يترقب التونسيون مراجعة حاسمة لصندوق النقد الدولي، الذي ينتظر أن يشهد، مطلع يناير/كانون الثاني المقبل، زيارة وفد له يصفها مراقبون للشأن الاقتصادي بالمهمة، بسبب تزامنها مع المفاوضات التي تجريها الحكومة مع اتحاد الشغل (العمال)، حول زيادة رواتب موظفي القطاع الحكومي.
ويعود خبراء صندوق النقد الدولي إلى تونس، في إطار مهمة إجراء المراجعة الخامسة للاقتصاد والإجراءات الحكومية، التي يتقرر على أساسها تمكين تونس من الحصول على القسط الخامس، البالغ قيمته 255 مليون دولار، من القرض المتفق عليه في 2016، والبالغ إجماليه 2.9 مليار دولار.
وتواجه الحكومة، خلال المراجعة القادمة، مهمة إقناع خبراء صندوق النقد بضرورة زيادة كتلة الأجور، للاستجابة إلى مطالب النقابات العمالية التي تتشبث بتعديل رواتب 650 ألف موظف في القطاع الحكومي، أو الذهاب إلى إضراب عام ثان مقرر في السابع عشر من يناير/كانون الثاني المقبل.
بينما يعتبر صندوق النقد، تجميد كتلة الأجور بندا مهما في وصفة الإصلاحات التي طرحها على الحكومة، معتبرا أن أي زيادة جديدة للرواتب ستدفع الحكومة نحو مزيد من الاستدانة وزيادة العجز في الموازنة العامة.
وقال الوزير المكلف بالإصلاحات الكبرى، توفيق الراجحي، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة سيدة قرارها ولا تخضع لإملاءات صندوق النقد، لكنها مطالبة بالمحافظة على التوازنات المالية للدولة، والإبقاء على نسبة عجز الموازنة في مستويات محدودة العام الحالي"، مشيرا إلى أنه من المستهدف خفض العجز إلى 3.9% في 2019، مقابل 4.9% حاليا.
وتوقع الراجحي، في حال كانت نتائج المراجعة الخامسة إيجابية، أن يوافق مجلس إدارة صندوق النقد، الذي يعقد اجتماعه في فبراير/شباط المقبل، على صرف القسط الخامس من القرض.
وحصلت تونس على 4 أقساط من قرض الصندوق بقيمة 1.139 مليار دولار، بينما ينتظر أن يرفع القسط الخامس هذه القيمة إلى 1.389 مليار دولار.
ورغم حاجة تونس الملحّة لشريحة القرض الخامسة لتمويل جزء من الموازنة، لا سيما في ظل إقرار الحكومة بعدم قدرتها على الاستجابة لمطالب النقابات، إلا أن اتحاد الشغل يرفض كل المبررات التي قد تحول دون زيادة رواتب موظفي الدولة.
ولا تزال وجهات النظر بين الحكومة واتحاد الشغل بشأن قيمة الزيادة متباعدة، حيث يقترح الاتحاد زيادة بين 205 و270 دينار تتوزع على 3 سنوات، بينما تقترح الحكومة زيادة بين 40 و80 دينارا.
وتلتهم كتلة أجور موظفي القطاع الحكومي نحو 14% من إجمالي الناتج المحلي، فيما تسير الحكومة نحو خفض فاتورة أجور القطاع العام إلى 12.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020.
وتقدر كتلة الأجور في القطاع الحكومي، وفق مشروع ميزانية الدولة لعام 2019، بنحو 16.48 مليار دينار (5.88 مليارات دولار).
كانت الحكومة قد توصلت إلى اتفاق مع اتحاد الشغل، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يقضي بزيادة أجور نحو 150 ألف موظف في الشركات الحكومية، إلا أنها قررت تجميد أجور موظفي الوزارات وباقي مؤسسات القطاع العام، بعد تحذيرات صندوق النقد من زيادة الأجور.