يدفع تراجع خدمة النقل العام في تونس نحو طلب قياسي على السيارات، حيث يصل طابور الانتظار لدى وكلاء البيع إلى سنوات.
وعلى مدى العقد الأخير سجلت خدمة النقل العام في تونس تراجعا كبيرا نتيجة تقادم الأسطول وعدم توفر الإمكانات المالية اللازمة لتجديد الحافلات وعربات المترو والقطار التي تجاوزت أعمارها الـ25 عاما.
وتجبر المعاناة اليومية للمواطنين مع النقل نحو البحث عن حلول فردية بشراء سيارات جديدة أو مستعملة ما فجّر الطلب في السوق السيارات التي يتم تمويل شرائها عبر القروض المصرفية وحلول الإيجار المالي.
وحسب بيانات لغرفة وكلاء بيع السيارات، بات الطلب السنوي على العربات في السوق التونسية متراوحا ما بين 70 و75 ألف مركبة مقابل معدل بيع لا يتجاوز 55 ألفا سابقا أي بزيادة لا تقل عن 15 بالمائة.
ويفسر المتحدث الرسمي باسم غرفة وكلاء بيع السيارات إبراهيم دباش زيادة الإقبال على العربات ببحث التونسيين عن حلول فردية تسهل حركتهم داخل المناطق الحضرية نتيجة نقص وسائل النقل العامة وتوسع الشبكة العمرانية.
وقال دباش في تصريح لـ"العربي الجديد" إن وكلاء البيع يسجلون طلبات قياسية على مختلف أصناف المركبات، وهو ما يمدد آجال الانتظار تسلم المركبات لأكثر من 6 أشهر بالنسبة للسيارات العادية فيما يصل طابور الانتظار للعربات الشعبية إلى عدة سنوات.
وتسوق تونس في إطار برنامج اجتماعي يسمى برنامج السيارات الشعبية نحو 10 آلاف عربة سنويا بضرائب مخففة.
ويفيد دبّاش بأن وكلاء بيع السيارات طلبوا من وزارة التجارة توسعة الحصص السنوية بالسماح لهم بتوريد ما لا يقل عن 60 ألف عربة لعام 2024 بعد أن جرى العام الماضي تقييد الواردات والنزول بها إلى مستوى 47 ألف مركبة.
ويرى أن من الضروري استعادة نسق توريد يواكب الطلب من أجل تحقيق أهداف تجديد أسطول المركبات الذي يزيد معدل عمر 50 بالمائة منه عن 10 سنوات.
وأشار دباش في سياق متصل إلى أن النقص في العرض يزيد في توسع السوق الموازية للسيارات التي توفر سنويا ما بين 15 ألفا و20 ألف مركبة.
وتابع: "توفير العرض الكاف من العربات سيساعد على تحسين حركة الأفراد ويقلص من تداعيات التلوث والحوادث الناجمة عن استعمال المركبات القديمة".
يفسر المتحدث الرسمي باسم غرفة وكلاء بيع السيارات إبراهيم دباش زيادة الإقبال على العربات ببحث التونسيين عن حلول فردية تسهل حركتهم
وشهد قطاع النقل التونسي منذ سنوات تردي الخدمات بفعل تفاقم الديون وتقادم الأسطول بالتوازي مع ارتفاع مخصصات أجور الموظفين في ظل أزمة اقتصادية استحالت معها فرص إنعاش هذا القطاع الحيوي، الأمر الذي دفع العديد من الشركات إلى دوامة الإفلاس.
وفي وقت سابق كشف مسؤولون نقابيون عن "تراجع أسطول الحافلات الذي يؤمن النقل في مدن تونس الكبرى من 678 حافلة سنة 2021 إلى 239 حافلة فقط هذا عام 2022 كما تراجع عدد عربات المترو الصالحة للنقل من 60 عربة إلى 15 عربة فقط خلال الفترة ذاتها".
ويرى الخبير الاقتصادي مراد الحطاب، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن أزمة النقل في تونس ناجمة عن سوء تخطيط لتغطية خريطة النقل التي لم تواكب التوسع العمراني، مشيرا إلى أن الحواضر الكبرى تعتمد على النقل الحديدي (السكك الحديدية) لنقل الأشخاص بينما يسجل النقل الحديدي في تونس تراجعا كبيرا.
وأفاد الحطاب في سياق متصل أن ترهّل خدمة النقل العام قابله طلب متصاعد على النقل الفردي بشراء العربات ممولة عبر القروض البنكية أو أصناف أخرى من التسهيلات المالية.
واعتبر أن توسيع أسطول العربات الفردية خلق أيضا مشاكل اختناق مروري بسبب ضعف في التخطيط العمراني للمدن.