تعرفات أوروبا وأميركا ليست المشكلة الأكبر للاقتصاد الصيني

16 يوليو 2024
الاقتصاد الصيني يعاني من ضعف الطلب المحلي، فويانغ 15 يوليو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تحديات الاقتصاد الصيني وتباطؤ النمو المحلي**: تباطؤ الطلب المحلي هو التحدي الأكبر، حيث نما الاقتصاد بنسبة 4.7% في الربع الثاني، أقل من التوقعات. ضعف الاستهلاك أثر على مبيعات التجزئة التي توسعت بنسبة 2% فقط في يونيو.

- **تباين أداء الشركات الكبرى والصغيرة**: انكماش مؤشر مديري المشتريات للشركات الكبرى للشهر الثاني على التوالي، بينما سجلت الشركات الصغيرة والمتوسطة نموًا. يعكس هذا التباين تباطؤ الطلب المحلي مقابل نمو الطلب الخارجي.

- **تحديات إضافية وتأثيرها على معنويات المستهلكين**: أزمة عقارية، تقلبات سوق الأوراق المالية، تحديات ديموغرافية، ورياح جيوسياسية معاكسة تضعف معنويات المستهلكين، مما يخلق ضغوطًا انكماشية ويزيد من الشكوك حول قدرة بكين على التعامل مع الإنعاش الاقتصادي.

على الرغم من المعاناة المتوقع أن يواجهها الاقتصاد الصيني من جراء زيادة التعرفات الجمركية من قِبَل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، إلا أن البعض يرى أن هذه التعرفات لن تكون المشكلة الأكثر إلحاحاً في الوقت الحالي، خاصة مع استمرار تباطؤ الطلب في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وأصدرت بكين، يوم الاثنين، بيانات جديدة تسلط الضوء على حجم مشكلة الاستهلاك المحلي في الصين، حيث أظهرت نمو الاقتصاد الصيني بنسبة 4.7% في الربع الثاني من هذا العام مقارنة بالعام الماضي، وفقًا للمكتب الوطني للإحصاء، وهو ما كان، على ارتفاعه، أقل من توقعات المحللين الذين انتظروا تسجيل معدل يتجاوز 5%.

وتأثر النمو بضعف الاستهلاك، حيث توسعت مبيعات التجزئة للسلع الاستهلاكية بنسبة 2% فقط في يونيو/حزيران مقارنة بالعام الماضي. وأظهرت البيانات أن الشهر الماضي شهد تراجع مبيعات السيارات ومستحضرات التجميل والإلكترونيات المنزلية والآلات الموسيقية بنسبة 6.2% و14.6% و7.6% على التوالي مقارنة بالعام الماضي. وعلى الرغم من انخفاض استهلاك كل هذه السلع، ارتفع الدخل المتاح للسكان.

ليس المؤشر الأول لمتاعب الاقتصاد الصيني

وتأتي البيانات الصادرة الاثنين بعدما أشارت مجموعة بيانات أخرى، صدرت قبل بضعة أسابيع، إلى وجود مشكلة في الاقتصاد الصيني. وانكمش مؤشر مديري المشتريات الرسمي في الصين للشركات الكبرى والمؤسسات المملوكة للدولة، والتي يعمل العديد منها في مجال التصنيع الصناعي للشهر الثاني على التوالي في يونيو، حسبما أظهرت البيانات الصادرة في نهاية الشهر.

وفي المقابل، أظهرت قراءة مؤشر مديري المشتريات العالمي من "ستاندرد آند بورز"، والتي تعكس النشاط في الشركات الخاصة الصغيرة والمتوسطة الموجهة نحو التصدير، أن نمو الإنتاج بلغ أعلى مستوى له منذ ثلاث سنوات في يونيو الماضي. وهذا يعني أن الطلب الاستهلاكي داخل الصين يتباطأ، حتى مع نمو الطلب الخارجي على المنتجات المصنوعة في الصين.

ويقول المحللون إن هذا الاختلاف مهم لأن الصين، التي تعد مصنع العالم، قد تواجه انخفاض الطلب العالمي على بعض صادراتها بعد بدء تطبيق الرسوم الجمركية التجارية على منتجاتها المباعة إلى أوروبا. وفي تقرير حديث، كتب الاقتصاديون في بنك نومورا أن هناك "مخاوف من أن الاقتصاد الصيني لن يكون قادراً على الحفاظ على التعافي القوي من خلال الاعتماد فقط على الصادرات".

وأشار الاقتصاديون إلى أن قناعة السوق بتعافي الصين تتآكل، مع تخلي مؤشر CSI 300 القياسي في الصين عن بعض المكاسب، بعدما وصل إلى ذروة شهر مايو/أيار، كما اعترفت الصين بأنها تواجه تحديات في مجال الاستهلاك. وقال مكتب الإحصاءات الوطني الصيني، يوم الاثنين: "يجب أن ندرك أن البيئة الخارجية متشابكة ومعقدة، وأن الطلب المحلي الفعال لا يزال غير كاف، ولا تزال هناك حاجة إلى تعزيز الأساس للانتعاش الاقتصادي السليم والنمو".

وفي حين أن الصادرات قد تستمر في دعم النمو في الأشهر المقبلة، إلا أنها "على الأرجح لن تتغلب على الضعف في الجانب المحلي"، كما قال إريك تشو، الخبير الاقتصادي في "بلومبيرغ إيكونوميكس"، في أوائل الشهر الجاري.

مستهلكو الصين غير الراغبين في الشراء

وتواجه الصين أزمة عقارية، وتقلبات سوق الأوراق المالية، ورياح جيوسياسية معاكسة، وتحديات ديموغرافية. ويساهم عدم اليقين الاقتصادي في ضعف معنويات المستهلكين والتحوط من المخاطر. وينفق الصينيون أموالهم على الذهب والمغامرات بدلاً من السلع التقديرية، وهو ما يتسبب في إضعاف الاقتصاد الصيني المأزوم، لأنه يساهم في خلق حلقة مفرغة من الضغوط الانكماشية على خلفية تباطؤ نمو الأجور والإنفاق الاستهلاكي. ولا تستطيع حتى مهرجانات المبيعات الضخمة في الصين أن تغري المشترين بإنفاق أموالهم بالطريقة التي اعتادوا عليها.

وكتب الاقتصاديون في بنك نومورا في مذكرة منفصلة في وقت مبكر من الشهر الجاري: "تشير الفجوة بين الإنتاج التوسعي والطلبيات الجديدة الانكماشية إلى أن بيانات النشاط على جانب العرض قد تستمر في التفوق على بيانات نشاط جانب الطلب، والتي من المرجح أن تمارس ضغطًا هبوطيًا مستمرًا على أسعار السلع".

وقال فيشنو فاراثان، كبير الاقتصاديين في آسيا في بنك ميزوهو، في أوائل يوليو/ تموز، إن الانكماش في مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الرسمي وتراجع الأرباح الصناعية يؤكدان أيضًا المخاوف بشأن التحفيز السياسي "القليل جدًا والمتأخر جدًا". وأضاف فاراثان: "الشكوك حول قدرة بكين على التعامل مع الإنعاش الاقتصادي تتزايد بشكل مبرر".

المساهمون