تهافت السفن على التزود بالوقود وأسعاره تتجه صعوداً

01 فبراير 2024
مخاطر متصاعدة تعترض السفن في عرض البحر الأحمر (Getty)
+ الخط -

بعدما شهدت أسعار وقود السفن في عدة موانئ أفريقية ارتفاعات قياسية في الآونة الأخيرة، مع ارتفاع الطلب إلى الحدود القصوى بهذه الموانئ على خلفية استمرار هجمات الحوثيين على سفن الشحن المتجهة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى السفن الأميركية والبريطانية، صعد إلى الواجهة تقدير مفاده أن دول الخليج قد تكون مستفيدة من تلك الهجمات، حال استمرارها، إذا حيدت تجارتها عن الهجمات الحوثية.

فمن شأن ارتفاع أسعار وقود السفن مع عدم وجود أفق سياسي لوقف التوتر بالبحر الأحمر أن يسهم في رفع أسعار النفط، خاصة بعدما باتت موانئ سنغافورة وروتردام ممتلئة بالسفن للتزود بالوقود الذي يجري تسعيره بصورة تنافسية تحوطا لحالة عدم اليقين، لترتفع أسعار وقود السفن منخفض الكبريت الذي يجري تسليمه في كيب تاون 15%، حسبما أورد تقرير نشرته وكالة "رويترز" في 20 يناير/كانون الثاني الجاري. 

وبلغ سعر تزود السفن بالوقود نحو 800 دولار للطن، وهو أعلى بكثير من مستواه قبل منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي عندما بدأت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، فيما أفاد متعاملون ومصادر في القطاع بأن الطلب على وقود السفن ارتفع في موانئ بورت لويس في موريشيوس وميناء جبل طارق والموانئ في جزر الكناري وجنوب إفريقيا، في ظل تحويل أغلب شركات الشحن اتجاه شحنها إلى طريق رأس الرجال الصالح بدلا من المرور عبر البحر الأحمر وقناة السويس، وفق تقرير "رويترز".

وبعدما كان هذا التحويل قاصرا على سفن الحاويات، امتد ليشمل ناقلات النفط، خاصة بعد استهداف الحوثيين لناقلة نفط بريطانية قبالة مدينة عدن اليمنية، في 26 يناير/كانون الثاني الجاري.

وبدا أن كثيرا من السفن السعودية تحديدا استجابت للاشتراط الحوثي بإعلان سفن النقل عدم التعامل مع إسرائيل أو اتجاهها إليها للسماح بعبورها، وهو ما عبر عنه مسؤول أعمال التكرير وتجارة النفط والتسويق في شركة "أرامكو" السعودية، محمد القحطاني، في 26 يناير/كانون الثاني، عندما أعلن استمرار إرسال ناقلات محملة بالنفط الخام والوقود عبر جنوب البحر الأحمر، وفقا لما أوردته وكالة "بلومبرغ" بتقرير نشرته في اليوم ذاته.

وقال القحطاني إن تأثير الهجمات الحوثية "يكمن في تكاليف الشحنات. إنها تتزايد نتيجة لما يحدث، ولكن بشكل عام يمكن التحكم في الأمر بشكل كبير". 

منافسة النفط الروسي

ورغم ذلك، يؤكد الخبير الاقتصادي عامر الشوبكي أن دول الخليج ليست مستفيدا صافيا من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، بل هي متضررة بنسب مختلفة عن دول العالم الأخرى، في ظل منافسة النفط الروسي لصادراتها، حسبما صرح لـ "العربي الجديد".

ويوضح الشوبكي أن شحنات دول الخليج النفطية تصل إلى أسواق آسيا بأسعار أقل من وصول شحنات النفط الروسي إذا ما سلكت طريق البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط أو بحر البلطيق، أما في حال التفاف شحناتها حول رأس الرجاء الصالح فإن كلفة شحناتها ستكون أكبر، ما يؤثر على أسواقها.

ويضيف أن أزمة البحر الأحمر تجعل النفط الخليجي أقرب إلى القارة الآسيوية وبالتالي منافسته ستكون أكبر مع النفط الروسي، لافتا إلى أن حصة روسيا كبيرة في سوق القارة الآسيوية، خاصة في الصين والهند، وهما أكبر مستهلكين في القارة.

ويلفت الشوبكي إلى أن الحرب الروسية على أوكرانيا والعقوبات الغربية ضد موسكو حولت جزء من صادرات النفط الخليجي إلى القارة الأوروبية، في مسار يحتاج إلى المرور بمضيق باب المندب، ما يعزز تأثير أزمة البحر الأحمر على شحنات النفط الخليجية.

وفي السياق، ينوه الشوبكي إلى انخفاض النفط المصدر من السعودية إلى أوروبا، في الأسبوع الماضي، بنسبة 15% على وقع أزمة مضيق باب المندب، كما انخفاض النفط المصدر من الكويت إلى القارة ذاتها بنسبة 45%، وبالتالي فهناك خسائر تقع على دول الخليج من حيث وصول نفطها إلى القارة الأوروبية، وهو ما لا تتعرض له روسيا، التي يتركز سوق تصديرها في آسيا.

وبالنسبة للتزود بالوقود، فإن المستفيد منه بالدرجة الأولى هو دول أفريقية استفادت موانئها من اكتظاظ عدد السفن الملتفة حول رأس الرجاء الصالح، وبالتالي لا يمكن تقدير استفادة دول الخليج من الأزمة المستمرة في البحر الأحمر، بحسب الشوبكي.

المساهمون