تقارب العلاقات بين تركيا وأميركا يمر عبر الصناعات العسكرية

26 فبراير 2024
مشروع مصنع الذخيرة يشمل دولاً عدة بحلف "الناتو" منها تركيا (الأناضول)
+ الخط -

أسفر التقارب التركي الأميركي عن مشروع دفاعي مشترك، بعد موافقة واشنطن على بيع طائرات "إف 16" لأنقرة أخيراً، واللقاءات المتبادلة على خلفية موافقة تركيا على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).

أيضا استقبل الرئيس رجب طيب أردوغان عضوي مجلس الشيوخ الأميركي جين شاهين وكريس ميرفي في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة قبل يومين.

وتناقلت وسائل إعلام تركية، الأحد، إعلان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، عن إقامة مصنع مشترك للذخيرة شُيّد بالتعاون مع مقاولين بقطاع الصناعات الدفاعية التركية سيبدأ الإنتاج بنهاية عام 2025.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جيف يورغنسن إن البنتاغون سيبني 3 منشآت للذخيرة في ولاية تكساس لإنتاج الأجزاء المعدنية من الرصاص عيار 155 ملم.

وأشار إلى أن شركة "جنرال دايناميكس" للذخائر والأنظمة التكتيكية تتولى عملية البناء والتركيب والإنتاج، ولديها اتفاقيات مع مقاولين ثانويين من قطاع الدفاع التركي، على أن تنتهي أعمال تشييد المصنع في نهاية 2025، على أن تبلغ طاقته الإنتاجية 30 ألف غلاف رصاصة شهرياً.

ويرى المحلل التركي سمير صالحة أن المشروع المشترك مع واشنطن جاء نتيجة لما قدمته تركيا، خاصة لجهة الموافقة على انضمام السويد لحلف الناتو، إضافة إلى أن قطاع الصناعات الدفاعية ببلاده يتطور بسرعة كبيرة بعدما حطّمت صادرات صناعات الدفاع والطيران رقماً قياسياً عام  2023، إذ بلغت 5.5 مليارات دولار، ارتفاعاً من 4.4 مليارات دولار في 2022.

ويشير صالحة في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن العام الماضي سميّ عام الصناعات الدفاعية، إذ فضلاً عن تلبية الاحتياجات المحلية وتقليل التبعية والاستيراد، تم الإعلان عن أول طلعات لأسلحة جديدة، مثل المروحية الهجومية "أتاك-2" والطائرة المقاتلة بدون طيار "العنقاء 3"، والمسيرة "بيرقدار TB3"، وطائرة التدريب النفاثة "حرجيبت".

والأهم برأي المحلل التركي زيادة وصول الأسلحة التركية للدول الخارجية، إذ تم توقيع عقود العام الماضي مع دول عدة، منها أكبر عقد تصدير في تاريخ تركيا مع السعودية.

وحول أثر تحسن العلاقات، وخاصة العسكرية مع الولايات المتحدة، على علاقة تركيا بروسيا التي يزيد التبادل التجاري معها عن 33 مليار دولار، يؤكد المحلل صالحة أن تركيا تؤثر التوازن بعلاقاتها الخارجية من دون أن تحيد عمّا تراه مصالح الشعوب.

وأضاف أن تركيا تحاول الوساطة بالحروب والخلافات بما فيها الحرب الروسية على أوكرانيا، ولكن "أتوقع أن تتأثر العلاقات اليوم ومن الطرف الروسي".

ويأتي إعلان وزارة الدفاع الأميركية عن مشروع صناعات عسكرية مشترك مع تركيا، بعد تصريح السفير الأميركي في أنقرة جيف فليك الأسبوع الماضي، عن أن بلاده تعتزم الاستعانة بتركيا في أحد مشاريع الصناعات الدفاعية.

وتأتي الحاجة الأميركية إلى تجديد مخزون الذخيرة بسبب استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، وحاجة الولايات المتحدة إلى تعزيز مخزوناتها الاستراتيجية، إذ تقوم الآن ببناء 3 خطوط لإنتاج تلك الذخائر بمعاونة شركات تركية، وفقا للسفير.

وحول تصدير طائرات "إف 16" لأنقرة، يشير السفير الأميركي إلى أن التعاون التركي الأميركي يمثل أساسا لتقدم الولايات المتحدة وقوتها وازدهارها، وهو ما مثلته الصفقة التي أبرمتها مع تركيا بقيمة 23 مليار دولار لشراء 40 طائرة F-16 جديدة ولتحديث 79 أخرى في الخدمة.

كما أن "التقدم التركي المستمر في قطاع الصناعات الدفاعية والطائرات المسيّرة والصناعات العالية التقنية يمثل تعزيزا للقوة الأميركية وللناتو"، بحسب السفير.

ويلفت المحلل باكير أتاجان إلى أن المشروع يشمل دولا عدة بحلف شمالي الأطلسي (ناتو)، منها تركيا، بعدما أثبتت جدارتها بالصناعات العسكرية وبعد زيادة الصادرات عن 5 مليارات دولار وزيادة الطلب الخارجي على الأسلحة التركية، والمسيرات بمقدمتها، كاشفاً أن أكثر من 30 دولة وقعت عقوداً لاستيراد المنتجات العسكرية.

وحول تحسن العلاقات الاقتصادية التركية الأميركية، يرى مدير أكاديمية الفكر بإسطنبول باكير أتاجان أن الولايات المتحدة تريد شريكاً قوياً بالشرق الأوسط بعد تجارب كثيرة مع دول عدة، وخلصت إلى أن تركيا هي الشريك القوي لأنها تحقق الشروط الاقتصادية والسياسية وحتى الدفاعية، سواء من حيث القوة أو التصنيع.

ويضيف أن ما تشهده العلاقات اليوم بين أنقرة وواشنطن، بعد الزيارات والتقارب والحروب بالمنطقة، عوامل ستزيد تعزيز العلاقات والتبادل التجاري الذي اقترب من 35 مليار دولار وهناك الآمال ببلوغها 100 مليار، لافتاً إلى أن واشنطن هي التي بدأت بمد اليد وتقديم طائرات "إف 16" عربوناً لتحسين العلاقات مع أنقرة.

وكان الكونغرس الأميركي قد أعطى أخيراً الضوء الأخضر لبيع تركيا 40 مقاتلة حديثة من طائرات "إف 16" بقيمة 23 مليار دولار. وبينما ينظر لهذه الخطوة على قدر كبير من الأهمية، ذكرت وسائل إعلام أن عملية التسليم لن تكون قريبة، لاعتبارات تتعلق بالشركة المصنّعة.

المساهمون