اتفاق لتعزيز النقل عبر ممر "الشمال - الجنوب" بين إيران وروسيا وكازاخستان

21 يوليو 2024
الاتفاق سيسمح بزيادة النقل عبر الممر إلى 15 مليون طن سنوياً (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **اتفاقية تطوير ممر الشمال - الجنوب**: وقعت إيران وروسيا وكازاخستان وتركمانستان اتفاقاً لتطوير قدرات النقل عبر الطريق الشرقي لممر الشمال - الجنوب (INSTC) لزيادة النقل إلى 15 مليون طن سنوياً بحلول 2027 و20 مليون طن بحلول 2030.

- **تاريخ وأهمية ممر الشمال - الجنوب**: مشروع نقل دولي طُرح في قمة الاتحاد الأوروبي عام 1992، يربط المحيط الهندي ومنطقة الخليج مع بحر قزوين وشمال أوروبا، ويقلل تكاليف النقل بنسبة 30% ووقت النقل بنسبة 40%.

- **التعاون الإيراني الروسي في مجال الغاز**: إيران وروسيا تتعاونان لإنشاء خط أنابيب غاز بقيمة 10-12 مليار دولار سنوياً لمدة 30 عاماً، مما سيحوّل إيران إلى مركز للغاز الطبيعي في المنطقة.

وقعت دول إيران وروسيا وكازاخستان وتركمانستان اتفاقاً لتطوير قدرات النقل عبر الطريق الشرقي لممر الشمال - الجنوب (INSTC) خلال العامين 2024 و2025. وقالت وزارة النقل الكازاخستانية وفقاً لوكالة تاس الروسية، إن الاتفاق الذي وُقِّع على هامش المنتدى الأول لتجارة النقل والتصدير سيسمح بزيادة النقل عبر الممر إلى 15 مليون طن سنوياً بحلول عام 2027 و20 مليون طن بحلول عام 2030. 

وأكدت وزارة النقل الكازاخستانية، وفقاً لوكالة الأنباء الإيرانية" إرنا"، في تقرير لها السبت، إن الممر يُعَدّ أكثر طرق النقل أماناً وأقصرها إلى المحيط الهندي، ولذلك، من الضروري البدء بخريطة الطريق الموقعة اليوم في سياق التطوير المتزامن لإمكانات المسار الشرقي لهذا الممر من أراضي كازاخستان وتركمانستان وإيران وروسيا . 

و"ممر الشمال - الجنوب" مشروع نقل دولي عملاق، طُرح خلال قمة الاتحاد الأوروبي في العاصمة الفنلندية هلسنكي عام 1992، كالممر التاسع من ضمن عشرة ممرات، ثم وقّعت الدول الثلاث، إيران وروسيا والهند عام 2000 الوثيقة الأولى لإنشائه في سانت بطرسبرغ الروسية. وعام 2016، التحقت دول أخرى بالمشروع، هي: سلطنة عُمان، وتركيا، كازاخستان، أرمينيا، قرغيزستان، طاجيكستان، بيلاروسيا، أوكرانيا، سورية، وبلغاريا، إلى جانب الدول المؤسسة الثلاث.

وبحسب تقديرات سابقة صادرة عن البنك الأوراسي لإعادة الإعمار والتنمية، فإن التكلفة الإجمالية للمشروع تقدر بـ38.2 مليارات دولار، 10 مليارات منها لإنشاء المواقع ذات الأولوية القصوى لتشغيل الممر. ويتكون هذا الممر من شبكة خطوط بحرية وبرية وسكك حديدية يبلغ طولها 7200 كيلومتر، ويبدأ من بومباي في الهند ليربط المحيط الهندي ومنطقة الخليج مع بحر قزوين مروراً بإيران، ثم منها يتوجه إلى سان بطرسبرغ الروسية، ومنها إلى شمال أوروبا، وصولاً إلى العاصمة الفنلندية. 

ويعتبر هذا المشروع إحدى أرخص الطرق الرابطة بين قارتي آسيا وأوروبا، وبذلك ينافس قناة السويس، حيث تتقلص تكاليف النقل عبره بمقدار 2500 دولار مقابل كل 15 طناً، فضلاً عن أن ذلك يستغرق 14 يوماً فقط، في مقابل 40 يوماً عبر طريق قناة السويس، حسب البيانات الإيرانية. ووفقاً لوكالة "إرنا"، فإن الطريق الحالي لإرسال البضائع من الهند إلى مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، والذي يمر عبر قناة السويس، يبلغ طوله حوالى 14500 كيلومتر، أما ممر إيران في هذا الطريق فلا يتجاوز 7200 كيلومتر، ومن شأنه خفض وقت النقل بنسبة 40% والتكاليف بنسبة 30%. 

وأعلن وزير الطرق وبناء المدن الإيراني، مهرداد بذرباش، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن بلاده تمكنت من تقليص مدة نقل السلع من روسيا في شمال إيران على بحر قزوين إلى ميناء بندر عباس المطل على الخليج جنوبيّ البلاد إلى 20 يوماً، من 49 يوماً في السابق. وقال بذرباش، لوكالة "إيسنا" الإيرانية للأنباء، إن الحكومة الإيرانية تسعى لتقليص المدة إلى أقل من 20 يوماً أيضاً.

أما المسار الغربي للممر لممر الشمال -الجنوب ، والذي يضم روسيا وإيران وأذربيجان، فهنالك خط سكك حديد قيد الانشاء بطول 162 كم بين مدينتي رشت وآستارا شمال ايران لاستكمال الربط السككي بين الخليج العربي وسانت بطرسبرغ وشمال أوروبا.علماً أن أربعة ممرات دولية تتقاطع في إيران، هي ممر "الشمال - الجنوب"، و"الشرق - الغرب"، وجنوب آسيا، وممر النقل تراسيكا (أوروبا - القوقاز وآسيا). 

وتتجه إيران وروسيا تحت ضغط هائل من العقوبات الغربية، إحداهما نحو الأخرى، وكلتاهما تتجه نحو الشرق أيضاً، والهدف حماية الروابط التجارية من التدخل الغربي وبناء روابط جديدة مع الاقتصادات العملاقة وسريعة النمو في آسيا. وأعلن الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان في مقال بـ"العربي الجديد" في وقت سابق من الشهر الجاري، استعداد بلاده للمشاركة في مشاريع التنمية الاقتصادية وتنمية البنى العمرانية وممرّات النقل بين دول الجوار، كذلك فإنها مستعدّةٌ أيضاً لإشراك هذه الدول في ممري "الشمال ـ الجنوب" و"الشرق ـ الغرب" داخل أراضيها.

خط أنابيب الغاز بين إيران وروسيا

في السياق، أكد وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، أن خط أنابيب الغاز المقرر إنشاؤه لاستيراد الغاز من روسيا سيضمن توصيل الغاز المحلي بشكل مستدام من ناحية، وسيزيد من قدرة تصدير الغاز واستمراريته من ناحية أخرى.

وأضاف أوجي في تصريحات نقلتها وكالة مهر الإيرانية للأنباء السبت، أن قيمة التعاقد مع روسيا على خط أنابيب الغاز، ستراوح بين 10 إلى 12 مليار دولار سنوياً. ولفت إلى أن "هذا العقد الذي تبلغ مدته 30 عاماً، والذي سيؤدي إضافةً إلى إزالة الخلل في الغاز الطبيعي المحلي، سيحوّل إيران إلى مركز للغاز الطبيعي في المنطقة، مع تركه آثاراً كبيرة على العلاقات الاقتصادية والسياسية والتجارة".

كان أوجي قد أكد الأربعاء الماضي أن بلاده ستتسلم 300 مليون متر مكعب من الغاز الروسي يومياً. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" عن الوزير قوله: "ننتج حالياً ما بين 840 إلى 850 مليون متر مكعب يومياً من الغاز الطبيعي في إيران، وبموجب الاتفاق سيُنقَل 300 مليون متر مكعب من الغاز يومياً من روسيا عبر بحر قزوين، وستتحمل روسيا تكلفة إنشاء البنية التحتية اللازمة".

وقالت شركة الطاقة الروسية العملاقة غازبروم في نهاية يونيو/ حزيران الماضي، إنها وقّعت مذكرة مع الشركة الوطنية الإيرانية للغاز لتوفير إمدادات غاز روسية لإيران. ولم يُكشَف عن تفاصيل المذكرة التي وُقِّع عليها خلال زيارة رئيس شركة غازبروم أليكسي ميلر لإيران. بينما أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، تعقيباً على الاتفاق، أن موسكو تعمل على ما وصفتها بأنها "معاهدة كبيرة" مع إيران. وتشير تعليقات المتحدثة، على ما يبدو، إلى اتفاق تعاون ثنائي شامل يجري التفاوض عليه بين طهران وموسكو. وفي يناير/ كانون الثاني، قالت وزارة الخارجية الروسية إن هناك اتفاقاً جديداً بين البلدين يعكس "التحسن غير المسبوق" في العلاقات بين روسيا وإيران، وهو في المراحل النهائية لإبرامه.

وتملك إيران ثاني أكبر احتياطيات للغاز في العالم بعد روسيا، وتسعى موسكو منذ فترة طويلة للاستفادة من أعمالها في مجال الغاز الطبيعي. وأعاقت العقوبات الأميركية وصول إيران إلى التكنولوجيا اللازمة، وأبطأت تعزيز صادراتها من الغاز. وتراجعت إمدادات الغاز التي تقدمها شركة غازبروم إلى أوروبا، والتي كانت ذات يوم مصدراً لثلثي إيرادات مبيعاتها من الغاز، لأدنى مستوياتها بعد الاتحاد السوفييتي بسبب الحرب في أوكرانيا. وفي العام الماضي، تكبّدت خسائر بلغت نحو سبعة مليارات دولار، وهي أول خسارة سنوية لها منذ عام 1999.

المساهمون