بعد ساعات من وقوع الزلزال المدمر، الذي ضرب فجر اليوم الاثنين جنوبي تركيا، وامتد إلى مناطق شمالي وغرب سورية، لم يتضح بعد حجم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذه الكارثة غير المسبوقة في سورية منذ أكثر من 180 عاما.
وتحدث ناشطون عن تصدع في سد ميدانكي في منطقة عفرين جراء الزلزال، وسط مخاوف من انهيار السد. كما أصيب مستشفى الدانة بأضرار جسيمة وتعين إخلاءه بالكامل.
ويشير الناشطون إلى الانهيار السريع لبعض المباني التي شيدها بعض التجار أخيرا في حلب وريفها دون مراعاة قدرتها على تحمل الزلازل، وهو ما أدى إلى انهيارها، إضافة الى وجود عدد كبير من المنازل المتهالكة التي يقطنها مدنيون نتيجة الظروف الاقتصادية المتردية، وكثير من هذه المنازل كانت قد تعرضت للقصف والتدمير الجزئي من جانب قوات النظام والطيران الروسي في أوقات سابقة.
وأعلن "الدفاع المدني" العامل في الشمال السوري انهيار 150 مبنى بشكل كامل و330 بشكل جزئي وتصدع آلاف المباني في شمال غربي سورية جراء الزلزال.
وحول التقييم المبدئي للخسائر الاقتصادية الناتجة عن الزلزال في الشمال السوري، قال الباحث الاقتصادي خالد تركاوي لـ"العربي الجديد"، إن المشهد لا يزال ضبابياً، ولكن الخسائر الأكبر هي خسائر بشرية، وأعرب عن اعتقاده أنه من الناحية الاقتصادية فإن الزلزال لن يتسبب بأكثر من الدمار الذي سببه القصف، مشيرا إلى أنه ليس هناك دمار كبير في المؤسسات أو الأبنية الجديدة، سوى في الساحل السوري، ولكنها لا تزال بمقدار بسيط نسبيا.
وحول التصدع في سد ميدانكي بمنطقة عفرين، أعرب تركاوي عن اعتقاده بأن الأضرار لا تزال بسيطة بالسد، واستبعد انهياره، ولكن بالتأكيد يحتاج إلى صيانة، كما قال.
وفي مناطق سيطرة النظام السوري، أعلنت وزارة النفط والثروة المعدنية التابعة للنظام عن حصول تصدّع في مدخنة وحدة القوى في مصفاة بانياس، وهبوط في البطانة القرميدية للأفران، وحصول تهريب للمواد النفطية وتصدّعات في الأبنية، الأمر الذي استدعى إيقاف المصفاة لمعالجة الأضرار، ومن المتوقع العودة للتشغيل خلال 48 ساعة، وفق الوزارة.
كما ذكرت المديرية العامة للآثار والمتاحف التابعة للنظام السوري أن قلعة حلب تعرضت لأضرار طفيفة ومتوسطة، منها سقوط أجزاء من الطاحونة، وحدوث تشقق وتصدع وسقوط أجزاء من الأسوار الدفاعية الشمالية الشرقية.
كما سقطت أجزاء كبيرة من قبة منارة الجامع الأيوبي، وتضررت مداخل القلعة، وسقطت أجزاء من الحجارة، ومنها مدخل البرج الدفاعي المملوكي، وتعرضت واجهة التكية العثمانية لأضرار، فيما ظهرت تصدعات وتشققات على واجهة المتحف الوطني في حلب.
وتعرض حي العقبة التاريخي المتاخم لسور المدينة الغربي لأضرار وانهيارات، وكذلك الأمر في حي الجلوم التاريخي، حيث وقعت أضرار إنشائية بالغة، منها سقوط أسقف وجدران وأجزاء من الواجهات.
كما تأثرت بيوت خاصة تاريخية في جادة الخندق بأضرار متوسطة وطفيفة، كما تفيد المعلومات بسقوط عدد من مآذن الجوامع التاريخية في حلب.
وفي حماة، تأثرت مبان تاريخية في المحافظة، ما أدى إلى سقوط أجزاء من بعض الواجهات التاريخية لهذه المباني، وخاصة في حي الباشورة التاريخي، فيما سقط الجزء العلوي من مئذنة جامع الإمام إسماعيل في السلمية، ما أدى إلى تصدع واجهة الجامع، وشوهدت أجزاء متساقطة من الجدران الخارجية لقلعة شميميس. وفي طرطوس، تضررت بعض المباني داخل قلعة المرقب، فيما سقط الجرف الصخري في محيط قلعة القدموس، وانهارت المباني السكنية الموجودة في حرم القلعة.
وتشير الإعلانات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة لدى النظام السوري، والدفاع المدني في مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري، إلى أن عدد الضحايا بلغ حتى الآن نحو 800 قتيل، وآلاف الجرحى في كلا المنطقتين، فيما لا تزال مئات العائلات عالقة تحت الأنقاض، بسبب ضعف الإمكانات وفقدان المعدات المطلوبة للتعامل مع مثل هذه الحالات.
وأبرز المحافظات المتضررة هي أدلب وحلب واللاذقية وحماة. وفي إدلب مثلا، الواقعة تحت سيطرة المعارضة، تأثرت بالزلزال نحو 58 مدينة وبلدة وقرية، فيما شهدت مدينة حلب حركة نزوح كبيرة، وخاصة الأحياء الشرقية، نتيجة الخوف من الهزات الارتدادية للزلزال.