تتوقع بنوك استثمارية عالمية وشركات ومؤسسات متخصصة في شؤون الغاز الطبيعي أن يشهد الطلب على الغاز الطبيعي المسال فورة كبيرة في الطلب خلال العقد الجاري والعقود المقبلة، وربما ستعتمد تلبية هذا الطلب على قطر والولايات المتحدة.
وتقدر هذه المؤسسات، والتي من بينها "وودسايد إنرجي غروب" وشل، نسبة الزيادة المتوقعة في الطلب على الوقود الأزرق بنحو 50%.
وتبرر المؤسسات توقعاتها لفورة الطلب بثلاثة عوامل رئيسية، هي: ارتفاع الطلب الصيني المتصاعد على الغاز المسال خلال العقد الحالي والعقود المقبلة، بسبب أن الصين ليس لديها منافذ مباشرة لغاز الأنابيب حتى الآن، وبالتالي ستواصل الاعتماد على الغاز المسال الذي يصلها عبر الناقلات البحرية من قطر والولايات المتحدة وإلى حد ما من أستراليا.
أما العامل الثاني، فهو اعتماد أوروبا على الغاز المسال بعد عقوبات الطاقة على روسيا التي حجبت عن الكتلة الأوروبية غاز الأنابيب الذي كان يتدفق إليها من شركة "غاز بروم" الروسية.
بينما يتمثل العامل الثالث في توجه الاقتصاد العالمي نحو نظام كهرباء يعتمد بشكل أكبر على الغاز الطبيعي المسال والطاقة المتجددة، وبدرجة أقل على الغاز المنقول عبر الأنابيب.
من جانبها، تتوقع شركة "وودسايد إنرجي غروب"، وهي أكبر مُصدر للغاز الطبيعي المسال في أستراليا، ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي المسال بنسبة 50% خلال العقد القادم، الأمر الذي يحتم عليها النظر في إجراء مزيد من التوسعات في أنشطة الحفر والتنقيب والاستخراج.
وقالت الرئيسة التنفيذية للشركة الأسترالية ميج أونيل إن وودسايد إنرجي ترصد مؤشرات إلى نمو الطلب في الدول الآسيوية الناشئة.
ووفق توقعات أونيل، فإن سوق الغاز المسال سيمر بفترات من وفرة الإمدادات الجديدة، لكن من المرجح أن يستوعب نمو الطلب هذه الزيادات في المعروض على مدار السنوات المقبلة.
وقالت في مقابلة مع شبكة تلفزيون "بلومبيرغ" إن شركتها تتوقع مستقبلاً مشرقاً لصناعة الغاز الطبيعي المسال، لذا كانت فرصة استحواذها على شركة سانتوس فرصة للجمع بين شركتين متميزتين، وتأسيس قوة أكبر وأكثر أهمية في هذا القطاع.
وكشفت أن فريق عمليات الاندماج والاستحواذ في "وودسايد" يبحث عن مجموعة متنوعة من الفرص، موضحة أن الشركة ستحافظ على انضباطها من خلال التأكد من مدى ملاءمة الصفقات لاستراتيجيتها وقدراتها.
وتابعت أن وقف البيت الأبيض إصدار تراخيص تصدير الغاز الطبيعي المسال بشكل مؤقت لدراسة تأثير زيادة الصادرات على قضايا مثل تغير المناخ والأمن القومي، يثير حالة من عدم اليقين حول وضع الولايات المتحدة كمورد، على حد قولها.
وكانت شركة شل قد ذكرت في تقرير على موقعها، قبل أسبوع، أن الطلب على الغاز المسال سينمو بنسبة 50% خلال العقود المقبلة. وحتى الآن تعتمد تلبية الطلب العالمي على الغاز المسال على طاقة الإنتاج التي توفرها كل من الولايات المتحدة وقطر.
توقعت شركة شل في منتصف الشهر أن يرتفع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال بأكثر من 50% بحلول عام 2040
وتوقعت شركة شل في منتصف الشهر الجاري أن يرتفع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال بأكثر من 50% بحلول عام 2040، إذ تزيد الصين ودول في جنوب شرق آسيا استخدامها للغاز المسال لدعم نموها الاقتصادي.
وقالت شل في توقعاتها السنوية بشأن الغاز الطبيعي المسال لعام 2024 إن التجارة العالمية للغاز الطبيعي المسال ارتفعت 1.8% إلى 404 ملايين طن في 2023 من 397 مليونا في 2022. وأضافت أن نقص الإمدادات يبقي الأسعار وتقلبات الأسعار فوق المتوسط التاريخي ويقيد النمو الاقتصادي.
قطر قد تسيطر على
25% من سوق الغاز الطبيعي المسال
نقلت وكالة "رويتز"، اليوم الثلاثاء، عن خبراء السوق أن التوسع الذي تخطط له قطر في إنتاج الغاز الطبيعي المسال يمكن أن يجعلها تسيطر على حصة 25% تقريباً من السوق العالمية بحلول عام 2030 وتضغط على المشروعات المنافسة بما في ذلك في الولايات المتحدة، حيث أوقف الرئيس الأميركي جو بايدن موافقات التصدير الجديدة.
وتخطط قطر، وهي من أكبر مصدّري الغاز الطبيعي المسال في العالم، لزيادة إنتاج الغاز الطبيعي المسال بنسبة 85% من الإنتاج الحالي لحقلها الشمالي البالغ 77 مليون طن متري سنوياً، لتصل إلى 142 مليون طن متري سنوياً بحلول عام 2030، من 126 مليون طن متري سنوياً كانت متوقعة في السابق.
وقال بعض خبراء السوق، وفقاً لوكالة "رويترز"، إن هذه الخطوة سيكون لها تأثير في المشروعات العالمية في الولايات المتحدة وشرق أفريقيا وأماكن أخرى، الأمر الذي يتطلب تمويلاً إلى جانب التزام عملاء المدى الطويل باتخاذ (قرار الاستثمار النهائي) نظراً لتميز قطر باعتبارها المنتج الأقل كلفة في العالم.
في هذا الصدد، قال بنك أوف أميركا، في تقريره لعام 2024 عن الغاز: "نلاحظ أن الصين تتجه لتصبح أكبر مشتر للغاز الطبيعي المسال في العالم في النصف الثاني من العقد الجاري، بينما ستجد أوروبا في نهاية المطاف طريقة لتقليل اعتمادها على غاز الأنابيب الروسي"، بحسب وكالة "غلوبال ستاندرد آند بوورز" الأميركية.
أبرز المشترين الجدد للغاز الطبيعي المسال
قال "بنك أوف أميركا" إن "الأهم من ذلك أن سوق الغاز الطبيعي المسال يواصل الاستفادة من المشترين الجدد للغاز المسال، خاصة أولئك الذين يريدون الغاز الطبيعي لتلبية احتياجات النقص في الطاقة وسط ضغوط قوانين البيئة الجديدة".
وتوقع البنك الأميركي في تحليل له أن تتزايد المنافسة في المستقبل بين أوروبا وآسيا على صفقات الغاز الطبيعي المسال، ومن المرجح أن تهيمن على التجارة خلال الفترة المتبقية من هذا العقد، وهو ما يتسبب في تقلبات في فروق أسعار الغاز بين آسيا وأوروبا.
بنك أوف أميركا: سوق الغاز الطبيعي المسال يواصل الاستفادة من المشترين الجدد للغاز المسال
وأشار "بنك أوف أميركا" في تحليله أيضاً إلى أن "هناك معادلة متغيرة لإمدادات الغاز الطبيعي المسال المطلوبة لتلبية الطلب العالمي على الغاز، وبالتالي يجب أن تتوسع صناعة الغاز الطبيعي المسال، التي تعتمد حالياً على سعة الإنتاج المتاحة في الولايات المتحدة وقطر".
وخلص إلى أنه "في نهاية المطاف، يتجه الاقتصاد العالمي نحو نظام كهرباء يعتمد بشكل أكبر على الغاز الطبيعي المسال والطاقة المتجددة، وبدرجة أقل على الغاز المنقول عبر الأنابيب.
بدورها، تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن ينمو الطلب العالمي على الغاز بنسبة 2.5%، أو 100 مليار متر مكعب في العام الجاري 2024.
كما تتوقع الإدارة نفسها أن تنمو إمدادات الغاز الطبيعي المسال بنسبة 3.5% هذا العام، حيث إن التأخير في محطات التسييل الجديدة والمشكلات المحيطة بتوافر غاز التغذية في المشاريع القائمة، قد يؤدي إلى تراجع نمو العرض في العام المقبل 2025، ويمكن أن يساهم الطلب المتزايد وقلة العرض بشكل كبير في ارتفاع الأسعار على مدار العام المقبل.
تلبية الطلب وسرعة إنتاج الوقود الأزرق
في هذا الصدد، قال مدير أسواق الطاقة وأمنها في وكالة الطاقة الدولية كيسوكي ساداموري: "إن سوق الغاز العالمي يدخل مرحلة جديدة، حيث يخرج العالم تدريجياً من أزمة الطاقة التي كانت لها آثار عميقة على جانبي العرض والطلب".
وتوقع ساداموري أن يشهد العالم نمواً قوياً في الطلب العالمي على الغاز الطبيعي، ولكنه أشار إلى أن السرعة التي يمكن بها تلبية هذا الطلب الجديد ستكون حاسمة، ولا سيما أن إمدادات الغاز المسال محدودة، ولن يتم توفير سعة كبيرة جديدة للغاز الطبيعي المسال إلا بعد عام 2024.
عدم اليقين الجيوسياسي أكبر خطر على أسواق الغاز العالمية في عام 2024، والغزو الروسي لأوكرانيا من شأنه أن يولد المزيد من التقلبات
يذكر أن عدم اليقين الجيوسياسي هو أكبر خطر على أسواق الغاز العالمية في عام 2024، وإن الغزو الروسي لأوكرانيا، والتوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، والمخاوف بشأن التدخل المتعمد في البنية التحتية الحيوية مثل خطوط الأنابيب، كل هذا من شأنه أن يولد المزيد من التقلبات.
وفي عام 2023، تم إدخال تدابير السياسة واللوائح الجديدة في أسواق الاستيراد الرئيسية مع التركيز على القدرة على تحمل التكاليف وأمن العرض.
آلية الغاز الأوروبي
وسط مخاطر النقص في إمدادات الوقود الأزرق، أطلق الاتحاد الأوروبي آلية شراء الغاز المشتركة، كما بدأت اليابان في زيادة صفقات الغاز الطبيعي المسال الاستراتيجي، وتعكف الصين على صياغة سياسة جديدة لاستخدام الغاز الطبيعي، والتي تحدد المبادئ التوجيهية لتحقيق "نمو منظم في الطلب على الغاز الطبيعي" في السنوات المقبلة.
وتتوقع وكالة فيتش للتصنيف الائتماني ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي على المدى الطويل، كما تتوقع شركة ديلويت العالمية لتدقيق الحسابات أيضا ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي لعام 2030 وفي عقود الأربعينيات في الولايات المتحدة والدول التي تطبق معايير صارمة للطاقة النظيفة.
ومن المتوقع أن يحد عامل تطبيق سياسة الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة تدريجياً من صادرات الغاز المسال الأميركية للخارج، وفق محللين.