تونس تستبق موازنة 2024 برفع أسعار الأرز والشاي

07 نوفمبر 2023
ورغم المنحى التنازلي للتضخم لم تعرف أسواق تونس تراجعاً في أسعار المواد الغذائية (Getty)
+ الخط -

أقرت سلطات تونس زيادة في أسعار الأرز والشاي لدى تجار البيع بالجملة والتجزئة، قبل أسابيع قليلة من مصادقة البرلمان على مشروع قانون موازنة 2024 الذي من المفترض أن تُخفض بمقتضاه نفقات دعم المواد الأساسية بنسبة 5.6%.

ووجهت وزارة التجارة إلى مصالحها الجهوية إعلاماً بالأسعار الجديدة للأرز والشاي التي بدأ اعتمادها بداية الأسبوع الحالي، حيث شملت الزيادة مختلف أصناف الأرز الذي يتولى ديوان التجارة الحكومي توريده من صنفي التايلاندي والبسمتي، إلى جانب زيادة في أسعار أصناف الشاي التي تحتكر المؤسسة ذاتها توريده.

وبمقتضى القرار الحكومي أصبح سعر الكيلوغرام الواحد من الأرز التايلاندي 2.8 دينار، بينما وصل سعر الأرز البسمتي وهو الأقل تداولاً في السوق 6.5 دنانير. (الدولار= 3.1425 دنانير).

كما زاد سعر الكيس سعة 250 غراماً من الشاي الأحمر إلى 3 دنانير، مقابل 4.2 دنانير لسعر الكيس وزن 150 غراماً من الشاي السريلانكي.

والشاي من المشروبات الساخنة الشعبية ويستهلك بكثافة في تونس، سواء من قبل الأسر أو في المقاهي وصالونات الشاي والمحلات السياحية.

ويسبق رفع في أسعار سلعتي الأرز والشاي المدعومتين من الحكومة التي صادقت على قانون الموازنة لسنة 2024 الذي خفضت ضمنه السلطات مخصصات دعم المواد الأساسية إلى 3.5 مليارات دينار، أي ما يعادل 1.1 مليار دولار مقابل 3.8 مليارات دينار للعام الحالي، أي زهاء 1.2 مليار دولار بتراجع 5.6%.

وتسجل أسعار الغذاء في تونس مستويات قياسية رغم تراجع نسبة التضخم إلى مستوى 8.6% خلال أكتوبر/ تشرين الأول الماضي مقابل 10.1% في فبراير/ شباط الماضي.

ورغم المنحى التنازلي للتضخم، لم تعرف أسواق تونس تراجعاً في أسعار المواد الغذائية، لا سيما الخضر والفواكه واللحوم والبيض، ما يسبب ضغوطاً كبيرة على الأسر التي دخلت معركة مستمرة مع الغلاء.

وعلى امتداد العام الحالي غابت عن أسواق تونس مواد تموينية متعددة يحتكر ديوان التجارة الحكومي توريدها، ومن أبرزها القهوة والشاي والأرز، إلى جانب اضطراب في التزويد بالمعجنات والخبز وارتفاع أسعار الخضروات والغلال ومختلف أنواع اللحوم والأسماك.

ويورد الديوان التونسي للتجارة سنوياً أكثر من 3500 حاوية من المواد الغذائية، من بينها أكثر من 1000 حاوية لمادة الأرز، حيث يبلغ الاستهلاك الوطني السنوي من مادة الأرز حوالي 27 ألف طن.

ويحتفظ الديوان بمخزون استراتيجي في حدود شهرين ونصف من الاستهلاك الوطني، أي ما يعادل 6 آلاف طن موزعة بين مخازن الديوان على أنحاء البلاد كاملة ووحدات التعليب والموانئ.

ووفق مشروع قانون الموازنة لسنة 2024 ستبقي تونس على نفقات الدعم المخصصة للغذاء والمحروقات، وهي خطوات معاكسة تماماً لطلبات صندوق النقد الدولي التي قوبلت برفض قاطع من الرئيس التونسي قيس سعيّد، إذ قال إنها تهدد السلم الأهلي في البلاد.

ويعارض صندوق النقد الدولي الإبقاء على حجم الدعم الذي يفوق 6% من الناتج المحلي، معتبراً أن طريقة اعتماده غير عادلة اجتماعياً بتاتاً، كما طالب في أكثر من مناسبة المرور إلى مرحلة إنهاء دعم المواد الأساسية والطاقة.

ويرزح الاقتصاد التونسي تحت عوامل سلبية عدّة، من أبرزها "الجفاف المستمرّ، وتحديات التمويل الخارجي، وتواصل تراكم الديون المحلية لأهم المؤسسات العموميّة، والعقبات التشريعية.

وتشهد تونس، منذ مطلع العام، جفافاً أدّى إلى انخفاض الإنتاج الزراعي، القطاع المهمّ في اقتصاد البلاد، وتراجع إنتاج الكهرباء، بسبب جفاف السدود التي تراجعت مخزوناتها إلى مستوى 24%.

وبحسب "تقرير المرصد الاقتصادي لتونس لخريف 2023"، فقد بلغ معدّل النمو الاقتصادي في تونس في النصف الأول من العام 1.2% بمعدّل سنوي، أي أقلّ بمقدار نصف ما كان عليه في 2022، ورُبع ما كان عليه في 2021، عام التعافي بعد الأزمة الناجمة عن جائحة كورونا.

ويقول الخبير الاقتصادي خالد النوري إن الزيادة في أسعار هاتين المادتين يمكن أن تكون مقدمة لرفع الدعم والتوجه نحو الأسعار الحقيقية في مواد لا تشكل أهمية كبيرة في سلة غذاء التونسيين، ولا تدفع نحو توترات اجتماعية.

وتابع النوري في تصريح لـ"العربي الجديد" أن التوجه نحو الأسعار الحقيقية لبعض المواد الأساسية تفرضه أيضاً الزيادات العالمية في أسعار هذه المواد التي تشهد مضاربة وندرة كبيرة في الأسواق العالمية، لا سيما بعد حظر الهند تصدير الأرز.

واعتبر الخبير الاقتصادي أن الأرز لا يحتل موقعاً مهماً في سلة الغذاء التونسية بمثل الأهمية التي تكتسيها المعجنات على غرار المعكرونة والكسكسي.

المساهمون