بدت حكومة مصطفى الكاظمي في العراق، عازمة على إعطاء القطاع الخاص دورا أكبر في الاقتصاد، بعد أن شهدت مالية الدولة أزمة كبيرة في ظل جائحة كورونا وتراجع عائدات النفط. إلا أن خبراء اقتصاد يرون أن إفساح المجال للقطاع الخاص قد يصطدم بأجندات سياسية وحزبية.
وأعلنت الحكومة أخيراً، عن إعداد حزمة قوانين جديدة تهدف إلى تطوير عمل القطاع الخاص ليكون عصبا رئيسيا في مجال استراتيجية التخفيف من الفقر والبطالة في البلاد ومشاركة القطاع العام المسؤولية.
وتعرّض القطاع الخاص لإهمال كبير من قبل الحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال الأميركي للعراق في العام 2003، إذ عمدت أطراف متنفذة في تلك الحكومات إلى فتح الباب أمام الاستيراد من دون رقابة، وفقا لمصالحها الخاصة، ما تسبب في انحسار الإنتاج المحلي، الأمر الذي ظهرت تأثيراته لاحقا على الوضع الاقتصادي للبلد، الذي تحول إلى اقتصاد ريعي.
ووفق وزير التخطيط خالد بتال، فإن الحكومة تعتزم تبسيط الإجراءات بغية خلق بيئة استثمارية جاذبة، خاصة في مجالات الزراعة والسياحة والتأمين والمطاحن.
بينما رأى مقرر اللجنة المالية في البرلمان، أحمد الصفار، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الحكومة الحالية لا تستطيع أن تقوم بمهمة تطوير القطاع الخاص، لا سيما وأن القطاع يحتاج إلى عمل كبير، وأن ما تبقى من عمرها لا يكفي لذلك".
وقال الصفار: "حاولنا في بعض مواد موازنة 2021 أن نفسح المجال أمام القطاع الخاص للدخول في عملية النشاط الاقتصادي، ولم نستطع ذلك، حيث وُجهت اتهامات كبيرة لنا من بعض الأطراف".
ووفق مقرر اللجنة المالية في البرلمان فإن "هناك سياسات من الداخل والخارج موجهة لإبقاء الاقتصاد العراقي اقتصادا ريعيا وسوقا موجهة إلى الاستيراد من الدول الأخرى، لأن الدول المصدرة للعراق لا تريد تنشيط وتطوير القطاع الخاص العراقي، حتى لا تتضرر مصالحها".
تعرّض القطاع الخاص لإهمال كبير من قبل الحكومات المتعاقبة بعد العام 2003، إذ عمدت أطراف متنفذة في تلك الحكومات إلى فتح الباب أمام الاستيراد من دون رقابة، وفقا لمصالحها الخاصة
أما عضو اللجنة المالية، النائب جمال كوجر، فقد عبر عن ترحيبه بكل إجراء يخدم القطاع الخاص، لكن تساءل عن مدى قدرة الحكومة على تنفيذ خطواتها. وقال كوجر لـ"العربي الجديد"، إن "القطاع مر بأزمة كبيرة من إهمال الحكومة، وأزمة كورونا أثرت عالميا عليه، وغير ذلك".
وأضاف أن "القطاع الخاص متهالك، وأن أي خطوة تصب بجزء من المعالجة، لكن الأهم هو دعم القطاع ماديا بسيولة مادية، ودعم المشاريع القائمة، وخلق فرص استثمارية جديدة، وأن نتجه نحو دعم الإنتاج المحلي بدلا من التوجه نحو الاستيراد".
وتابع أن "القطاع يحتاج أيضا إلى توفير بيئة آمنة، لا سيما وأن السلاح المنفلت والمليشيات المنتشرة تنعكس على المشهد الاقتصادي، وقد ضيقت على القطاع الخاص".
بدوره، قال الخبير الاقتصادي علي الكرخي، إن تنشيط القطاع الخاص ممكن أن يخلق ما لا يقل عن مليون فرصة عمل خلال أقل من عامين، في حال كانت هناك خطوات حكومية جادة وحقيقية.
وأضاف الكرخي أن "أول القوانين التي يحتاجها القطاع الخاص هو حماية المنتج المحلي من المستورد الرخيص وضبط عمليات الاستيراد، ودعم الورش والمصانع بقروض ميسرة وتعديل قوانين العمل والاستثمار المتوسط وطويل المدى، والأهم من ذلك كله حماية التجار أصحاب رؤوس الأموال من تدخل الجماعات المسلحة والأحزاب وأي تأثير آخر ومنحهم الأمن الكافي لوقف هجرة الأموال إلى دول مجاورة والاستثمار هناك".