يراوح مكانه ملف افتتاح منفذ الجميمة الحدودي بين العراق والسعودية رغم إحياء فكرة الافتتاح منذ عام 2017، حين أعلنت هيئة المنافذ الحدودية عن اتفاق على فتح منافذ جديدة لنقل البضائع والمسافرين بين البلدين، علماً أنّ محافظة المثنى كانت أعلنت في تلك السنة أن السعودية أبدت استعدادها لتحمل تكاليف تشييد المنفذ، ثم عادت لتكشف عام 2019، عن تأخير الافتتاح عازية ذلك إلى "أسباب سياسية".
ويملك العراق والسعودية معبرين بريين، الأول هو معبر عرعر في الأنبار، غربي العراق، والذي افتتح قبل نحو عامين لأغراض السفر والتجارة، بينما ظلت معطلة خطة افتتاح "الجميمة" الواقع ضمن محافظة المثنى.
ويكشف مسؤولون عراقيون عن أسباب تأخر الافتتاح، فيما يبين اقتصاديون أهمية افتتاحه وآثاره الإيجابية على مدينة المثنى التي يعيش مواطنوها تحت خط الفقر بنسبة 50%.
في السياق، يقول عضو الحكومة المحلية في محافظة المثنى سامي الحساني لـ"العربي الجديد" إن اجتماعات عديدة عقدت كانت الحكومة المحلية طرفا فيها مع الحكومة المركزية حيث تناولت النقاشات افتتاح منفذ الجميمة، حتى أنّ المحافظ حينها حضر مع رئيس الوزراء اجتماع اللجنة العليا للتنسيق بين البلدين.
ويضيف الحساني: "أوكلت إلينا مهمة إكمال أجزاء من البنى التحتية والطرق وأمور أخرى وأنجزناها من دون تأخير، لأننا نعلم مدى الفائدة التي ستعود على محافظتنا والمواطنين، خصوصا أن افتتاح هذا المنفذ سيحرّك الاقتصاد العراقي ويُنعش الحركة داخل المحافظة التي يعيش مواطنوها في فقر مدقع"، لافتا إلى أن الحكومة المحلية كانت تأمل انجاز الافتتاح وتخطط لإطلاق معامل ومصانع ومشاريع قريبة منه تستفيد من التبادل التجاري المرتقب".
وأعلن رئيس هيئة المنافذ الحدودية عمر الوائلي في ديسمبر/كانون الأول 2021، عن موافقة مجلس الهيئة على فتح منفذ الجميمة من أجل رفع المستوى الاقتصادي لأبناء المحافظة، فضلا عن تشغيل الأيدي العاملة العراقية وزيادة التبادل التجاري، وأكد أن العراق ينتظر موافقة الجانب السعودي، إذ تم إشعار الرياض بذلك عن طريق القنوات الدبلوماسية، فيما يُرجع مصدر حكومي أسباب التلكؤ في الافتتاح إلى تهديدات أمنية ورفض فرص استثمارية طرحت السعودية أفكارا بشأنها.
مصدر حكومي في بغداد أوضح لـ"العربي الجديد" أنّ سبب تأجيل افتتاح المنفذ الحدودي المذكور يعود إلى اعتراض جهات عراقية على استثمارات قدمها الجانب السعودي داخل مناطق بادية المثنى، قبل أن تطلب المملكة تأجيل الافتتاح نتيجة لذلك".
وفي السياق ذاته، أوضح المصدر أنّ الجهات التي شنت حربا إعلامية ومارست ضغوطا على الحكومة العراقية كانت جهات وأحزابا حليفة لإيران، حيث حذر حينها زعيم "حركة عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي علنا من المضي بمشاريع الاستثمار السعودي. وقد بيّن خبراء اقتصاديون أهمية افتتاح هذا المنفذ والخسائر التي مُني بها العراق نتيجة تعطيله.
في هذا الإطار، قال الخبير يوسف الجنابي لـ"العربي الجديد" إن العراق يملك أكثر من 22 منفذا حدوديا مع دول الجوار، وهي تركيا وسورية والأردن والسعودية والكويت وإيران، وكل هذه المنافذ تحقق إيرادات مالية معتبرة لخزينة الدولة، وهي المصدر والباب الرئيسي للتبادل التجاري، ناهيك عن أهميتها السياسية وما يمكن للاقتصاد ان يلعبه من دور في توطيد علاقات الدول.
ويشير الخبير الجنابي إلى أنّ "محافظة المثنى التي كانت المستفيد الأول لو افتتح المنفذ تُعد من أولى محافظات العراق تصدرا للفقر وعدم وجود فرص العمل، ويعيش غالبية أبنائها تحت خط الفقر، في حين أن تشغيل المنفذ كان سيشغل أبناء المحافظة ويحرك دورتها الاقتصادية والتجارية والخدماتية"، مشيرا إلى أنه "عادة ما تحظى المدن القريبة من المعابر الحدودية مع بقية الدول بالأولوية لدى الدولة المجاورة، حتى أن اللهجة المحكية تكون متقاربة وهو ما يعزز عملية التواصل".
وينتهي الجنابي إلى القول إنّ "العراق الذي لا يزال يعتمد على النفط مصدرا رئيسيا في موازنته العامة، عليه أن يلتفت إلى تعزيز تبادلاته التجارية وخاصة مع الدول التي تشبهه، ثم إننا يجب ألا ننسى أن هذا المعبر كان يمكن أن يُستخدم لمرور الحجاج والمعتمرين إضافة إلى الحركة التجارية".
ويختم: "بعيداً عن الجانب الاقتصادي، فإنّ افتتاح المنفذ هذا سيكون العلامة المهمة في تحسن واستعادة العلاقات العراقية - السعودية بعد 30 عاماً من تأثرها سلباً باجتياح العراق دولة الكويت".