تأثّرت تربية النحل وتجارة العسل في سورية وخاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، شمالي البلاد، كما تأثّر كل شيء في البلاد نتيجة طول سنوات الحرب. لكن هذه المهنة كانت قد تعافت قليلاً عندما تراجعت حدة الأعمال العسكرية، ثم عادت واصطدمت بعوائق جديدة أدّت إلى تكبيد العاملين في هذه المهنة خسائر كبيرة، وهجرة كثيرين منهم إلى دول الجوار للعمل في المجال ذاته الذي اعتادوا عليه.
وصل إنتاج سورية من العسل إلى نحو أربعة آلاف طن سنوياً، كانت تنتجها أكثر من 680 ألف خلية، لكن الإنتاج بلغ عام 2020 نحو 700 طن، وانخفض عدد الخلايا بنسبة 60 بالمئة، ولم تبق منها إلا أعداد قليلة تتوزع على مناطق سيطرة النظام والمعارضة و"قوات سورية الديمقراطية" (قسد).
يقول مدير جمعية النحالين السوريين في إدلب ياسر العبد الله، لـ"العربي الجديد": "من أهم الأسباب التي أدت إلى خسائر مربي النحل وإنتاج العسل انقطاع الطرق بين مناطق السيطرة، حيث كان المربون ينقلون خلاياهم إلى كامل الأراضي السورية، لكن تقطيع الأوصال أدى إلى تراجع هذه المهنة وعدد العاملين بها، ما انعكس سلباً على كميات إنتاج العسل".
وتابع: "ويأتي ذلك بالإضافة إلى القصف الجوي والصاروخي لقوات النظام والمعارك، وارتفاع أسعار الأدوية واللقاحات وصعوبة تصريف العسل بسبب توقف حركة التجارة".
ويضيف أنه يوجد في محافظة إدلب وحدها نحو 350 نحالاً و70 ألف خلية من جبل الزاوية في إدلب إلى جرابلس في الشمال الشرقي بريف حلب، وهذا عدد قليل جداً مقارنة بالسابق، إذ خسرت المنطقة نصف مقدراتها في عامي 2020 ـ 2021.
وأرجع أحد أهم أسباب تراجع هذه الثروة إلى الاستخدام العشوائي لمبيدات الحشرات والأدوية الزراعية بشكل عشوائي، وهو ما أفقد المنطقة أكثر من 1000 خلية في الفترة الأخيرة فقط، أما في المجمل فقد فقدت بشكل عام 60 بالمئة من الخلايا.
وبدوره، يقول وسيم أبو أكرم، وهو مربٍ ومنتج للنحل ومستلزماته في الشمال السوري، لـ"العربي الجديد": "يعتبر العسل السوري من أجود أنواع العسل في العالم، إذ تتنوع في سورية أغذية النحل، وكان النحالون ينقلون خلاياهم ما بين 25 مرعىً متنوعاً، أهمها الشفلّح وحبة البركة واليانسون والحمضيات والشوكيات، لكنّه يعتبر اليوم من الأرخص مبيعاً ويباع الكيلوغرام الواحد بنحو سبعة دولارات، وذلك لصعوبة التصريف بسبب إغلاق الحدود وغلاء أجور الشحن".
ويشير في سياق حديثه إلى أن هناك مشاكل أخرى عانى منه النحالون، منها استهداف عمال النقل الذين ينقلون الخلايا ليلاً من قبل طائرات النظام بالرشاشات الثقيلة الذي أدى إلى مقتل عدد منهم وتلف وضياع الخلايا، يضاف إلى ذلك عدم وجود مخبر لتحليل الأمراض الجديدة، وظهور مرض يدعى "نيوزيما سيرانا"، الذي أدى إلى خسارة 90 بالمئة من خلايا النحل في المنطقة عام 2019.
ويؤكد أبو أكرم أن كمية إنتاج العسل في الأشهر الأخيرة في إدلب بلغت 100 طن على أساس سنوي، بالرغم من تراجع أعداد المناحل، وذلك يعود، بحسب قوله، إلى جلب بعض التجار ملكات نحل أجنبية، وهو ما انعكس على كمية الإنتاج، وأدى إلى وجود فائض من العسل في الشمال السوري.
ويضيف: "لكنّ الاستهلاك كان كبيراً أيضاً، إذ يعتبر العسل من أهم معززات المناعة وبات السكان يستخدمونه بكثرة، وبخاصة مع انتشار فيروس كورونا الجديد في المنطقة".
وقال رئيس فرع سورية لاتحاد النحالين العرب إياد دعبول، لموقع "روسيا اليوم": "يتوقع أن يرتفع إنتاج سورية من العسل هذا العام إلى 1200 طن، ارتفاعاً من نحو 700 طن في العام الماضي"، مشيراً إلى أن استهلاك البلاد من العسل يقدّر بـ1500 طن.
وقدّرت ثروة سورية من النحل بنحو واحد بالمئة من الثروة النحلية في العالم قبل الحرب، بإنتاج سنوي يقدر بنحو أربعة آلاف طن، وكان عدد المربين يراوح ما بين 28 و30 ألف مربِّ آنذاك.