يوما بعد آخر يتعزز حضور العملات المشفرة في الحركة الاقتصادية العالمية، حيث التنافس حول العالم على تسريع تعدينها وتبوؤ مراتب بهذا الخصوص، ليبرز الآن توجه لاعتمادها في دفع الرواتب، وهو ما دفع ببعض عواصم القرار إلى اعتبار هذا النوع من العملات بحاجة إلى "تنظيم عاجل".
فبعد شهرين من قرار الصين بحظر تعدين العملات المشفرة، تخطت الولايات المتحدة هذا البلد لتصبح أكبر دولة في العالم في مجال تعدين "بيتكوين". إذ وفقا لبيانات "مركز كامبريدج للتمويل البديل" الصادرة الأربعاء وأوردتها "فاينانشيال تايمز"، تراجعت حصة الصين في عملية التعدين من 44% إلى صفر بالمائة بين مايو/ أيار ويوليو/ تموز الماضيين، وذلك بعدما كانت بكين تستحوذ على ثلاثة أرباع معدل التعدين العالمي عام 2019.
وتعهدت "لجنة الاستقرار المالي والتنمية" في الصين في مايو/ أيار باتخاذ إجراءات صارمة ضد تعدين العملات المشفرة، وبدأت المقاطعات تباعا في حظر تعدين "بيتكوين". في المقابل، زادت حصة الولايات المتحدة من 17% في إبريل/ نيسان إلى 35% في أغسطس/ آب، فيما زادت حصة كازاخستان من 10% إلى 18%.
أداة لدفع الرواتب
وتخطى الحديث عن العملات المشفرة من تعدينها والشراء بواسطتها إلى السعي لاعتمادها في دفع الرواتب، وهذا ما كشف عنه عمدة مدينة ميامي الأميركية فرانسيس سواريز من أن المدينة ستقدم خطة لدفع رواتب العمال بعملة "بيتكوين"، في إطار مساعي جعل المدينة مركزا للأصول الرقمية.
سواريز قال لتلفزيون "بلومبيرغ": "سنقوم بتقديم طلب في أكتوبر/ تشرين الأول الجاري للسماح لموظفينا بالحصول على رواتبهم بعملة بيتكوين، وإتاحة المجال أمام سكاننا لدفع الرسوم بالعملة المشفرة وحتى الضرائب المحتملة".
وشهدت عملة "بيتكوين" حالة من التقلب في الأشهر الماضية، حيث انخفضت إلى أقل من 30 ألف دولار في يوليو/ تموز الماضي قبل أن تتجاوز 55 ألف دولار هذا الأسبوع. لكن رغم ذلك، يريد سواريز أيضا أن تسمح ولاية فلوريدا لمدينة ميامي بالاحتفاظ بعملة "بيتكوين" ضمن موازنتها العامة.
لندن تدعو إلى "تنظيم عاجل"
ورغم الرفض الذي قوبلت به العملات المشفرة في بداية انطلاقتها، بدا واضحا منذ مدة أن السلطات النقدية والمالية أصبحت أكثر ليونة في التعامل معها، وإن بتشدد.
في هذا السياق، قال نائب محافظ "بنك إنكلترا" المركزي جون كونليف، إن المنظمين بحاجة إلى العمل بسرعة لوضع مجموعة من القواعد للعملات المشفرة، بالنظر إلى النمو السريع للقطاع.
وفي كلمة خلال مؤتمر "إس.إي.بي.أو.إس"، قال: "بدأ المنظمون حول العالم في العمل تجاه تنظيم العملات المشفرة، لكن تجب متابعته بمزيد من السرعة"، موضحا أن المخاطر على الاستقرار المالي من تطبيق تقنيات التشفير محدودة حالياً، إلا أن هناك عددًا من الأسباب المهمة للاعتقاد بأن هذا قد لا يكون الحال لفترة أطول.
وأضاف: "في الواقع، سيساعد إدخال عالم العملات المشفرة في الإطار التنظيمي في ضمان ازدهار الفوائد الكبيرة المحتملة لتطبيق هذه التكنولوجيا في التمويل بطريقة مستدامة".
فنزويلا تدافع عن "البوليفار الرقمي"
ولئن لاقت العملات المشفرة المطروحة في الأسواق رفضا من العديد من الدول، فإن بعض البلدان لجأت إلى إصدار عملتها الرقمية الخاصة. وفي هذا الصدد، تتحرك فنزويلا لدعم عملتها الوطنية بعدما تسبب إطلاق فئة جديدة من البوليفار في ارتفاع الأسعار.
وضخ البنك المركزي نحو 40 مليون دولار في سوق الصرف خلال أسبوع، وهو ما يعتبر ضعف الرقم الذي عادة ما يتم إرساله إلى البنوك، بحسب ما نقلته شبكة "بلومبيرغ"، علما أن المركزي كان أعلن في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري إطلاق عملة جديدة تحمل اسم "البوليفار الرقمي" الذي يعتبر أقل بـ6 أصفار من البوليفار السيادي.
وبلغ سعر الصرف في السوق الموازي 4.1 بوليفارات لكل دولار اليوم، مقابل 5.2 بوليفارات قبل إدخال العملة الجديدة مع اندفاع الفنزويليين للحصول على الدولار.
"المشفّر" يستقطب تدفقات للأسبوع الثامن
هذا وأظهرت بيانات من "كوين شيرز" المتخصصة في إدارة الأصول الرقمية أمس الثلاثاء، أن صناديق ومنتجات العملات المشفرة اجتذبت استثمارات بقيمة 226.2 مليون دولار الأسبوع الماضي، مستقطبة تدفقات لثامن أسبوع على التوالي.
وعلى مدار 8 أسابيع متتالية، بلغ إجمالي التدفقات إلى العملات المشفرة 638 مليون دولار في حين بلغ مجمل التدفقات منذ بداية العام 6.3 مليارات دولار.
وقادت "بيتكوين" حالة الاستقطاب باجتذابها 225 مليون دولار في رابع أسبوع على التوالي من التدفقات، بحسب بيانات للأسبوع المنتهي في 8 أكتوبر/ تشرين الأول.