في نهاية زيارة برلمانية أردنية إلى العراق، صرح محمد ريكان حديد الحلبوسي، رئيس مجلس النواب العراقي، بأن مشروع أنبوب النفط العراقي سوف يرى النور قريباً، وأنه سوف ينفذ لما سيعود به على المنطقة من فوائد. جاء هذا التصريح منشوراً على صفحات الصحف ووسائل الإعلام الأردنية الصادرة يوم الأحد الماضي 15 يناير/ كانون الثاني.
وفي مقال منشور يوم الخميس الماضي على موقع " Oilprice"، صدر يوم الخامس من شهر يناير/ 2023 تحت عنوان "واحد من أكبر حقول النفط يواجه صعوبات في التطوير"، يؤكد كاتب المقال تشارلز كينيدي أن حقل "قُرنة الغربية 2" في العراق يُعد واحداً من أكبر حقول النفط في العالم"، ولكنه يعاني من التأخر في التنفيذ. وتُشير مجلة "ميد أو MEED" أن المشروع كان متوقعاً أن يَجْهز ويَعْمل في نهاية العام الحالي.
ويقدر حجم المخزون النفطي فيه بحوالي 14 مليار برميل، وتشرف على تطويره الشركة الروسية لوك أويل.
وإذا كان تأخير تطوير مشروع حقل "قرنة الغريبه 2" مؤشراً على إنتاج النفط في جنوب العراق، فإن هذا يعني تأخيراً في تنفيذ مشروع الأنبوب النفطي العراقي الأردني الذي سينقل النفط من جنوب العراق إلى ميناء العقبة في الأردن ومنه إلى مصر.
زيادة سعر الدولار
ووفقاً لتقارير صادرة عن بنك "جي. بي. مورغان" الأميركي، فإن سعر صرف الدولار قد ارتفع خلال عام 2022 بنسبة 12% حسب مؤشر سلة العملات المكونة أساساً من اليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني، ويتنبأ نفس المصرف أن يصل معدل سعر صرف الدولار حيال اليورو إلى حوالي 95 سنتاً أميركياً، و140 يناً يابانياً، وحوالي 114 سنتاً للجنيه الإسترليني. ويقول البنك إن مصلحة الاقتصاد الأميركي أن يبقى الدولار قوياً، ولكن بمعدل أسعار صرف أقل من عام 2022.
ولكن معدلات أسعار الصرف المتوقعة للدولار سوف تكون متذبذبة، ولكنها لن تصل إلى الذروة التي وصل إليها الدولار في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي 2022. وبالطبع، فإن العنصر الأساسي الذي سيحدد الأسعار هو قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) رفع سعر الفائدة على الدولار لمواجهة زيادة معدل التضخم. وكذلك مقدار هذا الرفع وعدد مرّاته.
سيبقى سعر النفط الخام تحت الضوء الساطع، خاصة في ظل التوقعات المتشائمة التي تقول إن معظم دول العالم سوف تعاني من الركود الاقتصادي
ويتوقع أن يقوم البنك الاحتياطي برفع السعر مرتين خلال النصف الأول من عام 2023، ولن يزيد الرفع عن (50) نقطة أساس في كل مرة.
وهناك بالطبع تناطح قوى بين مُصدِّري النفط الكبار (منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك+)، وبين مستوردي النفط.
وقد تساءل بعض المحللين عن مدى قدرة أي من الطرفين (العرض والطلب) على تحديد أسعار النفط في الأسواق الدولية. فالولايات المتحدة تستخدم نفوذها السياسي والاقتصادي، وكذلك حالة الحرب والمقاطعة ضد كل من روسيا وإيران على وجه التحديد، وتستخدم ايضاً حجم الاحتياطي النفطي الموجود لديها صعوداً وهبوطاً لكي تؤثر على سعر النفط الخام.
وهكذا سيبقى سعر النفط الخام تحت الضوء الساطع، خاصة في ظل التوقعات المتشائمة التي تقول إن معظم دول العالم سوف تعاني من الركود الاقتصادي.
وهذا أمر تناوله كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وتأكد في تصريحات المديرة التنفيذية للصندوق كريستالينا جورجييفا.
ومع أنها توقعت في تصريح لها لإحدى محطات التلفزة الأميركية أن الاقتصاد الأميركي سيعاني من الركود، إلا أنها استدركت ذلك لاحقاً وصرحت بأنه ليس بالضرورة أن يشهد الاقتصاد الأول في العالم ركوداً خلال عام 2023.
حرب أوكرانيا باقية
والحرب الدائرة في أوكرانيا تبقى تحت المجهر، ولكن التوقعات بانتهائها خلال العام الحالي لا تزال تقول ذلك على استحياء، خاصة في ظل التصعيد العسكري الروسي الذي يجري حالياً على الأراضي الأوكرانية، وقيام الروس باستعادة احتلال مدن وقرى في شرق أوكرانيا وجنوبها، وإصرار الاتحاد الأوروبي على سياسية تصفير الغاز الروسي ووضع حد أعلى لسعر النفط الروسي.
وهناك أيضاً تصعيد أميركي في المحيط الهادئ، ولكنه شهد تهدئة في الأسبوعين الماضيين، على عكس النزاع مع إيران التي وضعت نفسها في منطقة التسخين بعدما أعدمت علي رضا أكبري، المسؤول الإيراني السابق، في نهاية الأسبوع الماضي، بتهمة التجسس لحساب بريطانيا، علماً أن المتهم كان يحمل الجنسيتين البريطانية والإيرانية، وعمل في السلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية البريطانية.
إذاً، من ناحية العرض والطلب، سواء في المدى المنظور خلال هذا العام أو حتى في العام القادم، فإن سعر النفط مرشح للتقلب والتذبذب، ما يجعل تطايرية السلعة موضع متابعة ومضاربة.
وقد تنبأ مسح استقصى توقعات 30 اقتصادياً لأسعار النفط خلال عام 2023، فكان المعدل أنه سيبلغ (89.37) دولاراً سعراً أساساً ( benchmark price)، علماً أن مسحاً مشابهاً أجري في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أكد أن سعر برميل النفط من مزيج برنت سوف يكون (93.65) دولاراً خلال هذا العام. أما في عام 2024، فيتوقع أن يصل السعر إلى حوالي (95.33) دولاراً للبرميل. وبالطبع، فإن هذا الرقم قابل للتعديل في المستقبل.
أمام هذا الواقع، سوف تبقى دول الخليج المصدرة للنفط في وضع جيد يمكنها من تنفيذ برامجها التنويعية لاقتصادها، وأن تأخذ خطى واسعة نحو ذلك في ظل الإمكانات المالية المتاحة لها من قطاع النفط الأحفوري (نفط وغاز).
أما الدول العربية المستوردة للنفط فسوف تزداد الأوضاع الاجتماعية والضغوط الشعبية فيها حدة. وحسب توقعات مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا، فإن كثيراً من دول العالم النامية ستشهد توترات اجتماعية وشعبية بسبب البلاء المزدوج من كل من الغلاء والركود.
أما آن للعالم العربي أن يجد طريقاً للتعاون والتكاتف؟ أم أننا سنترك الأفق مفتوحاً لإسرائيل لكي تمارس الضغوط على الدول العربية غير النفطية لكي تطبع معها، أو تدخل في شراكة اقتصادية معها على حساب القدس وفلسطين ودول الجوار الفلسطيني، خاصة الأردن؟