تراكمت الأزمات على تونس خلال العام الجاري، خاصة المرتبطة بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية، ليأتي شحّ المياه بفعل عوامل طبيعية، وأخرى مرتبطة بالتغير المناخي، لتحول البلاد إلى فقيرة مائياً.
في مقابلة مع "الأناضول"، قال مسؤول حكومي تونسي، إن بلاده تعاني فقراً مائياً، حيث لا تتجاوز كمية المياه في السدود 30 بالمئة من طاقتها التخزينية.
وذكر المدير العام للسدود في وزارة الفلاحة التونسية، فايز مسلّم، "أن تونس تعاني من نقص في الإيرادات المائية مقارنة بالمعدلات السنوية، حيث لم تتجاوز نسبة الامتلاء 40 بالمئة لإجمالي 37 سدّاً مستغلاً في البلاد".
وقدر مسلّم كمية المياه المخزنة في السدود، حتى تاريخ 24 سبتمبر/أيلول الجاري، بنحو 703 ملايين متر مكعب، تمثل 30.4 فقط من الطاقة التخزينية.
ويتركز نحو 630 مليون متر مكعب منها (إجمالي المياه المخزنة) في سدود الشمال التونسي، بنسبة امتلاء تقدَّر بنحو 35 بالمئة، التي تعدّ واحدة من أكثر مستويات التعبئة انخفاضاً على الإطلاق تحت خط الشح المائي.
وعانت تونس خلال العام الجاري من تذبذب تساقط الأمطار وعدم انتظامه خلال فصل الشتاء، لأسباب مرتبطة بتأثيرات التغير المناخي بواقع الفصول في البلاد.
"تقبع تونس تحت خط الشح المائي، بمعدل 420 متراً مكعباً للفرد سنوياً، في حين أن المعدل العالمي للشح المائي هو 500 متر مكعب للفرد، بينما يبلغ معدل الفقر المائي، عالمياً، 1000 متر مكعب للفرد"، بحسب المسؤول التونسي.
وقال مسلّم إن تونس واحدة من أكثر البلدان تأثراً بتغير المناخ، محذراً من أن "كل جهات تونس ستشهد اضطراباً في توزيع الماء".
وعزا الاضطراب المحتمل في توزيع المياه إلى "تطور طريقة عيش المواطن التونسي وارتفاع عدد السكان (12 مليون نسمة)، ما أدى إلى ارتفاع الطلب على الماء".
"الدولة حريصة على توزيع عادل لمياه الشرب للتونسيين"، مشيراً إلى إمكانية "اتباع سياسة تقسيط المياه للريّ والفلاحة، الأمر الذي قد يؤثر في الإنتاج الزراعي والغذائي".
وشرعت تونس بتشييد أربعة سدود جديدة، تضاف إلى ثلاثة سدود دشنت خلال السنوات الخمس الأخيرة، فيما تستعد لطرح عطاء لبناء سد جديد "سد خلاد" في محافظة باجة شمال غربي البلاد.
ووجدت تونس في السدود إحدى أفضل الطرق لاستغلال مياه الأمطار، بدلاً من ترسبها في الأرض، أو تحولها في مجاري إلى البحر، وسط ضعف الاستثمارات المحلية في المياه الجوفية.
"تونس ما زالت تعمل على تعبئة ما بقي من الموارد المائية السطحية، والتحكم فيها عبر منظومة السدود الكبرى، على الرغم من تراجع حجم إيراداتها".
المسؤول التونسي أوضح أن "وزارة الفلاحة انطلقت بتحويل المياه عبر بعض السدود، كسد سيدي براق في منطقة نفزة، وسد سجنان (كلاهما في شمال البلاد) لاستباق سنة جفاف جديدة، وتوفير احتياجات المواطنين من مياه الشرب والفلاحة حسب الأولوية".
من جهة أخرى، اعتبر مسلّم أن الآبار العشوائية والضخ العشوائي للأودية، أسهما في اضطراب توزيع المياه في بعض المناطق.
وأوضح أن تونس أطلقت مشاريع لتحلية مياه البحر في كل من جربة وجرجيس وقرقنة وصفاقس (جنوب)، وولاية سوسة (شرق).
"من المنتظر أن تُسهم (تحلية مياه البحر) في تعويض النقص الحاصل جراء انخفاض منسوب المياه في السدود وانقطاع الأمطار".
ومنتصف سبتمبر/أيلول 2021، قال البنك الدولي في تقرير إن تغير المناخ قد يدفع حوالى 19 مليون شخص في شمال أفريقيا إلى الهجرة الداخلية بحلول سنة 2050.
وتوقع التقرير تحول تونس العاصمة وضواحيها إلى "واحدة من بؤر الهجرة الداخلية إذا لم تتخذ (السلطات التونسية) الإجراءات اللازمة".
(الأناضول)