تونس: الإيجارات الصيفية سوق سياحية موازية بلا ضرائب

23 يوليو 2024
سياح يزورون سوق الحرف اليدوية في منتجع جربة يوم 11 مايو 2023 (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **ارتفاع الطلب والأسعار**: يشهد سوق الإيجارات الصيفية في المناطق الساحلية التونسية طلباً مكثفاً من السياح، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار، حيث يصل إيجار الليلة الواحدة إلى 400 دولار.

- **تباين الأسعار بين المناطق**: تختلف أسعار الإيجارات بشكل كبير بين المناطق، حيث تصل إلى 1250 ديناراً في سوسة، 1000 دينار في الوطن القبلي، و750 ديناراً في جربة، مما يعكس اختلافات في جاذبية المناطق السياحية.

- **التحديات القانونية والضريبية**: يواجه السوق تحديات تتعلق بالتهرب الضريبي وغياب الأطر القانونية، حيث يتم تأجير العقارات غالباً دون تعاقد رسمي، مما يتيح للمؤجرين تحقيق مكاسب كبيرة دون التزامات ضريبية.

يستفيد أصحاب العقارات المعدة للإيجار في المناطق الساحلية التونسية من الطلب المكثف على إيجارات الشقق والفيلات المعدّة للاصطياف التي تشهد انفلاتاً غير مسبوق في غياب الأطر القانونية لحماية حقوق المواطنين، يتميز سوق الإيجارات الصيفية في تونس بديناميكية وتنوع.

يأتي ذلك، مدفوعاً بجاذبية الطلب المحلي والخارجي على هذا الصنف من الإقامات السياحية الذي يتجه نحو منافسة القطاع المنظم توجّهاً جدّياً. ومع زيادة الطلب يطلق أصحاب الأماكن المعدة للإيجار الصيفي العنان للأسعار في أشهر الذروة الصيفية، إذ يصل معدل إيجار الليلة الواحدة إلى نحو 400 دولار في بعض المناطق، وهو ما يعادل متوسط الأجر الشهري للموظف الحكومي في تونس.

قفزة الإيجارات

وتكشف دراسة حديثة أصدرها موقع "مبوّب" (منصة عقارية متخصصة) أن أسعار الإيجارات في الشقق والفيلات السياحية وصلت هذا العام إلى مستوى 1250 ديناراً لليلة الواحدة بمحافظة سوسة. وقالت الدراسة: أسعار الإيجار الصيفي في جهة الساحل الذي يعد واحداً من أهم المواقع السياحية في البلاد تشهد تبايناً ملحوظاً حيث تتميز منطقة "القنطاوي" بسوسة بالأسعار الأكثر ارتفاعاً لليلة الواحدة لفئة الفيلات التي تحتوي على مسبح لتتراوح الأسعار بين 600 دينار و1250 ديناراً أي ما بين 200 و400 دولار.

وكشفت الدراسة أن أسعار الإيجارات في منطقة الوطن القبلي شمال شرق البلاد يمكن أن تصل إلى 1000 دينار أي نحو 330 دولاراً لليلة الواحدة في الفيلات التي تحتوي على مسابح وذلك بجهة قليبية. أما جنوب البلاد فيمكن أن ينخفض سعر إيجار الليلة في الفيلات المجهزة بالمسابح إلى 750 ديناراً، أي نحو 250 دولاراً في مدينة جربة، بينما يقترب إيجار الليلة في شقة من 120 دولاراً.
وتؤيد شهادات جمعتها "العربي الجديد" من سياح محليين ما أورده موقع مبوّب حول ارتفاع معدلات إيجار المساكن الصيفية، حيث أبدى أصحاب الشهادات قلقاً من شطط الأسعار.
وتتم عملية الإيجار عبر وسطاء متخصصين أو عن طريق الإعلانات التي ينشرها أصحاب المحلات على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يبرم الاتفاق بين صاحب العقار والمؤجر من دون أي شكل من أشكال التعاقد الرسمي ما يمكن المؤجرين من تحقيق مكاسب عالية في ظرف وجيز من دون أي التزام ضريبي.

وبحسب الأسعار التي أوردها موقع مبوّب يمكن أن يصل مداخيل تأجير محلّ واحد على امتداد شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب بشكل مسترسل إلى أكثر من 60 ألف دينار أي نحو 20 ألف دولار بمعدل 1000 دينار لليلة الواحدة.
ويساعد الطلب السنوي المتزايد على المساكن المعدة للإيجار الصيفي المستثمرين على بناء إقامات مخصصة مستفيدين من إفلات هذا النشاط من الرسوم الضريبية مقابل جني أرباح كبيرة.

ويلزم النظام الضريبي في تونس أصحاب العقارات المعدة للإيجار السكني على دفع رسوم بقيمة 15% من كامل مبلغ الإيجار، ويكون ذلك في حال كان مالك العقار مكلفاً ضريبياً.

سوق موازٍ

يقول الخبير الاقتصادي مراد الحطاب، إن سوقاً سياحية موازية بصدد التشكل في تونس، حيث تستأثر المساكن المعدة للمصطافين بنحو 15% من رقم معاملات النزل، بينما يصل التهرب الضريبي في هذا النشاط إلى نحو 95%.

وأكد الحطاب في تصريح لـ"العربي الجديد" أن قفزة أسعار الفنادق ساعدت على زيادة الطلب على الإيجارات الصيفية في المناطق الساحلية، مشيراً إلى أن من الصعب هيكلة هذا النشاط الذي يصنّف ضمن الأنشطة الاقتصادية الموازية.
وأضاف أنه "من الصعب جداً هيكلة سوق الإيجارات الصيفية نظراً إلى عوامل متعددة من بينها موسمية النشاط وصعوبة التدقيق في استخدامات المساكن، فضلاً عن عدم التزام المسوغين بقوانين الإيجارات والضرائب والتأمينات". ويرى الخبير الاقتصادي أنه أصبح من الممكن الحديث عن سياحة غير نظامية في تونس. واعتبر أن المساكن المعدة للإيجار الصيفي منافس مهم للسياحة الفندقية والمنتجعات السياحية والإقامات الخاضعة لإشراف السلطة السياحية في البلاد والنظام الضريبي القانوني.
وهذا العام زادت تونس بمقتضى قانون الموازنة لعام 2024 رسوم الإقامة للسياح الأجانب، كما وسّعت ميدان تطبيقه ليشمل علاوة على النزل السياحية، كل المؤسسات السياحية المختصة في الإقامة وكل المحلات الأخرى المعدة للإيجار.
وجرى رفع رسوم الإقامة للسياح الأجانب لكل ليلة بنزل سياحية بحسب تصنيف النزل وذلك بمبالغ تتراوح ما بين 4 و12 ديناراً.
وبحسب الدراسة التي نشرها موقع مبوّب تعدّ منطقة الحمامات الأكثر طلباً من التونسيين للإيجار الصيفي سواء للشقق أو الفيلات. بينما تحتل مدينة قليبية المرتبة الثانية في نتائج البحث عن الشقق، في حين تجذب جربة خاصة الباحثين عن فيلات للإيجار خلال الموسم الصيفي. ويقول الموقع إن الطلب الأجنبي جاء أساساً من التونسيين المقيمين في الخارج، ويستأثر السياح الجزائريون بنسبة 34% من الطلب على الإيجارات الصيفية يليهم الفرنسيون بنسبة 22%.
وتعرف سوق إيجار العقارات في تونس انفلاتاً غير مسبوق متجاوزة قدرات المواطنين الإنفاقية، وسط اتهامات للسماسرة بتحويل السوق إلى ساحة للمضاربة بالأسعار على حساب حق المواطنين في سكن مؤجّر. وتحوّل غلاء الإيجارات في تونس إلى ما يشبه كرة الثلج المتضخمة دوماً، يقابلها تراجع دخول المواطنين بفعل التضخم وتداعيات الأزمة الاقتصادية، في ظل غياب قوانين تحمي المستأجرين من سيطرة السماسرة والمضاربين على السوق.

المساهمون