تعرّف على ميزانية قطار "خط إليزابيث" وانعكاسه اقتصادياً في بريطانيا
تجمّع مئات الأشخاص في وسط لندن صباح اليوم الثلاثاء، كي يكونوا من بين الركاب الأوائل الذين يستخدمون أول قطارات "خط إليزابيث"، الذي تبلغ قيمته 18.9 مليار جنيه إسترليني.
فبعد 20 عامًا من التخطيط والبناء والتأخير، تم افتتاح خط إليزابيث أخيرًا، وانطلق بالفعل أول قطار في الوقت المحدد عند الساعة 6:33 صباحًا.
ويعدّ خط إليزابيث أهم إضافة لشبكة النقل في لندن منذ جيل، إذ من المتوقع أن تعمل السكك الحديدية الجديدة على تغيير الحياة والسفر في لندن والجنوب الشرقي وتقليل أوقات الرحلات وتوفير دفعة اقتصادية هائلة.
ويمتد خط إليزابيث، المعروف سابقاً باسم كروس ريل، لأكثر من 100 كيلومتر من ريدينغ وهيثرو في الغرب عبر الأنفاق المركزية عبر شينفيلد وآبي وود في الشرق. ويتواجد ما مجموعه 41 محطة على هذا الخط، تعمل حاليًا عبر 3 خطوط سكك حديدية منفصلة: من ريدينج إلى بادينجتون، ومن بادينغتون إلى أبي وود، ومن ليفربول ستريت إلى شينفيلد.
ومن المقرّر أن تخدم ما يصل إلى 200 مليون شخص كل عام، وأن تساهم في تخفيض أوقات الرحلات بين محطات مترو الأنفاق الرئيسية، وأن تخفّف أزمة المرور الخانقة في لندن. فعلى سبيل المثال ستصبح المسافة من أبي وود، جنوب شرق لندن، إلى بادينغتون بمقدار النصف، أي حوالي 29 دقيقة.
كذلك، سيقلّص وقت الرحلات بين ليفربول ستريت ووولويتش إلى النصف لتصبح 15 دقيقة. أمّا الرحلات بين فارينغدون وكناري وورف فستستغرق 10 دقائق بدلاً من 24 دقيقة.
تأثير خط إليزابيث على أسعار المنازل
تشهد بعض المناطق الموجودة على خط إليزابيث نموًا هائلاً في الأسعار منذ 10 سنوات، بينما بدأت الآن العديد من المواقع الأخرى الموجودة على الخط أيضاً في جذب الانتباه، نظرًا لوجود متوسط أسعار منازل لا يزال أقل بكثير من 500 ألف جنيه إسترليني. وبحسب مكتب الإحصاء الوطني، يبلغ سعر منزل لندن الآن 523 ألفًا و666 جنيهًا إسترلينيًا في المتوسط.
وقد شهدت بعض المناطق حول محطات خط إليزابيث استثمارًا أكثر بكثير من غيرها، فقد أنفقت وولويتش في جنوبي شرق لندن المليارات على بناء منازل جديدة مع ترقّب المزيد من التطورات في الأفق، بينما اقتصر التغيير في منطقة سفن كينغز شرق لندن على تجديد المحطة.
وتقع المناطق الأرخص في شرق وجنوب شرق لندن من خط إليزابيث، بمتوسط منازل أقل من 500 ألف جنيه إسترليني وشقق أقل من 250 ألف جنيه إسترليني.
في هذا السياق، قال جون ديكي، الرئيس التنفيذي لشركة "لندن فيرست"، إن افتتاح خط إليزابيث سيكون "تحويليًا". وفي حديثه إلى "بي بي سي نيوز"، قال إن تأثيره سيكون محسوسًا في جميع أنحاء البلاد. وأوضح أنّ خط إليزابيث سيكون خطوة تحوّل كبيرة لسكان لندن وزوّارها على حد سواء، من خلال ربط المطارات والمكاتب والمنازل والمتاجر والأنشطة الترفيهية بسرعة أكبر وسهولة الوصول إليها.
هذا المشروع هو دليل واضح على ما يمكن تحقيقه عندما تعمل الشركات وجميع مستويات الحكومة معًا من أجل مصلحة الاقتصاد الوطني.
تاريخ خط إليزابيث.. الميزانية والفوائد
ومن المقرّر أن يكون الخط الجديد حاسمًا في تعافي لندن من الوباء، حيث يساعد في تجنب العودة إلى الاستخدام من خلال توفير خيارات رحلات جديدة ودعم التجديد عبر العاصمة، وإضافة ما يقدر بنحو 42 مليار جنيه إسترليني إلى اقتصاد المملكة المتحدة.
المشروع المعروف أصلاً باسم كروس ريل تأخر أربع سنوات وخمسة أشهر عن موعد افتتاحه، وفاقت تكاليفه الميزانية المخصصة له بـ3 مليارات جنيه إسترليني.
وقد استغرق بناء الأنفاق 3 سنوات مع استخدام 8 آلات حفر أنفاق. لكن تمّ الاستفادة من التربة التي استخرجت من الأنفاق، حيث نُقل أكثر من 3 ملايين طن منها إلى جزيرة والاسيا في إسيكس لإنشاء محمية طبيعية جديدة للأراضي الرطبة.
واكتشف علماء الآثار خلال عملية البناء والحفر عشرات الآلاف من العناصر والأشياء التي يعود تاريخها إلى 55 مليون سنة، بما في ذلك كرات البولينغ تيودور والميداليات الرومانية وعظم فك الماموث الصوفي من العصر الجليدي الأخير.
وتقول هيئة النقل في لندن إن خط إليزابيث سيزيد من سعة السكك الحديدية في وسط لندن بنسبة 10%، وهي أكبر زيادة فردية منذ أكثر من 70 عامًا. وسيربط المسار الأخير إيسيكس وبيركشاير وباكينجهامشير ولندن ومطار هيثرو، ويساعد في تعزيز المساكن والوظائف الجديدة في جميع هذه المناطق.
وبدأ التفكير بـ خط إليزابيث لأول مرة (المعروف آنذاك باسم كروس ريل) مع إنشاء شركة كروس ريل في عام 2002. وكان مشروعا مشتركا بين هيئة السكك الحديدية الاستراتيجية وشركة نقل لندن.
وسمح غوردون براون، رئيس الحكومة البريطانية في عام 2007، ببناء كروس ريل، وفي هذه المرحلة قدّرت التكلفة بـ15.9 مليار جنيه إسترليني على أن يكون تاريخ الافتتاح ديسمبر/كانون الأول 2017.
وفي عام 2010 تم تخفيض ميزانية كروس ريل بمقدار 1.1 مليار جنيه إسترليني لتصل إلى 14.8 مليار جنيه إسترليني بموجب تدابير التقشف التي اتخذها ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء آنذاك، وائتلاف نيك كليغ بين حزب المحافظين والحزب الديمقراطي الليبرالي. وتم تأجيل تاريخ الافتتاح أيضًا لمدة عام حتى ديسمبر/كانون الأول 2018.
تبدّل إسم المشروع مع زيارة الملكة إليزابيث الثانية لمحطة بوند ستريت في عام 2016، حيث كشفت عن الاسم الجديد تكريماً لها.
وفي عام 2018، أعلن أن ميزانية خط إليزابيث ارتفعت مرة أخرى بمقدار 600 مليون جنيه إسترليني لتصل إلى 15.4 مليار جنيه إسترليني بسبب "ضغوط التكلفة المتزايدة عبر المشروع". كذلك، أعلنت شركة كروس ريل في العام ذاته أنها ستؤجل موعد افتتاح ديسمبر 2018 بسبب التأخيرات في البناء وصعوبات تثبيت أنظمة الإشارات المعقدة. كما قالت هيئة نقل لندن إنّ الشركة ستحتاج ملياري جنيه إسترليني أخرى، مما يجعل التكلفة الإجمالية تصل إلى 17.6 مليار جنيه إسترليني.
وفي عام 2019، تتعهّد شركة كروس ريل بأن الخط سيفتتح في أقرب وقت ممكن عمليًا في عام 2021. مع زيادة التكلفة أيضًا بمقدار 650 مليون جنيه إسترليني لتصل إلى 18.25 مليار جنيه إسترليني.
بيد أنّ اجتياح فيروس كورونا للعالم أدّى في عام 2020 إلى إعلان الشركة عن إلغاء موعد الافتتاح مجددا إلى أن تمّ افتتاحه أخيرا في 24 مايو/أيار 2022.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
