تسعى سلطات تونس والعاملون في قطاع السياحة إلى الخروج بأخف الأضرار من ارتدادات عملية استهداف معبد الغريبة بجزيرة جربة، تزامنا مع موسم الزيارة السنوية لليهود إلى المزار الواقع جنوب شرق تونس.
وخلال ليلة أول من أمس، شهدت الجزيرة السياحية عملية مسلحة أسفرت عن قتل ضابطي أمن من الشرطة التونسية واثنين من زوار المعبد، أثناء محاولة حارس أمن مسلّح الوصول إلى كنيس يهودي في جزيرة جربة قبالة الساحل التونسي.
وقالت وزارة الداخلية في بلاغ لها إن "أمنيا ينتمي إلى سلك الحرس في مركز بحري قتل برصاص زميل له، قبل أن يتجه هذا الأخير نحو الكنيس وفتح النار بشكل عشوائي". وأفادت الوزارة بأن منفّذ العملية قتل أثناء تبادل لإطلاق النار مع الشرطة التونسية.
وعاشت جزيرة جربة، أحد أهم المواقع السياحية في تونس، خلال الأسبوع الحالي، على وقع احتفالية حج الغريبة الذي استقطب أكثر من 7 آلاف سائح من مختلف بلدان العالم وسط تفاؤل بموسم سياحي واعد.
وعاد موسم حج الغريبة هذا العام بقوة بعد عامين من الغلق نتيجة الجائحة الصحية، حيث سجلت الوحدات الفندقية في المنطقة نسبة إشغال عالية، وارتفعت الحجوزات بما يزيد عن 70 بالمائة، بحسب عاملين في قطاع السياحة.
ويمثل الموعد السنوي للغريبة حدثا مهما للموسم السياحي بالنسبة للمهنيين الذي يعوّلون هذا العام على استعادة المعدلات للسياحة، لفترة ما قبل جائحة كورونا في 2019، التي شهدت توافد أكثر من 9 ملايين سائح إلى البلاد.
وأمس الأربعاء، أعلن وزير السياحة محمد المعز بلحسين، في تصريح نقلته وكالة الأنباء الرسمية "وات" تواصل كل الرحلات المبرمجة قدوما ومغادرة نحو تونس وجزيرة جربة على نسقها العادي دون أي تغيير أو إلغاء للحجوزات على خلفية حادثة الغريبة. وقال إن "الحجوزات أيضا حافظت على نسقها دون أي إلغاء بما يعتبر مؤشرا إيجابيا".
وخلال الربع الأول من السنة الحالية، ارتفعت إيرادات السياحة في تونس، لتتجاوز مليار دينار، أي حوالي 326.7 مليون دولار، وفقاً لبيانات صادرة عن البنك المركزي التونسي، وخلال الثلاثة أشهر الأولى من العام الجاري، حقق هذا القطاع الحيوي نمواً في العائدات بنسبة 64.4 في المائة، مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2022.
وأبدى رئيس الجامعة الجهوية للنزل في جربة جرجيس، جلال الهنشيري، تفاؤلا بتواصل المؤشرات الإيجابية للموسم السياحي الجديد مع مواصلة كل السواح الموجودين بالجزيرة مدة إقامتهم بها عقب الحادثة التي خلفت ضحايا في صفوف الأمنيين وزوار معبد الغريبة.
وقال الهنشيري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن مهنيي السياحية سيواصلون جهودهم من أجل إنجاح الموسم واستعادة الوجهة التونسية لمكانتها ضمن خارطة السياحة العالمية.
بدوره، اعتبر عضو الجامعة العامة لوكالات الأسفار، ظافر لطيف، أن عدم تسجيل ردود فعل من الأسواق السياحية يؤكد استمرار النسق الإيجابي للموسم السياحي.
وأكد لطيف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن التعاطي الشفاف للسلطة مع حادثة الغريبة يبعث برسائل طمأنة للأسواق السياحية الخارجية، مشيرا إلى عدم تسجيل إلغاء للحجوزات من قبل متعهدي الرحلات.
وتعمل تونس في السنوات الأخيرة على تحسين الاستغلال لإمكاناتها السياحية وتنويع العرض، مستفيدة من تنوعها الجغرافي لتقديم خدمات متنوعة وعدم الاكتفاء بالسياحة الساحلية التي بقيت لسنوات الوجهة الوحيدة الجاذبة للأجانب.