60% من الشعب اللبناني تحت خط الفقر

19 أكتوبر 2020
جاسم عجاقة (العربي الجديد)
+ الخط -

أكد أستاذ الاقتصاد بالجامعة اللبنانية، جاسم عجاقة، في مقابلة مع "العربي الجديد"، أن معدلات الفقر في لبنان ارتفعت إلى نحو 60%، محذرا من التداعيات الخطيرة المترتبة على هذه الظاهرة والتي قد تقود إلى فوضى اجتماعية. وفيما يلي نص الحوار:

*هل يقترب الاقتصاد اللبناني من الانهيار خاصة مع توقف البلاد عن سداد الديون الخارجية، وتعثرها في الاقتراض من صندوق النقد الدولي والدائنين الدوليين؟
أود القول إن الانهيار كلمة صغيرة، لأنه في علم الاقتصاد ليس بالضرورة الانهيار يعني سقوط مبنى، فالوضع معقد، ونحن نمر بأزمة كبيرة تتمثل في تراجع كبير في الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع نسب البطالة، وزيادة معدلات الفقر التي باعتقادي أنها وصلت إلى نحو 60% من عدد السكان، في حين أن نسبة الفقر المُدقع (أي أن يكون مدخول الفرد أقل من 1.9 دولار يوميًا) تخطت الـ 25% إلى 30% وهذه نسبة كبيرة جدًا.
وبالتالي نحن متجهون إلى فوضى اجتماعية سيكون سببها بالدرجة الأولى الفقر الذي يبدو أنه سيتزايد بنسب أكبر، مما قد يدفع الناس إلى ارتكاب مخالفات قانونية مثل السرقة والتعدي على الممتلكات وغيرها لسد حاجاتها وبخاصة أنه لا يفرقنا عن قعر الناتج المحلي الإجمالي سوى مسافة صغيره.

* على ماذا يراهن صانع القرار اللبناني في الحيلولة دون تدحرج الاقتصاد نحو الهاوية ووقف قفزات الأسعار ومعدلات الفقر والبطالة؟
لا أعرف على أي أساس يستند المسؤول بمركز السلطة، ولكن عمليًا لا يمكن للبنان الخروج من الأزمة إلا من خلال حكومة ثقة، والعمل على الإصلاحات المطروحة من قبل صندوق النقد الدولي، وجاء هذا جليًا وصريحًا من قبل صندوق النقد وفرنسا وأميركا بأنه إذا كنتم تريدون الأموال " القروض" فلا بد من اتباع هذين الشرطين.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ولكن إذا اعتبرنا أن صانع القرار يراهن على شيء فأعتقد أنه يراهن على الغاز الطبيعي والذي من المتوقع أن يحقق إيرادات بمليارات الدولارات، إلا أنه سيكون أمامه بعض المعضلات المتمثلة في حل النزاع الحدودي وترسيم الحدود مع إسرائيل.

*إلى أين يسير الاقتصاد اللبناني بعد فشل مصطفى أديب في تشكيل حكومة جديدة؟
بالطبع فشل مصطفى أديب أضعف المبادرة الفرنسية، إلا أنه من المتوقع أن يقود سعد الحريري رئاسة الحكومة القادمة، وهو ما أشار إليه الحريري نفسه في إحدى مقابلاته بأنه هو المرشح الطبيعي لهذا المنصب، وأنه يسعى لتشكيل حكومة من الاختصاصيين، وبالتالي يمكن القول بأنه سيأخذ المهمة التي كان يسعى إليها أديب.
وفي حال نجح الحريري في تشكيل الحكومة فإنه ليس أمامه أي خيارات سوى تطبيق برامج صندوق النقد الدولي والذي يتضمن الخصخصة وعمل إصلاحات اقتصادية وإدارية، بالإضافة إلى محاربة الفساد وإصلاح الجمارك والضرائب، وضبط الإجراءات المصرفية والتحويلات الخاصة بالخارج، وبالتالي يمكن القول إنه لا يوجد خيارات وإن الأمور معلبه.

*هل الشعب مستعد لدفع فاتورة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي خاصة مع تفاقم الأحوال المعيشية؟
النظام اللبناني أو السلطة مجزأة بشكل كبير، فهي ليست بيد مسؤول واحد، وبالتالي القرار ليس صعبًا على الشعب بقدر ما هو صعب على القوى السياسية، وباعتقادي فإن الشعب أينما جاء الحل، أو أينما كان قرار صندوق النقد الدولي حتى وإن كان قاسيًا فسيقبل به في سبيل الخروج من الأزمة.    

*هل تتوقع تعويم الليرة اللبنانية وإلغاء دعم المحروقات باعتبارهما أهم شرطين للدائنين الدوليين؟
أعتقد أن المفاوض اللبناني يجب أن يكون شرسًا مع صندوق النقد الدولي في هذه النقاط، وعليه إبداء عدم اعتراضه على المبدأ، ولكن يجب أن يكون اعتراضه على المدة الزمنية من ناحية التطبيق، لأن هذين الشرطين لو تم تطبيقهما بشكل سريع فسيضر ذلك الشعب بصورة كبيرة قد تصل به إلى مرحلة الجوع، كما سيؤدي إلى رد فعل عكسي كبير على ثبات النظام السياسي.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وبالتالي يجب أن يدرك الصندوق أن هناك نقطة معينة لا يجب أن يتم تخطيها، ولا أعتقد أن هناك أحدا يجرؤ على القيام بتلك الخطوتين في هذه اللحظة، لأن رد الفعل سيكون شرسا من قبل الشعب.
    
*مع توقف البنوك عن رد أموال المدخرين، هل يمكن القول إن ودائع عملاء البنوك تبخرت ولا أمل في استردادها، وإن ثقة المودعين انتهت في القطاع المصرفي؟
لم تتبخر ودائع عملاء البنوك ولكن الأمور معقدة جدًا، فالآن لا يوجد دولارات أو عمله صعبة من أجل رد الأموال إلى المودعين، وبالمناسبة هذا حصل في دول العالم الكبرى، فهناك صعوبة في استرجاع أموال الناس بالكامل، فعلى سبيل المثال في بداية انتشار فيروس كورونا نجد أن الولايات المتحدة فرضت سقفاً لسحب الكاش من المصارف، وبالتالي ليس من المنطقي أن يطلب المودعون جميع ودائعهم بالكاش، وعادة المصارف لا تملك سوى 10% من قيمة الودائع كسيولة أو كاش.
ولا بد من إدراك أن قيمة هذه الودائع موجودة، ولكن بالليرة اللبنانية وليس بالعملة الصعبة، نتيجة أن الودائع الدولارية تم إقراضها وتوظيفها في أماكن مختلفة، إلا أن مصرف لبنان قادر على إعطاء قيمتها بالليرة. من هنا التحدّي يتمثل في المحافظة على قيمة الليرة أو إعادة تكوين الودائع بالعملة الصعبة على أن تكون من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ولكن من المؤكد أن المودعين فقدوا الثقة بالقطاع المصرفي وبالدولة أيضا.

المساهمون