تنسيق أمني وراء المطالبة بإقالة الحكومة المصرية: أغرقت البلد بالديون

20 ابريل 2022
مبنى البرلمان المصري في القاهرة (Getty)
+ الخط -

أودعت الهيئة البرلمانية لـ"الحزب المصري الديمقراطي" مذكرة بأسباب رفضها الحسابات الختامية للموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2020-2021 لدى الأمانة العامة في مجلس النواب، اليوم الأربعاء، والتي أقرها المجلس في جلسته الأخيرة بعجز كلي بلغ 7.4% من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة في الدين العام الحكومي الداخلي والخارجي بقيمة 796.3 مليار جنيه، ليصل إلى 5 تريليونات و547 مليار جنيه.

وقالت الهيئة، التي تضم 7 نواب، في المذكرة إن من أسباب رفض الحسابات الختامية للموازنة زيادة المصروفات عن الإيرادات، وارتفاع معدلات الاقتراض والعجز، فضلاً عن تخفيض الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية مقارنة مع العام المالي 2019-2020، إضافة إلى ما أشار إليه تقرير لجنة الخطة والموازنة في البرلمان من تضمن الحسابات معلومات غير حقيقية، وشبهات فساد طاولت المال العام.

وأضافت الهيئة أن المصريين يعانون من جراء ارتفاع أسعار السلع والخدمات كافة، ما يستلزم إعادة ترتيب الأولويات والرؤية من جانب الحكومة، خصوصاً أنه لا توجد خريطة واضحة لتنفيذ المشروعات الممولة بقروض خارجية، الأمر الذي يؤدي إلى تأخر تنفيذ هذه المشاريع، وزيادة أعباء الدين عاماً بعد عام في بنود الموازنة العامة للدولة.

وتابعت أن الضرائب تمثل ما يزيد على 70% من الإيرادات الإجمالية للدولة، ما يستلزم السعي نحو تنمية الإيرادات بعيداً عن فرض الضرائب الجديدة على المصريين، لا سيما أن ارتفاع الأسعار بصورة غير مسبوقة أثقل كاهل المواطن، مستطردة بأن الملاحظات الأساسية التي أوردتها لجنة الخطة والموازنة في تقريرها "كفيلة بإقالة الحكومة بأكملها، وليس فقط رفض الحسابات الختامية للموازنة".

وحسب المذكرة، أظهر التقرير العديد من التجاوزات المالية التي تستدعي تحويل المسؤولين عنها للتحقيق أمام النيابة بتهمة إهدار المال العام، متهمة الحكومة بـ"إفقار المصريين، وإغراقهم في الديون"، مع تحويل البلاد إلى "بيئة طاردة للاستثمار" نتيجة فشلها في إدارة الملف الاقتصادي.

وتتجه مصر نحو أزمة مالية خانقة بفعل السياسات الاقتصادية للرئيس عبد الفتاح السيسي، وسط تحذيرات مؤسسات تصنيف عالمية من دخول القاهرة في دوامة كارثية للديون المحلية والخارجية، على أثر فقدان العملة المحلية (الجنيه) نحو 17% من قيمتها مقابل الدولار أخيراً، في أدنى مستوى لها منذ أكثر من 6 سنوات. 

واستكملت الهيئة البرلمانية أن "هناك خسائر في الهيئات الحكومية بمليارات الجنيهات، علاوة على تقديم الحكومة معلومات غير حقيقية في حساباتها، منها أن القيمة الكلية للإنفاق على الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بلغ 338.9 مليار جنيه، بزيادة 1.8 مليار جنيه عن الاعتماد الأصلي في قانون الموازنة، في حين كشفت تقارير الجهات الرقابية أن الإنفاق الفعلي بلغ 263.9 مليار جنيه، بنقص يعادل 20% تقريباً عن الاعتماد الكلي".

وأكدت المذكرة أن "طريقة التلاعب نفسها حدثت في البيانات والأرقام الخاصة بميزانيات الصحة والتعليم والبحث العلمي، إلى جانب رصد التقارير الرقابية صرف مبالغ كبيرة من القروض الموجهة إلى تنمية الصعيد في تمويل شراء سيارات فارهة للمسؤولين في الحكومة، وتخصيص 5 ملايين دولار منها كبدلات ومكافآت مالية لهم".

وأوضحت أن نسبة سداد الفوائد في الباب الثالث من الموازنة، والقروض في الباب الثامن منها، التهمت أكثر من نصف إجمالي الاستخدامات، بواقع 26.4% للفوائد و25% للقروض المحلية والخارجية، بنسبة إجمالية بلغت 51.4% من استخدامات الموازنة، في وقت تتحدث فيه الحكومة ليلاً ونهاراً عن مخصصات الدعم، محملة إياها المسؤولية عن التهام موارد الدولة.

وقالت المذكرة إن "بند الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية لا يمثل سوى 12.3% من مخصصات الباب الرابع، فيما ارتفعت نسبة الاستخدامات الفعلية مقارنة مع الناتج المحلي إلى 33.4% بزيادة 3.3% عن العام 2019-2020، بسبب ارتفاع اعتمادات سداد الديون المحلية والأجنبية، في مؤشر سلبي للأداء المالي".

وختمت الهيئة البرلمانية للحزب مذكرتها بالقول إن "العجز النقدي الفعلي للحساب الختامي للموازنة المنقضية بلغ نحو 470 مليار جنيه، فيما تراجعت المخصصات الفعلية للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بقيمة 34 مليار جنيه لتصل إلى 263 مليار جنيه، في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية شديدة الصعوبة، كانت تستوجب زيادة هذه المخصصات المالية، لا تقليصها".

من جهة أخرى، قال مصدر برلماني مطلع إن "تعليمات صدرت لعدد من النواب، الذين ينسقون بشكل مباشر مع أحد الأجهزة الأمنية المشرفة على عمل المجلس، بتبني خطاب هجومي على بعض الوزراء الخدميين في الحكومة، وإظهار توجه معارض لهم في ما يخص الضغوط الاقتصادية الواقعة على المواطنين، وتقصير الحكومة في إجراءات ضبط الأسواق، والتراخي في تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية".

وأضاف المصدر متحدثا لـ"العربي الجديد"، أنه "يوجد توجه لدى أجهزة في الدولة للترويج لمسألة القصور الحكومي في إدارة بعض الملفات الخدمية، التي ضاعفت من التأثيرات السلبية لتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وذلك ربما يكون تمهيداً لخطة تنتهي إلى تغييرات حكومية يتم الترويج الإعلامي لها بأنها تستند إلى مطالب الشارع".

و"الحزب المصري الديمقراطي" هو متحالف في الأصل مع حزب "مستقبل وطن" الحائز على الأغلبية في البرلمان، وفاز نوابه جميعاً على القائمة الانتخابية المدعومة من نظام السيسي باسم "من أجل مصر"، لإظهار أن هناك تياراً معارضاً من داخل النظام في مجلس النواب، بعد إقصاء جميع المعارضين الفاعلين في الانتخابات التي شابتها عمليات تزوير واسعة في أواخر عام 2020.

وقبل يومين، أعلن البنك المركزي المصري عن ارتفاع الدين الخارجي للبلاد إلى 145.529 مليار دولار بنهاية ديسمبر/كانون الأول 2021، مقابل 137.42 مليار دولار بنهاية سبتمبر/أيلول من العام نفسه، بزيادة تقدر بنحو 8.109 مليارات دولار خلال 3 أشهر فقط. علماً أن البنك كشف عن تراجع حاد للاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية إلى 37.082 مليار دولار بنهاية مارس/آذار الماضي، مقابل 40.99 مليار دولار بنهاية فبراير/شباط السابق له.

المساهمون