أوصت ورقة متخصصة أعدتها جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان في الأردن بعنوان "العمل القسري وارتباطه بالاتجار بالبشر" بتعزيز الحماية الاجتماعية للأسر الفقيرة من العمل بالسخرة بسبب أوضاعها الاقتصادية الصعبة، وضرورة أن تكون العقوبة منسجمة مع جسامة الفعل المرتكب.
ووفق تصريحات صحافية لمدير التفتيش المركزي في وزارة العمل هيثم النجداوي، فإن إجمالي القضايا التي تم التعامل معها بشبهة اتجار بالبشر خلال العام الماضي بلغ 207 قضايا، منها 34 تم تصنيفها كقضية اتجار بالبشر، و173 قضية عمالية لم ترتق إلى هذه الشبهة، فيما بلغ عدد ضحايا الاتجار بالبشر 131 ضحية على يد 152 جانيا".
لكن في واقع الحال، تبقى الكثير من حالات العمل القسري وقضايا الاتجار بالبشر بعيدة عن عيون الرقابة والشكاوى المقدمة إلى وزارة العدل والأجهزة الأمنية.
وبحسب الورقة، فإن الأعمال القسرية ليست كلها نتيجة الاتجار بالبشر، في حين أن كل حالات الاتجار بالبشر تقريبا تؤدي إلى العمل القسري الذي يُعتبر الشكل الثاني للاتجار بالبشر الأكثر انتشارا ويشكل 34% من الضحايا.
وأوضحت أن العمل القسري لا ينحصر بفئة معينة رغم أنه يكون واضحا بشكل أكبر في بعض القطاعات عن غيرها، لا سيما الزراعة والصناعة والبناء والألبسة والنسيج والمرافق والخدمات ومجمل القطاع الخاص، فيما يُعد كل من العمال المهاجرين والنساء والأطفال الفئات الأشد عرضة للعمل القسري.
وقالت الورقة إن النساء، خاصة عاملات المنازل، يعملن في مجالات تجعلهن عرضة بشكل أكبر للانتهاكات، خاصة من يعمل منهن بالمنازل، حيث إن مكان العمل والإقامة هو ذاته، ما يعرضهن لانتهاكات عدة فيها مؤشرات قوية على العمل القسري.
ومن ذلك الخداع بشأن طبيعة العمل، والاستقدام القسري المرتبط بالديون أو الوضع الاقتصادي، والاستخدام القائم على الخداع بشأن ظروف العمل ومضمون عقد العمل وقانونيته وظروف السكن والمعيشة والوضع القانوني ومكان العمل والأجور، إلى الإرغام على العمل لساعات طويلة، وتقييد حرية التنقل والاتصال مع الغير، وظروف العمل والمعيشة المهينة، وإرغام العاملة على العمل في أعمال صاحب العمل الخاصة أو لدى سائر أفراد الأسرة، وتقييد الحرية، والحرمان من إنهاء العلاقة التعاقدية.
وبالنسبة للأطفال، بيّنت الورقة أن العديد من أطفال المهاجرين واللاجئين والمواطنين الأشد فقرا يتعرضون للعمل القسري، خصوصًا في ظل غياب المعيل واضطرار الطفل إلى أداء مهام المعيل الخاص بالأسرة، وعليه لا يتمكن الأطفال من الانسحاب من بيئة العمل وإن كانت مليئة بالانتهاكات بسبب شعورهم بالواجب ناحية أسرهم وتوفير لقمة العيش للأسرة، أو بإجبار من أحد أفراد الأسرة على العمل وعدم الاهتمام بالانتهاكات التي يتعرض لها الطفل في مكان العمل.
أما بالنسبة للمهاجرين واللاجئين، فقالت الورقة إن قدوم اللاجئين إلى البلد يكون جبريا، وغالبا ما لا يتمكن المهاجرون من العودة إلى أوطانهم بسبب النزاعات السياسية والحروب والانتماءات السياسية أو الاجتماعية.
وبالنسبة للعمال المهاجرين، فهم يأتون لطلب الرزق وبإمكانهم العودة لبلدانهم حين يرغبون بذلك، على الرغم من هذا تتشابه ظروف معيشة اللاجئين والمهاجرين والانتهاكات الواقعة على كلتا الفئتين.
ويتعرض المهاجرون للعمل القسري والاتجار بالبشر والاستغلال في العمل لأسباب عدة منها الخداع أو النصب وينطبق ذلك على بيع تأشيرات العمل لوظائف وهمية موجودة فقط على الورق أو الإنترنت، وتبدأ الانتهاكات من التهديد بالترحيل والاحتجاز واستغلال حالات ضعف العمال من خلال توظيف العمال ذوي الأوضاع غير النظامية، أو التهديد بعدم تجديد تصريح العمل أو إذن الإقامة، أو عدم السماح لهم بمغادرة البلاد، وفي بعض الحالات يتم إقناع الضحايا بأن عائلاتهم قطعوا سبل التواصل بهم وعزلهم عن المحيط، أو إغراقهم بديون حتى لا يتمكنوا من العودة إلى بلادهم.
أما اللاجئون السوريون الذين سمح لهم بالعمل في الأردن، فلا تزال هناك تحديات كبيرة تعترضهم، منها الانتهاكات في بيئة العمل مثل الحرمان من الأجور أو تدنيها، والعمل لساعات طويلة، وحرمانهم من العطل الرسمية والسنوية ومن الإجازات وغيرها من الحقوق.