تعسف عمالي في الأردن: ظروف عمل قاسية وانتهاكات واسعة

12 نوفمبر 2022
مشكلات متعددة في سوق العمل (عوض عوض/ فرانس برس)
+ الخط -

تتعرض شرائح عمالية واسعة في الأردن إلى انتهاكات جديدة ومتنوعة، تطاول أجورهم وظروف عملهم وحقوقهم البديهية، ومنها مثلاً التمتع بالتدفئة خلال ممارسة عملهم في الشتاء، ما دفع المرصد العمالي الأردني إلى مناشدة الجهات المعنية لمعالجة هذه الأزمات وتوفير ظروف أفضل للعمال في مختلف مواقعهم.

وقال رئيس المرصد أحمد عوض لـ"العربي الجديد" إن هذه الاختلالات تتعلق بسلوكيات سلبية تجاه العمال في عدة قطاعات، بعضها يتشابه مع الانتهاكات المعتادة بحق العمال وأخرى تختلف ويتم تسليط الضوء عليها للمرة الأولى ولكنها على درجة عالية من الأهمية وتؤذي العمال.

وأضاف أن المتابعات المستمرة لواقع العمال في الأردن من حين إلى آخر أدّت إلى اكتشاف انتهاكات جديدة تم توثيقها بالتنسيق مع الهيئات التمثيلية للعمال. وأشار إلى أنه وفقاً للنقابة العامة للعاملين في الخدمات العامة والمهن الحرة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فإن قطاع العمالة المنزلية يتعرض للعديد من الانتهاكات والتجاوزات على الحقوق والقوانين التي قد تصل إلى جريمة الاتجار بالبشر، وبخاصة العمالة الوافدة.

وقد أورد تقرير المرصد العمالي أن بيانات حقوقية موثقة وصادرة عن مؤسسات مجتمع مدني كشفت مخالفات متعددة تتعرض لها عاملات المنازل اللاتي يتجاوز عددهن الـ60 ألفاً، منها حجز الوثائق والعمل لساعات طويلة من دون تخصيص أوقات للراحة، وانتهاكات تتصل بالأجور والإجازات إلى جانب التعرض للإيذاء والضرب والمعاملة القاسية وغيرها من أوجه الاستغلال والتجاوز على حقوق الإنسان.

من جانب آخر، بيّن المرصد أن معظم العمال في المنشآت يعانون من البرد الشديد طيلة فترة الشتاء، إذ يفتقرون إلى التدفئة رغم اعتبار العديد منها منشآت ذات ثقل تشغيلي. وقال المرصد "ما يزال العاملون في القطاع الصناعي، وبخاصة الصناعات الغذائية، يفتقرون إلى وسائل التدفئة الضرورية، بحجة أن البرودة مطلب لخطوط إنتاج أغذية ومعلبات ومنتجات تموينية مختلفة".

وأضاف المرصد أنه اليوم تبقى العديد من أماكن العمل غير مجهزة لفصل الشتاء وتخلو من أنظمة التدفئة والتكييف والمدافئ، إضافة إلى أن بعض الأماكن تحتاج إلى حرارة منخفضة لمصلحة الإنتاج. وينادي ناشطون عماليون بضرورة توفير بيئة عمل دافئة في المكاتب والمنشآت، بما يتناسب مع الظروف الجوية المتقلبة خلال فصل الشتاء وبرودتها.

وقال خبير الصحة والسلامة المهنية أسامة الشديفات إن البرد الشديد قد يسبب أمراضاً عضلية مختلفة وأمراض الجهاز التنفسي وقد يؤدي كذلك إلى الإصابة بأمراض العمود الفقري وغيره جراء التعرض المستمر للبرد الشديد، وخاصة في أيام الشتاء الشديدة. وأضاف أن ذلك يتطلب إبقاء حرارة الأماكن حول 24 درجة مئوية لتحافظ على حرارة أجساد العاملين والعاملات واعتماد أنظمة تصريف مياه جيدة وفعالة في الأماكن المفتوحة.

وحول العاملين والعاملات في بيئات عمل تتطلب بقاء المكان بارداً فيشدد على تزويدهم بملابس دافئة، وخاصة تضمن بقاء درجات حرارة أجسادهم ضمن المعقول والمقبول لضمان عدم إصابتهم بأمراض العمود الفقري أو حتى الإنفلونزا وغيرها من أمراض الشتاء.

منسق الحملة الوطنية لحقوق العمال (صوت العمال) عماد المالحي طالب بضرورة تضمين قانون العمل شروطاً لتدفئة أماكن العمل في الشتاء، بحكم أنّ التدفئة الآمنة حق لا يمكن إنكاره للعاملين والعاملات، وخاصة في المصانع والأماكن المفتوحة والواسعة التي تفتقر إلى هذه الميزة في ظل الأجواء السائدة.

وطالب المالحي بوضع هذا العنوان على طاولات وقوائم مطالبات الأحزاب والنقابات المهنية والعمالية، خصوصاً أنّ الوضع العام لعمال الأردن لم يعد يحتمل الأسوأ.

وقال إن غياب حق التنظيم النقابي وحرية الانضمام للنقابات أفقد العامل وجود منظمة أو جمعية أو نقابة تدافع عنه، وبخاصة مع الاحتمالات التي قد تؤثر على عمله في حال المطالبة أو الشكوى، إذ قد يتعرض للفصل التعسفي أو الإنذار والحسم من الرواتب أو يجدد عقده. وأكد أن استمرار تجريد العاملين والعاملات من سبل التعبير سيخلف سوق عمل سيئاً لهم وبيئات عمل غير آمنة على الإطلاق.

وقال إن الوقت حان لتوحيد كلمة الناشطين والأحزاب والنقابات والضغط على السلطتين التشريعية والتنفيذية لاتخاذ قرارات تصب في صالح العمال لا ضدهم، ودون ذلك ستبقى السلطة بيد أصحاب الأعمال في ظل خلل واضح بمنظومة التشريع الخاصة بالعمل، على رأسها لجان العمل النيابية المتتالية منذ سنوات.

وذكر المرصد العمالي أن منظمة العمل الدولية أطلقت في وقت سابق دليلاً حمل عنوان "المبادئ الأساسية للسلامة والصحة المهنية في بيئة العمل" تضمن تحذيراتٍ من العمل في بيئات باردة قد تخلف للإنسان خللاً في أنسجة أطرافه، إذ إن العضلات والأطراف تكون أكثر الأجزاء تأثراً بذلك. وأشار الدليل الى أن التعرض للبرد يُحدث انكماشاً في الأوعية المحيطة بالجلد، ما يقلل كمية الدم المار فيها لتنتج الالتهابات الجلدية.

المساهمون