تقرير أممي: خسائر اقتصادية "كارثية" تسببت بها الحرب السورية

24 سبتمبر 2020
خسائر اقتصادية تُقدّر بنحو 442 مليار دولار في سورية خلال ثماني سنوات (الأناضول)
+ الخط -

تختلف الأرقام التي أوردتها الأمم المتحدة لحجم خسائر الحرب السورية المندلعة قبل 9 أعوام عن التقديرات التي خرجت بها مراكز اقتصادية وسياسية أشارت جميعها إلى خسائر تتراوح ما بين 250 و300 مليار دولار، وجاءت تقديرات الأمم المتحدة أعلى وأكثر "كارثية".

وأشار تقرير بعنوان "سورية: بعد ثماني سنوات من الحرب" أعدّته لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "إسكوا" و"مركز الدراسات السورية" في جامعة "سانت آندروز" البريطانية صدر، يوم أمس الأربعاء، إلى أنّ سورية تكبدت خسائر اقتصادية تُقدّر بنحو 442 مليار دولار خلال ثماني سنوات بسبب حرب أتت على الأخضر واليابس، وكلفت البلاد مكاسبها الاجتماعية والاقتصادية. 

تكبدت سورية خسائر اقتصادية تُقدّر بنحو 442 مليار دولار خلال ثماني سنوات، بسبب حرب أتت على الأخضر واليابس

ووجد التقرير أنّ مؤشر التنمية البشرية في سورية شهد انخفاضاً حاداً من 0.64 في 2010 إلى 0.549 في 2018، مما قلل من تصنيفه، إذ كان يُصنف البلد في مظلة البلدان ذات التنمية البشرية المتوسطة وتراجع إلى مظلة البلدان ذات التنمية البشرية المنخفضة.

ويكشف التقرير الذي يغطي الفترة الواقعة بين 2011 و2019، أنّ 82% من الأضرار الناجمة عن الصراع تراكمت في سبعة من أكثر القطاعات كثافة في رأس المال: الإسكان والتعدين والنقل والأمن والتصنيع والكهرباء والصحة، أما قيمة الدمار المادي لرأس المال فقُدرت بنحو 117.7 مليار دولار، والخسارة في الناتج المحلي الإجمالي بمبلغ 324.5 مليار دولار، مما يضع تكلفة الاقتصاد الكلي للصراع عند نحو 442 مليار دولار.

وبالتوازي، أشار بيان صدر عن "إسكوا" إلى أنه "على الرغم من ضخامة هذا الرقم، إلا أنه لا يلخص حجم معاناة السكان الذين تم تسجيل 5.6 ملايين شخص منهم كلاجئين، و6.4 ملايين كنازحين داخلياً، و6.5 ملايين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و11.7 مليونا لا يزالون بحاجة إلى شكل واحد على الأقل من أشكال المساعدة الإنسانية". 

في مقدمة التقرير، قالت "إسكوا" وجامعة "سانت آندروز": "أسفر النزاع الذي نشب منذ ما يناهز عقداً من الزمن عن تحوّل جذري في جميع نواحي حياة المجتمع السوري"، وأشار التقرير إلى أن النزاع يفرض تحديات مستقبلية رهيبة سواء أكانت في الإنتاج أم الاستثمار أم التنمية البشرية، مستشهداً أيضاً ببيانات رسمية تفيد بأنه بحلول نهاية 2018، فقدَ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 54% من مستواه في 2010. 

وفي ما يتعلق بالتبادل التجاري، يشير التقرير إلى أنّ الصادرات السورية شهدت انهياراً، من 8.7 مليارات دولار في 2010 إلى 0.7 مليار دولار في 2018، مما تسبب باضطرابات في الإنتاج وسلاسل التجارة.

وبحسب التقرير، من العوامل التي ساهمت في هذا الانهيار: الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والعقوبات الاقتصادية التقييدية الأحادية التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى هروب رأس المال المادي والبشري.

ويوضح التقرير كذلك أنّ الواردات لم تشهد انهياراً مماثلاً، مما أدّى إلى اتساع العجز التجاري وخلق ضغوط متزايدة على قيمة الليرة السورية

كما يقدم التقرير أيضاً لمحة عامة عن تداعيات الصراع على الحكم وسيادة القانون ومختلف مظاهر تدويله، ويحدد بعض مبادئ بناء السلام ويسلط الضوء على تحديات التعافي، ثم يقترح سبل الخروج من المأزق.

وتؤكد "إسكوا" وجامعة "سانت آندروز" أنّ اعتماد سياسات تعمل بشكل مباشر على تحسين نوعية الحياة لجميع السوريين، وإدراج طيف أوسع من الأصوات السورية وإحياء المبادرات المجتمعية السورية وتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافي والاجتماعي المشترك على المستوى المحلي، "كل ذلك مهم لإعادة بناء الدولة وإعادة تركيز الجهود نحو تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030". 

يُشار إلى أن تقرير "سورية: بعد ثماني سنوات من الحرب" يعرض تداعيات الصراع على الحياة الاجتماعية والاقتصادية في سورية، نتيجة بحثٍ مستفيض أجراه خبراء وأكاديميون ضمن شبكة برنامج الأجندة الوطنية لمستقبل سورية، بحسب "إسكوا" وجامعة "سانت آندروز".

المساهمون