تونس: خطة لإنقاذ صناعة السكر وكبح الاستيراد

11 ديسمبر 2023
تونس أنفقت 235 مليون دولار على استيراد السكر في 10 أشهر (Getty)
+ الخط -

تسعى سلطات تونس إلى إنقاذ صناعة السكر، وسط أزمة تعيش على وقعها الأسواق منذ أشهر، ما انعكس بشكل سلبي على القطاعات المستهلكة للمادة الحيوية في سلة التونسيين وصناعاتهم الغذائية.

وعانت أسواق تونس التي تحتاج سنوياً إلى نحو 360 ألف طن من السكر من نقص هذه السلعة الرئيسية تحت تأثير ارتفاع الأسعار في السوق العالمية وعدم قدرة المصانع المحلية على مسايرة احتياجات المستهلكين.

وتقوم منظومة الإنتاج المحلية على ثلاثة مصانع أكبرها حكومي ومصنعان تابعان للقطاع الخاص، أحدهما يشهد تعثراً ماليا تسبب في إغلاقه .

وتعوّل السوق بدرجة كبيرة على إنتاج المصنع الحكومي الذي يوفر يومياً ما بين 650 و700 طن موجهة للاستهلاكين المنزلي والصناعي، غير أن المصنع الذي يعود تاريخ إنشائه إلى عام 1960 بات يواجه بدوره إشكاليات ناجمة عن تقادم الآلات ما تسبب في هبوط قدرته على الإنتاج خلال السنة الحالية إلى 300 طن يومياً. وترمم السلطات النقص في هذه السلعة باللجوء إلى الاستيراد من الجزائر ومصر.

وفي أعقاب زيارة قام بها الرئيس قيس سعيد في الخامس من ديسمبر/كانون الأول الجاري إلى مصانع الشركة التونسية للسكر الحكومية في محافظة باجة شمال غرب البلاد، أعلنت الرئاسة في بيان نشرته على صفحتها الرسمية "ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ الشركة.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وقال عضو النقابة الأساسية لشركة السكر الحكومية أحمد الوحيشي، إن إنقاذ الشركة سيعيد التوازن للسوق، نظراً لقدرتها على تغطية الاحتياجات وتوفير موارد هامة من العملة الصعبة تستنزف في الاستيراد.

وأكد الوحيشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، ضرورة ضخ تمويلات لإعادة تجديد المصنع، لافتا إلى مرور نحو 30 عاماً على آخر عملية تجديد في عام 1993. وأشار إلى أن تقديرات كلفة تجديد المعدات تصل إلى 50 مليون دينار (حوالي 16 مليون دولار)، بينما يرتفع المبلغ الإجمالي لإعادة تأهيل المؤسسة إلى 70 مليون دينار (22.5 مليون دولار) باحتساب ديون الشركة.

واعتبر أن الاستثمارات المتوقع ضخها لإنقاذ صناعة السكر المحلية ستساعد على خفض كلفة واردات هذه السلعة على المدى القصير والمتوسط إلى جانب زيادة الطاقة التشغيلية للمصنع. وتقوم صناعة السكر في تونس على الإنتاج الشامل للسكر المستخرج من الشمندر السكري بمعدل 15 ألف طن سنوياً، بينما تتولى وحدة التصنيع الحكومية تكرير ما بين 150 و180 ألف طن من السكر المورد الخام، وهو ما يمثل 45% من الإنتاج المحلي.

وترتبط بصناعة السكر العديد من الأنشطة الاقتصادية التي تخلق آلاف فرص العمل في القطاعين الصناعي والخدماتي في تونس، كما يؤثر تعثرها على الواقع الاجتماعي في المحافظات التي تتركز فيها وحدات الإنتاج.

وتسبب تراجع الصناعة المحلية للسكر في زيادة الواردات خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي وفق أرقام رسمية بنسبة 48% على مستوى الكميات و67% على أساس القيمة التي بلغت 728 مليون دينار (حوالي 235 مليون دولار)، مقابل 436 مليون دينار في 2022 و204 ملايين دينار في 2021 .

وفسر الخبير الاقتصادي مراد الحطاب، الزيادة الكبيرة في الانفاق على توريد السكر بالانفلات العالمي للأسعار التي وصلت إلى حدود 700 دولار للطن في بورصة لندن ما تسبب في إثقال فاتورة الواردات.

وقال الحطاب لـ"العربي الجديد" إن تراجع الإنتاج عبر منظومة التصنيع المحلية، سواء عبر تكرير المواد الخام أو صناعة السكر المستخرج من الشمندر السكري يضغط على الموازنة العامة ورصيد العملة الصعبة، فضلا عن الكلفة الصحية للاستهلاك المكثف للسكر، معتبرا أن قيمة واردات السكر خلال الأشهر العشرة الأولى من السنة الجارية قادرة على إنشاء مصنعي سكر جديدين.

ويبلغ الاستهلاك السنوي من السكر للتونسيين 360 ألف طن، أي بمعدل استهلاك يومي يقدر بألف طن يذهب نصفه إلى الصناعيين والحرفيين، والنصف الآخر إلى الاستهلاك المنزلي.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أقرت السلطات زيادة في سعر السكر الموجه للصناعيين ليصل إلى 2.9 دينار للكيلوغرام، مقابل مواصلة دعم السكر الموجه للاستهلاك الأسري الذي يباع بـ 1.3 دينار للكيلو. ويصنّف التونسيون من الشعوب المستهلكة للسكر وفق المعدلات العالمية، حيث يبلغ استهلاك الفرد الواحد نحو 15 كيلوغراما سنوياً.

المساهمون