تونس: مصانع دواء تستثمر في لقاحات كورونا عبر الشراكة مع شركات عالمية

10 فبراير 2021
محاولات لتطوير صناعة الدواء (فرانس برس)
+ الخط -

يهتم القطاع الخاص ومصنعو الأدوية في تونس بسوق لقاحات كورونا الواعدة، بعد وعود من مخابر عالمية بالتعاون مع مصانع محلية من أجل تصنيع الأمصال في البلاد وتصديرها إلى السوق الأفريقية.

وتأتي هذه الخطوة في إطار مساعي الحكومة لتلبية احتياجات السوق المحلية من اللقاحات وتطوير صناعة الأدوية وتشجيع ضخ مزيد من الاستثمارات فيها.

وبدأت مصانع الأدوية المحلية الإجراءات الإدارية والقانونية من أجل الحصول على التراخيص اللازمة لتصنيع لقاحات كورونا في إطار عقود "مناولة" مع المخابر العالمية الكبرى، حسب مصادر في قطاع الأدوية.

فرصة للمصنعين
وتمثل سوق اللقاحات فرصة جديدة لمصنعي الأدوية في تونس من أجل توسيع نشاطاتهم، عن طريق شراكات مع المخابر العالمية التي تنوي نقل جزء من مراحل تصنيع لقاحات كورونا إلى دول أخرى ومنها تونس.
وتعتبر رئيسة الغرفة التونسية لمصنعي الأدوية، سارة المصمودي، أن خوض مصانع محلية تجربة تصنيع وتعبئة لقاحات كورونا أمر مهم جدا لتطوير صناعة الدواء في البلاد وزيادة الاستثمارات في القطاع.
وقالت المصمودي لـ"العربي الجديد"، إن لدى ما لا يقل عن 3 مصانع دواء تونسية، من بين 32 مصنعا، القدرة على تصنيع اللقاحات والحصول على صفقات مهمة عبر الشراكات مع المخابر الرئيسية.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأكدت رئيسة غرفة مصنعي الأدوية، أن سوق اللقاحات ستمنح صناعة الدواء التونسية فرصا مهمة لنقل التكنولوجيات في صناعة الأمصال، موضحة أهمية الحصول على عقود لتعبئة الأمصال، فيما لا تزال تونس بعيدة عن مرحلة تصنيع المواد الخام للأدوية.
وأضافت المصمودي في سياق متصل، أن لقاحات كورونا تفسح المجال أمام مصنعي الأدوية من أجل تطوير فرعين مهمين؛ يتعلّق الأول بالتصنيع البيولوجي للأمصال والثاني بالتجارب السريرية.
وأفادت رئيسة الغرفة بأن قطاع صناعة الأدوية كغيره من القطاعات الاقتصادية سجّل تراجعا بنحو 10 في المائة في مجموع الصادرات عام 2020 بسبب الغلق الشامل والجائحة الصحية حيث بلغت قيمة تصدير الأدوية 200 مليون دينار، فيما يرتفع مجموع الاستثمارات المتراكمة في صناعة الأدوية 1.5 مليار دينار وفق بيانات رسمية للغرفة.
ويعمل في قطاع الدواء في تونس وفق ذات البيانات 32 مصنعا نشطا، إلى جانب 5 مصانع جديدة تنتظر التراخيص الرسمية للعمل، في المقابل لا يتجاوز عدد المصانع القادرة على صناعة وتعبئة لقاحات كورونا ثلاثة مصانع، فيما يعتبر خبراء البنك الدولي أن هذه الصناعة قادرة على مضاعفة فرص العمل الجديدة، في حال إجراء الإصلاحات وتيسير إجراءات الحصول على تراخيص الأدوية والتصدير.
تشريعات صارمة
وتعد القوانين التونسية لصناعة الدواء وتوريده من أكثر التشريعات صرامة، إذ تجعل لوزارة الصحة اليد العليا في منح تراخيص الاستغلال والتسويق والمراقبة، فضلاً عن احتكار تصدير الأدوية الذي يتم حصرياً عن طريق الصيدلية المركزية.
وقالت المديرة العامة لوحدة الاستثمار وتصدير الخدمات الصحية بوزارة الصحة التونسية، نادية فنينة، لـ"العربي الجديد" إن وزارة الصحة بصدد دراسة طلبات لشراكات بين مصنعين محليين ومخابر أجنبية من أجل تصنيع لقاحات كورونا، مؤكدة أن مستقبل صناعة هذا الصنف من الأمصال يحتاج إلى بعض الوقت من أجل تقييمه بعد إثبات الجدوى والحاجة المستمرة للسوق العالمية للقاحات.

غير أن فنينة اعتبرت أن مصانع الأدوية التونسية قادرة على تحقيق الاستفادة من هذه السوق بالدخول في شراكات مع مخابر عالمية كبرى ونقل تكنولوجيات صناعة وتطوير اللقاحات في تونس وفتح آفاق جديدة لتصدير الأمصال إلى السوق الأفريقية أو دول أخرى وفق تأكيدها.
وقالت إن تونس تستورد جزءا كبيرا من التلاقيح التي تحتاجها السوق المحلية، معتبرة أن تصنيع لقاح كورونا تحت علامات المخابر الدولية سيساهم في تخفيف الضغوط على صادرات الدواء.
وأفادت المديرة العامة لوحدة الاستثمار وتصدير الخدمات الصحية بوزارة الصحة في سياق متصل، بأن معهد باستور الحكومي هو المخبر التونسي الوحيد الذي يصنع الأمصال حاليا في البلاد وهي أمصال "البي سي جي" التي توجه أساسا للسوق التونسية.
زيادة الاستثمارات
تتجه الجهود التونسية نحو رفع قيمة الاستثمارات المخصصة لقطاع الصناعة الدوائية عبر تشجيع إنشاء وحدات صناعية جديدة متطورة، بما يسمح برفع حجم التصدير في السنوات المقبلة عشر مرات عن الأرقام المحققة حالياً.
ووفق بيانات وزارة الصحة، نمت صناعة الأدوية في تونس بمتوسط سنوي قدره 15 في المائة خلال السنوات الأخيرة، وهو أعلى بكثير من المتوسط العالمي.
وتعدّ صناعة الأدوية في تونس من أهم القطاعات الاقتصادية والصحية الواعدة، وتمكنت من تحقيق تطور كبير بالرغم من كل الصعوبات التي شهدتها البلاد.
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن القيمة الإجمالية للعائدات المالية لتصدير الأدوية التونسية تبلغ حوالي 150 مليون دينار سنويا.
كما تشير المعطيات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة إلى أن تونس حققت الاكتفاء الذاتي في تصنيع الدواء المحلي بنسبة 55 في المائة، وسط توقعات بأن ترتفع هذه النسبة إلى حوالي 70 في المائة على المدى القريب.
وتصدّر تونس حاليا ما بين 11 إلى 12 في المائة من إنتاجها المحلي في قطاع الدواء خاصة إلى السوق الأفريقية، كما باعت مصانع الدواء عام 2019 في السوق المحلية 213 مليون وحدة دواء للقطاع الخاص و45 مليون وحدة دواء للمستشفيات الحكومية، حسب بيانات رسمية.