كشفت وثيقة مشروع موازنة تونس لعام 2024 نية السلطات مواصلة دعم المحروقات والطاقة بمخصصات تبلغ 7.086 مليارات دينار (نحو 2.2 مليار دولار) مقابل نحو 7.030 مليارات دينار خلال العام الحالي الذي لم يشهد أي زيادة في سعر المحروقات والطاقة.
وأبرزت وثيقة الموازنة المنشورة على الموقع الرسمي للبرلمان أن 4 مليارات دينار من نفقات دعم المحروقات والطاقة ستوجه لفائدة شركة الكهرباء والغاز الحكومية من أجل تحسين أدائها في خدمة توفير الكهرباء بينما سيوجه باقي الدعم لفائدة شركة صناعة التكرير.
فاتورة المحروقات
وقالت الوثيقة إن الحكومة تخطط عبر التوجهات التي رسمتها في ميزانية 2024 إلى مواصلة توفير الدعم للمحروقات والكهرباء مع العمل على مزيد التحكم في هذه النفقات.
وسيتجسد ذلك أساسا عبر تطبيق أنظمة مراقبة استهلاك الوقود في القطاع العمومي وتفعيل البرامج التوعوية لترشيد استهلاك المواد البترولية إلى جانب إجراءات لتحسين الأداء والتحكم في تكلفة الإنتاج واتخاذ العديد من الإجراءات الجبائية للتشجيع على استخدام الطاقات البديلة والنظيفة لا سيما الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وتتركز التوجهات، كذلك، على تشجيع استثمار القطاع الخاص في إنتاج الكهرباء وخاصة في مصادر الطاقة المتجددة وإنشاء هيئة تعديلية لحوكمة قطاع الكهرباء ومراقبته. وبسبب الاضطرابات التي شهدتها أسواق النفط العالمية خلال العامين الماضيين، تكبدت تونس فاتورة عالية من نفقات دعم المحروقات التي بلغت لأوّل مرة 5.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2022، ونسبة 4.4 بالمائة من الناتج المحلّي الإجمالي متوقع في 2023.
ومنذ إبرام حكومة الحبيب الصيد للاتفاق المالي مع صندوق النقد الدولي سنة 2016 تحث مؤسسة التمويل الدولية سلطات تونس على رفع الدعم عن الكهرباء والمرور إلى الأسعار الحقيقية من أجل التقليص من عجز الموازنة وتحسين التوازنات المالية للدولة.
وتقوم الحجة الأساسية لصندوق النقد الدولي لاشتراط تفعيل سياسة رفع الدعم على المحروقات على أن نظام دعم المحروقات الحالي غير عادل لأنه يفيد الأسر الأكثر ثراء والمالكة للسيارات على حساب بقية الفئات الهشة، لكن الوقود منتج حيوي يؤثر على عدة قطاعات من النشاط الاقتصادي.
وشهدت تونس خلال عام 2022 خمس زيادات متتالية لسعر المحروقات، بزيادة 3 % في فبراير/ شباط و3 % في مارس /آذار و 5% في أبريل /نيسان ثم 3.9% في منتصف سبتمبر/ أيلول ثم 6.25 % في نوفمبر/ تشرين الثاني قبل أن تعلّق الزيادات على امتداد سنة 2023.
ومنذ بداية شهر مارس/ آذار 2020، تعتمد تونس في تعديل أسعار المحروقات على قرار وزير الطاقة ووزير المالية، الذي أوكل قرار تحديد الأسعار إلى اللجنة الفنية المكلفة ضبط أسعار بيع المواد البترولية ومتابعتها.
وينص أحد فصول القرار على ألا يتجاوز التعديل شهرياً نسبة 1.5% السعر المعمول به وقت التعديل.
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي عاشت البلاد أياما على وقع نقص البنزين قبل أن تنفرج الأزمة بعد التوصل إلى حلول لسداد فواتير الطاقة والسماح للبواخر بإفراغ حمولاتها في الموانئ.
ارتفاع مستحقات الدين
كما أظهرت الوثيقة، أن تونس ستسدد ديونا خارجية بقيمة 12.3 مليار دينار (3.9 مليارات دولار) في 2024، وذلك بزيادة 40 % عن 2023 ، كما يبلغ الدين الداخلي الذي يتعين على تونس سداده العام المقبل 12.386 مليار دينار.
وتتوقع الحكومة أن يصل تراكم الدين العام في 2024 إلى نحو 140 مليار دينار، أي نحو 79.8% من الناتج المحلي الإجمالي، ارتفاعا من 127 مليار دينار.
وكان يفترض أن تبدأ تونس هذا العام في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي يشمل خفض دعم سلع غذائية ودعم الطاقة، غير أنها لم تطبّق بعد أي زيادة جديدة في أسعار المحروقات منذ بداية العام 2023 بعد رفض الرئيس قيس سعيد تنفيذ أي إصلاحات يطلبها صندوق النقد الدولي ترهق القدرة الشرائية للمواطنين.
وتعرضت تونس لضغوط من صندوق النقد الدولي ورفعت أسعار المحروقات عدة مرات وقامت بمأسسة الرفع الآلي للدعم من خلال التعديل الآلي الشهري للأسعار من أجل تقليص الفجوة بين سعر البيع في المضخة وسعر الشراء الدولي.
(الدولار= 3.16 دنانير)