تفاؤل روسي حول طيّ أزمة خط غاز "السيل الشمالي-2"

26 يوليو 2021
تأكيدات على حماية مصالح أوكرانيا (Getty)
+ الخط -

توصلت الولايات المتحدة وألمانيا إلى اتفاق بشأن مصير خط أنابيب الغاز "السيل الشمالي-2" لنقل الغاز الروسي، في الأسبوع الماضي، ما زاد من تفاؤل موسكو بقرب استكمال المشروع الذي اصطدم بعدد من العقبات الجيوسياسية وأدت إلى تأخره.

وما رفع من حدة الخلافات حول "السيل الشمالي-2" طوال السنوات الماضية، هو التهديد الذي يشكله للمنظومة الأوكرانية لنقل الغاز بعد انتهاء عقد ترانزيت الغاز الروسي في عام 2024، كما أنّه ينافس إمدادات الغاز الطبيعي المسال أميركي المنشأ إلى أوروبا.

ولعلّ هذا ما دفع واشنطن وبرلين إلى ترك مجال للتحرك في حال استخدام روسيا الطاقة كسلاح جيوسياسي في أوروبا، وكآلية للضغط على أوكرانيا، إذ تعهدت ألمانيا باستخدام الوسائل المتاحة كافة لاستمرار ترانزيت الغاز الروسي عبر أراضي أوكرانيا بعد عام 2024. ويعتبر نائب مدير صندوق أمن الطاقة الوطني في موسكو، أليكسي غريفاتش، أنّ الاتفاق الأميركي - الألماني جاء "محايداً" بحق روسيا، واصفاً استكمال خط الغاز بأنّه "انتصار مشترك لروسيا وألمانيا".

ويقول غريفاتش، في حديث مع "العربي الجديد": "يمكن نعت هذا الاتفاق بأنّه محايد في جوهره بحق روسيا، لكنّه عدواني لجهة خطابه. وعلى الأرجح، لم يكن من الممكن توقع أكثر من ذلك، إذ كانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تحتاج إلى حفظ ماء الوجه والتصدي للاتهامات بالنعومة، بينما سعت ألمانيا للقيام بأيّ خطوات في هذا الاتجاه لتسمية البيان بالصفقة".

وفي معرض إجابته عمّن هو الفائز في الصراع حول "السيل الشمالي-2"، يضيف أنّ "استكمال أعمال بناء خط أنابيب الغاز خلال الأسابيع المقبلة، يمكن وصفه بأنّه انتصار مشترك لروسيا وألمانيا، أو أوروبا القديمة، بمعنى أوسع"، في إشارة إلى أنّ دول أوروبا الغربية تسعى للدفع بالتعاون مع روسيا، على عكس الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي مثل بولندا ودول البلطيق (لاتفيا وليتوانيا وإستونيا).

وحول الموقف الأميركي من المشروع، يضيف: "ما زالت الولايات المتحدة تريد نسف التعاون الروسي - الأوروبي في مجال الطاقة، لتحقيق أهدافها التجارية والجيوسياسية، وستواصل العمل على ذلك، مع اضطرارها إلى قبول الواقع، ومفاده أنّ الأميركيين لم يتمكنوا من تعطيل بناء وتشغيل السيل الشمالي-2".

وفي أوكرانيا، تحول الاتفاق على استكمال المشروع إلى قضية سياسية داخلية، إذ دعا حزب "المنصة المعارضة - من أجل الحياة" إلى استقالة الرئيس فلاديمير زيلينسكي وحكومته بسبب فقدان البلاد أهم أصولها في مجال الطاقة والقضاء على قدراتها في مجال الترانزيت.

لكن في موسكو، اعتبر رئيس تحرير مجلة "روسيا في السياسة العالمية"، فيودور لوكيانوف، في مقال بمجلة "بروفايل" أنّ "هذه الحلقة التجارية والمتعلقة بالمصالح المالية والاقتصادية للأطراف، أصبحت لحظة فارقة في التاريخ السياسي لأوروبا".

ويشمل مشروع "السيل الشمالي-2" مدّ أنبوبين بطاقة 55 مليار متر مكعب سنوياً لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا عبر قاع بحر البلطيق، وتبلغ تكلفة المشروع نحو 10 مليارات يورو، وتشارك عدة شركات غربية كبرى في تنفيذه إلى جانب "غازبروم Gazprom" مثل "شل Shell" و"أو إم في OMV Group" و"إنجي Engie" و"أونيبر Uniper SE" و"وينترشال Wintershall Dea".

وأصبح "السيل الشمالي-2" أو "نورد ستريم 2" المشروع الأكثر جدالاً بين ألمانيا والولايات المتحدة. فالأخيرة ترى فيه خطراً على مصالحها، ما دفعها إلى فرض عقوبات ضد الشركات القائمة عليه.

المساهمون