذا، إن الطلب طويل الأجل على الوقود الأحفوري غير مؤكد، ويمكن أن تؤثر ديناميكيات السوق كثيراً في الجدوى الاقتصادية والربحية المحتملة لمشاريع النفط والغاز. 

لذا، إن قدرة تركيا على التكيف مع تغيرات السوق هذه، وتنويع مزيج الطاقة لديها، ستؤثر على المدى الذي يمكن أن تصل إليه اكتشافات النفط والغاز في سد العجز في الطاقة.

باختصار، نظراً لأن احتياطيات النفط والغاز المكتشفة قابلة للتطبيق تجارياً، وطُوِّرَت بنجاح، فإن لديها القدرة على تقليل اعتماد تركيا على الطاقة، وتعزيز أمن الطاقة، وسد العجز في الطاقة. قد يكون لذلك آثار إيجابية على الاقتصاد التركي، مثل خفض تكاليف استيراد الطاقة، ودعم الصناعات المحلية، وتحفيز النمو الاقتصادي.

أيضاً عادت تركيا إلى سياسة صفر مشاكل هل يمكن أن تنجح في جذب نوعية جديدة من الاستثمارات؟

كان مفهوم "صفر مشاكل مع الجيران" نهجاً للسياسة الخارجية اتبعته تركيا في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بهدف تعزيز العلاقات الودية والتعاونية مع الدول المجاورة. ومن خلال تعزيز الاستقرار والعلاقات الإيجابية مع الدول المجاورة، يمكن لتركيا خلق بيئة مواتية لجذب الاستثمار. 

ويمكن للعلاقات الدبلوماسية القوية والتعاون أن يسهلا التجارة، وتدفقات الاستثمار، والتكامل الاقتصادي، ما يؤدي إلى زيادة ثقة المستثمرين وفرص لأنواع جديدة من الاستثمارات.
كذلك يمكن أن يؤدي بناء علاقات اقتصادية أوثق مع الدول المجاورة إلى تعزيز العلاقات التجارية، وتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي، وخلق فرص الاستثمار. 

وإن اتفاقيات التجارة الحرة والاتحادات الجمركية وتطوير البنية التحتية يمكن أيضاً أن تسهل حركة السلع والخدمات ورأس المال، وتجذب الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاعات مثل اللوجستيات والتصنيع والخدمات. 

وبالنظر إلى موقع تركيا الاستراتيجي واحتياجاتها من الطاقة، فإن تعزيز التعاون في مجال الطاقة مع البلدان المجاورة يمكن أن يوفر فرصاً للاستثمار في قطاع الطاقة. ويمكن للمشاريع التعاونية مثل خطوط الأنابيب والبنية التحتية للطاقة ومبادرات الاستكشاف والإنتاج المشتركة جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.

ويوفر دور تركيا كمركز عبور بين أوروبا وآسيا والشرق الأوسط فرصاً للاستثمار في تطوير البنية التحتية. ويمكن للمشاريع المتعلقة بشبكات النقل والمراكز اللوجستية ومبادرات الاتصال جذب المستثمرين الذين يتطلعون إلى الاستفادة من موقع تركيا الاستراتيجي. 

يمكن للمشاريع المتعلقة بشبكات النقل والمراكز اللوجستية ومبادرات الاتصال جذب المستثمرين الذين يتطلعون إلى الاستفادة من موقع تركيا الاستراتيجي. 

كذلك يمكن أن يؤدي تحسين العلاقات الإقليمية إلى خلق فرص استثمارية محددة في قطاعات مثل السياحة، والزراعة والتصنيع والخدمات. وسيؤدي تعزيز التعاون والوصول إلى الأسواق إلى زيادة التدفقات السياحية، والتجارة الزراعية، والمشاريع المشتركة، والاستثمارات عبر الحدود في مختلف الصناعات.

 والمتوقع أن العوامل الجيوسياسية والاقتصادية والديناميكيات الإقليمية والسياسات والإجراءات المحددة لكل من تركيا وجيرانها ستلعب دوراً في نجاح جذب أنواع جديدة من الاستثمار في إطار سياسة "صفر مشاكل مع الجيران".

أخيراً، ما توقعاتك لمستقبل الاقتصاد التركي على المدى القصير، وخصوصاً على مستوى التضخم والبطالة؟

يتمتع الاقتصاد التركي بالقوة والمرونة. قد تكون للمشاكل والصراعات الإقليمية، بالإضافة إلى الظروف الوبائية بعض الآثار السلبية على الاقتصاد من حيث الآثار التضخمية والعمالة. 
وسببت زيادة أسعار الطاقة مع تراجع ملامح أسواق التصدير آثاراً سلبية على الاقتصاد التركي. 

ومع ذلك، فإن الموقف القوي للاقتصاد على الرغم من هذه التطورات الخارجية يجعلنا متفائلين بشأن الاقتصاد. 

وفي ما يتعلق بمؤشرات الاقتصاد الكلي للتضخم والبطالة، يمكننا القول أولاً إنّ من المتوقع أن ينخفض معدل التضخم المرتفع، حيث تشير بيانات التضخم الأخيرة إلى أن المعدل يسير بالفعل على هذا المسار.
 بالإضافة إلى ذلك، مع ازدياد قوة الاقتصاد وقدرته على توفير فرص العمل، فمن المتوقع أن ينخفض معدل البطالة إلى المستويات المعقولة.

المساهمون