تونس تتوسع ضريبياً: إلزام 26 مهنة بتقديم إقرارات للدخل

16 نوفمبر 2022
الحكومة تعتزم التوسع في تحصيل الضرائب بالحد من التهرب (فرانس برس)
+ الخط -

ألزمت الحكومة التونسية 26 نشاطاً مهنياً بتقديم ما يثبت الدخل لمحاسبتها ضريبياً، بعدما كانت تتعامل بنظام جبائي تقديري مع هذه الأنشطة، الأمر الذي اعتبره خبراء أنه يأتي في إطار التوسع في تحصيل الضرائب والحد من التهرب لزيادة العوائد المالية وسد جزء من عجز الموازنة المتفاقم.

وسيُجبر العاملون في هذه المهن بداية من يناير/ كانون الثاني المقبل على التصريح بحقيقة دخولهم، بعد أن أدرجتهم وزارة المالية ضمن الأمر الحكومي الذي حدد قائمة الأنشطة المستثناة من الانتفاع بالنظام التقديري في المحاسبة الضريبية.

وشملت القائمة التي اطلعت عليها "العربي الجديد" كلاً من أنشطة صنع الإسمنت الجاهز للاستعمال، وقصّ الرخام، صناعة المواد الحديدية، صناعة وتحويل البلاستيك، صناعة عجين الورق والورق المقوى، تعليب الخضر والغلال، معاصر وتعليب زيت الزيتون، تجارة الألمنيوم، تجارة وسائل النقل المستعملة، تجارة الحشايا (تجهيزات الأثاث)، بيع الفواكه الجافة، بيع الخردة والقطع المستعملة، بيع اللحوم الحمراء ومشتقاتها.

وشملت القائمة أيضاً أنشطة مكاتب الصرافة، ونقل العملة، محلات توزيع المحروقات، الإقامات العائلية، الاستضافات العائلية، وكالات الإشهار، تنظيم الصالونات والمعارض، المقاهي بمختلف أصنافها، ورش إصلاح محركات السيارات، ورش طلاء السيارات، كهرباء السيارات، تأجير العقارات المؤثثة.

وسابقاً كانت هذه المهن تخضع بمقتضى مجلة (قانون) الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات بنظام تقديري على الدخل. غير أن هذا النظام واجه على مدى سنوات انتقادات كثيرة، باعتباره إحدى وسائل التهرب الضريبي القانونية في مهن مربحة.

يقول الخبير الضريبي أنيس الوهابي لـ"العربي الجديد" إنه كان يفترض أن تخضع هذه المهن من البداية لقاعدة التصريح الضريبي على الأرباح الحقيقية، مشيراً إلى أن الاتهامات التي تلاحق المهنيين في هذه الأنشطة بالتهرب الضريبي ناجمة عن الجهل بالقواعد الضريبية المعتمدة من قبل المشرع التونسي.

يقوم النظام الجبائي في تونس على مبدأين: الأول هو النظام التقديري، أي التصريح التلقائي بالمداخيل والأرباح ودفع الأداء المناسب، والثاني، هو النظام الحقيقي للضرائب. غير أن أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية عبد الجليل البدوي، يؤكد أن التهرب الضريبي متاح في النظامين التقديري والحقيقي، معتبراً أن ضعف أجهزة الرقابة على المتخلفين ضريبياً من أبرز أسباب التي تحول دون مكافحة هذا الصنف من المخالفات.

ويضيف البدوي لـ"العربي الجديد" أن النظام التقديري لا يوفر الآليات الكافية للتثبت من المداخيل الحقيقية للمؤسسات أو المهن المدرجة ضمنه، وهو ما يفسر هروب العديد من المهن نحو هذا النظام. وتواجه تونس صعوبات كبيرة في تحصيل عائدات الضرائب، وفق دراسة نشرها المعهد التونسي للقدرة التنافسيّة والدراسات الكمية الحكومي عام 2020.

وأشارت الدراسة إلى أنه يتعين على السلطات العمومية الحفاظ على الموارد المتأتية من الضرائب التي تدعم التوازنات المالية مع إرساء منظومة ضريبية عادلة. ويقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمن اللاحقة، إن أكبر إشكال في النظام الجبائي التونسي يتمثل بالتهرب، مضيفاً لـ"العربي الجديد"، أن إصلاح النظام الجبائي للمهن الحرة لن يحل مشاكل تونس المالية، لكنه يأتي في إطار الإصلاحات المهمة للعدالة الجبائية بين مختلف الشرائح الاجتماعية.

وعام 2018 اقترح مشروع قانون المالية (الموازنة العامة للدولة) التخلي عن النظام الجبائي التقديري، الذي يضم 350 ألف مُطالب بالأداء، غير أن البرلمان أسقط المقترح تحت ضغط من المنظمات المهنية. ويمثل المنضوون تحت النظام الجبائي التقديري أكثر من 50% من المطالبين بالأداء، ولا يساهمون إلا بقسط قليل من المداخيل الضريبية، بينما يتحمل المنضوون تحت النظام الجبائي الحقيقي القسم الأكبر من العبء الضريبي.

وتشمل خطة الإصلاح الاقتصادي التي أعلنتها حكومة نجلاء بودن أخيراً، بنوداً تتعلق بالإصلاح الضريبي، من بينها توسيع القاعدة الضريبية. وتعاني تونس من أزمة اقتصادية ومالية فاقمتها تداعيات الأزمة الصحية والحرب الروسية الأوكرانية.

المساهمون