لا تزال تونس ملتزمة بأحكام ومبادئ "المقاطعة" العربية لإسرائيل في إطار الاتفاقيات ذات الصلة على مستوى جامعة الدول العربية، حيث لا تسجل رسميا أي مبادلات تجارية بين البلدين، كما تغيب السلع الإسرائيلية تماما في أسواق البلد الذي يدعم شعبا وقيادة القضية الفلسطينية.
ورغم أن التونسيين لا يستهلكون السلع الإسرائيلية، إلا أن المنظمات المدنية أشهرت سلاح المقاطعة لسلع وبضائع الدول الداعمة للكيان المحتل على خلفية العدوان على قطاع غزّة، مطالبين بتكبيد هذه الدول خسائر فادحة كعقاب اقتصادي، بينما طرحت كتل برلمانية مجددا مشروع قانون لتجريم التطبيع.
وينشر نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي الرموز التجارية لسلع الدول الداعمة للاحتلال على غرار الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وهي دول تحضر سلعها بقوة في الأسواق التونسية في إطار التبادل التجاري المكثف بين تونس والاتحاد الأوروبي شريكها الاقتصادي الأوّل.
وجاء جزء كبير من تلك الدعوات باتجاه الشركات الأميركية بعد إعلان واشنطن دعمها غير المشروط لإسرائيل، في عدوانها على قطاع غزة ومعاضدتها عسكريا.
ورغم أن السلع الإسرائيلية محظورة رسميا في أسواق تونس، إلا أن رئيس منظمة إرشاد المستهلك (مدنية) لطفي الرياحي، يؤكد أن تونس يمكنها إشهار سلاح المقاطعة ضد سلع الكيان المحتل عبر مواطنيها في الخارج الموزعين على دول كثيرة في العالم تتعامل رسميا مع إسرائيل.
وقال الرياحي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن عدد التونسيين في المهجر يزيد عن 1.7 مليون، معتبرا أن هذه الجالية يمكن أن تكون فاعلة في دول الإقامة وتساهم في مقاطعة السلع الإسرائيلية والدول الداعمة والمنحازة لها. وأضاف أن العقاب الاقتصادي من بين الأسلحة المهمة التي تستعملها الشعوب.
وأفاد رئيس منظمة إرشاد المستهلك أن المنظمات الأهلية والمدنية قادرة على الدفع نحو المقاطعة الشاملة للسلع الإسرائيلية، معتبرا أن مواقف الشعوب والمنظمات المدنية قد تكون مخالفة تماما لمواقف القيادات.
وأشار في سياق متصل إلى أن الاتحاد العربي للمستهلك يرفض التعامل الاقتصادي مع الاحتلال الإسرائيلي، ودعا إلى مقاطعة سلعها منذ عام 2017 التي بدأت تغزو الأسواق العربية تحت مسميات مختلفة.
ومنذ أغسطس/ آب الماضي بدأ برلمان تونس الجديد مناقشة تجريم التطبيع تضمنت بنوده تحديدا للأفعال التي تعدّ تطبيعا من بينها إقامة علاقات طبيعيّة مباشرة أو غير مباشرة مع ما يُسمَّى بدولة إسرائيل وأجهزتها ومواطنيها، مثل الاتجار والتعاقد والتواصل الحرفي والمهني والعلمي والثقافي.
ويُسلّط مقترح القانون على مرتكب جريمة التطبيع مع الكيان الصهيوني عقوبة سالبة للحريّة بالسجن لمدّة تتراوح بين ثلاث وخمس سنوات، إلى جانب عقوبة مالية تتراوح بين عشرة آلاف دينار ومائة ألف دينار.
وبدأت تونس المقاطعة الرّسمية المنظمة لإسرائيل عن طريق جامعة الدول العربية بعد حرب 1948، فيما اختلف تنفيذ هذه المقاطعة من دولة لأخرى.
وفي أغسطس/آب 2022، شددت وزارة التجارة وتنمية الصادرات التونسية على التزامها بأحكام "المقاطعة" العربية لإسرائيل وفق مبادئ جامعة الدول العربية، وذلك ردا على ما تتداوله تقارير ومواقع إخبارية عن إجرائها مبادلات تجارية مع إسرائيل.
في المقابل نشرت وسائل إعلام دولية عام 2022 تقارير عن حجم المبادلات التجارية بين تونس وإسرائيل للعام 2021 الذي تجاوز 89 مليون دينار تونسي، أي ما يعادل 30 مليون دولار، استنادا إلى بيانات نشرها موقع "كومترايد" التابع لمنظمة الأمم المتحدة وهو موقع لتجميع البيانات بخصوص المبادلات التجارية في العالم.
لكن وزارة التجارة قالت في بيان حينها إن تونس ملتزمة بأحكام المقاطعة العربية في إطار الجامعة العربية ضمن اتفاقية عدم تطبيق "الاتفاقية العامة للتعريفة الجمركية والتجارة" المعروفة اختصارا بـ"الغات" إزاء إسرائيل، والتي انضمت لها في العام 1990، وهو ما يعني أن تل أبيب غير مشمولة بتخفيض القيود الجمركية على التجارة الدولية.