منذ إعلان وزارة الاقتصاد الألمانية، الشهر الماضي، إنهاء مكافأة التمويل عند شراء السيارات الكهربائية، يبدو أن ازدهارها قد ولى في السوق الألمانية، فيما من الممكن أن تندلع حرب أسعار غير مسبوقة لصالح العملاء المتشككين، وقد لا تكسبها الشركات المحلية.
يتزامن ذلك مع الاضطرابات التي تعيشها أسواق السيارات عالمياً التي بدت فاقدة الزخم، بعدما أصبح أكثر صعوبة بالنسبة للشركات فرض أسعار مرتفعة، خاصة أن طوفاناً من الطرازات الجديدة، وبالأخص الصينية، ستدخل الأسواق هذا العام.
وفي هذا السياق، أفاد تقرير لصحيفة "هاندلسبلات"، اليوم الجمعة، بأن شركات صناعة السيارات الألمانية تفقد أهميتها على المستوى الدولي، فيما تهيمن على الصعيد العالمي المنافسة الصينية، خاصة في سوق السيارات الكهربائية.
وأمام ذلك، ينبغي على قطاع صناعة السيارات في ألمانيا مجاراة هذا التطور، والتحول الذي يضرب صناعة السيارات الألمانية، لا سيما أنه، وفق الخبراء، يتمتع بميزة تنافسية للتكلفة تتخطى 25% مع "بي واي دي" الصينية، و"تسلا" الأميركية.
وفي خضم ذلك، بيّن موقع "دي تسايت"، أمس، أن لدى الشركة الصينية خططاً طموحة تفوقت على "فولكسفاغن"، باعتبارها الشركة المصنعة الأكثر مبيعاً للسيارات الكهربائية في الصين مع نحو 2.7 مليون سيارة بين يناير/كانون الثاني ونوفمبر/ تشرين الثاني 2023، حتى إنها باعت في جميع أنحاء العالم مركبات أكثر من "تسلا".
وتخطط "بي واي دي" التي لديها نحو 500 ألف موظف، لطرح 6 نماذج جديدة في الأسواق الأوروبية خلال فصل الربيع المقبل، علماً أن الشركات الصينية، ورغم توسعها في أوروبا، تعاني من مشكلة النقص في عدد محطات الشحن على الطرقات العامة.
واستناداً إلى ما سبق، حذر خبراء اقتصاديون من تسونامي السيارات الصينية الذي يضرب ألمانيا، والقدرات الهائلة لديها، والتقدم في مجال الرقمنة وتكنولوجيا البطاريات والبحث والتطوير، وهي التي استطاعت إنتاج 50 مليون سيارة العام الماضي، بفضل الإعانات الحكومية وزيادة الطلبات المحلية التي تخطت 23 مليون سيارة.
وفي هذا الصدد، أشار تحقيق اقتصادي لموقع "كلينثنكينغ" إلى أن "فولكسفاغن" تعاني أصلاً من مشكلة التكلفة والهامش حتى في سوق السيارات التقليدية، وأن الشركات الألمانية في حالة من الفوضى الخطرة.
فمن ناحية، تحقق "مرسيدس بنز"، مثلاً، أموالاً جيدة من خلال محركات الاحتراق، حيث بلغت أرباحها 14.8 مليار يورو في عام 2022.
ومن ناحية أخرى، تواجه أهم شركات السيارات الألمانية، وفي مقدمتها "مرسيدس" و"بي إم دبليو" و"فولكسفاغن"، صعوبة في إنتاج سيارات كهربائية جيدة لطرحها في الأسواق بأسعار تنافسية.
وتمتلك الصين سفناً خاصة تسمى بحاملات السيارات، بإمكان الواحدة منها شحن 9 آلاف سيارة كهربائية إلى أوروبا، فيما الوكلاء يحضرون مساحات من المعارض مع استعداد الموانئ الألمانية لاستقبال طرازات جديدة من السيارات الصينية.
وذكر التحقيق أن مجموعة "فولكسفاغن"، ومقرها فولسبورغ، لديها مشاكل في الرقمنة والاتصال في سياراتها، وأن قسم البرمجيات "كارياد" يعاني من هذه الأزمة منذ أشهر، والخشية من أن تكون الشركة معرضة للتخلف عن الركب مع نظرائها، لا سيما أن المشترين المحتملين لـ"فولكسفاغن" يفضلون التحول إلى العلامات التجارية الصينية للتمتع والاستفادة من مزاياها في مجال الرقمنة، مع تحويلهم السيارة إلى مفهوم يشبه "الهاتف الذكي على عجلات".
ويعتبر الخبراء أن الاتصال والتقنيات أصبحت أكثر أهمية للمستخدم من الهندسة الميكانيكية للسيارة الكلاسيكية، والتي كان لها تأثير كبير في الماضي.
ونقلت "هاندلسبلات" عن مدير الإنتاج في "بي إم دبليو" ميلان نيديلكوفيتيش قوله إن آخر سيارة بمحرك احتراق ستخرج من خط التجميع في ميونخ في عام 2027، ليدخل بعدها إنتاج سيارات كهربائية بالكامل وحصرياً في المصنع الرئيسي.
وأشار في الوقت نفسه إلى أنه في عام 2025، ستحقق سلسلة طرازات من "بي إم دبليو" طفرة في سوق السيارات الكهربائية، وأن الشركة تخطط لبيع 500 ألف سيارة كهربائية في جميع أنحاء العالم، وبحلول عام 2030 يمكن أن تصل أرقام المبيعات لنحو 1.5 مليون سيارة سنوياً.