مع انتهاء الفترة التي فرضتها الحكومة الأميركية على الشركات لمنع تسريح العاملين خلالها، كشرط أساسي لحصولها على القروض منخفضة التكلفة والإعانات خلال فترة الإغلاق الكبير التي استهدفت الحد من انتشار فيروس كورونا، أعلنت عدة شركات نيتها الاستغناء عن عشرات الآلاف من العاملين، في خطوة تستهدف التقليل من الآثار الكارثية المرتبطة بتراجع الطلب وانخفاض إيرادات الشركات خلال الأزمة التي ضربت اقتصاد الولايات المتحدة.
وقبل يومين فقط من موعد إصدار آخر تقرير عن البطالة قبل انتخابات الرئاسة المحدد لها 3 نوفمبر/ تشرين الثاني، بدأت شركة ماراثون بتروليوم، إحدى أكبر المصافي في أميركا، في تسريح مئات العاملين في مختلف فروعها المنتشرة في أنحاء البلاد، بعد أن تكبدت خسائر ضخمة فرضت عليها أن تعمل بأقل من 80% من طاقتها.
وتوقعت الشركة أن تعلن مطلع الشهر القادم عن خسائر ربعية تتجاوز 620 مليون دولار، تضاف إلى 9.2 مليارات دولار خسرتها خلال النصف الأول من العام، وهو ما تسبب في إغلاق مصافيها في ولايتي كاليفورنيا ونيومكسيكو تماماً، وتقليل العمالة في مصافٍ أخرى.
وفي نفس اليوم، أعلنت شركة والت ديزني، التي تمتلك العديد من الملاهي والمتنزهات حول العالم، تسريح 28 ألف موظف، بعد تعرضها لضربة عنيفة خلال الشهور الستة الماضية، التي فرضت عليها الإغلاق، ولم تسمح لها باستعادة إيراداتها المفقودة بعد تخفيف القيود على السفر. وخسرت ديزني 4.7 مليارات دولار خلال الربع الثاني من العام الحالي بعد أن أغلقت كافة فروعها حول العالم لأكثر من شهرين، الأمر الذي تسبب في انخفاض إيراداتها بنسبة 85% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
ومع تعذر توصل الحزبين الديمقراطي والجمهوري إلى اتفاق على حجم وأوجه إنفاق حزمة جديدة لإنعاش الاقتصاد الأميركي المتعثر، أعلنت أكثر من شركة طيران، وهي ضمن القطاع الأكثر تأثراً بالأزمة، تسريح عشرات الآلاف من العاملين اعتباراً من أمس الخميس أول أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، رغم طلب ستيفن منوتشن، وزير الخزانة الأميركية، تأجيل الخطوة، بعد اقتراب الكونغرس من التوصل إلى قرار بشأن الحزمة المنشودة.
وقالت شركة أميركان أيرلاينز إنه "مع انتهاء ساعات العمل في آخر أيام شهر سبتمبر/ أيلول ستعطي إجازة إجبارية غير محددة المدة لأكثر من 19 ألفاً من العاملين في الشركة".
وحذت شركة يونايتد أيرلاينز حذو شقيقتها، معلنة تقليص الوظائف لديها بأكثر من 12 ألف وظيفة، ونفس الشيء فعلته شركات الطيران الأخرى، وإن بأعداد أقل.
ورغم تعهد شركات الطيران الأميركية بعدم تسريح العاملين حتى نهاية سبتمبر/ أيلول المنتهي بعد حصولها على مساعدات حكومية بمليارات الدولارات، توصلت تلك الشركات إلى اتفاقات ودية مع العاملين لديها لأخذهم إجازات اختيارية، أو تقاعدهم المبكر، ليصل عدد من تركوا وظائفهم خلال الشهور الستة الأخيرة إلى أكثر من 150 ألف عامل في شركات الطيران الأميركية الأربع الأكبر.
وعلى نحو متصل، قالت شركة أول ستيت، رابع أكبر شركة تأمين سيارات في الولايات المتحدة، يوم الأربعاء، إنها ستخفض الوظائف لديها بما يقرب من أربعة آلاف وظيفة، تمثل أكثر من 8% من العمالة لديها.
ولم يتخلف قطاع البنوك الأميركية عن ركب المُسَرِّحين، حيث أعلن بنك الاستثمار العملاق غولدمان ساكس استئناف برنامجه لتقليص الوظائف لديه، بعد توقفه مع بداية الأزمة خلال الربع الأول من العام الحالي، بإلغاء ما يقرب من 400 وظيفة.
وتزيد تسريحات العمالة التي تم الإعلان عنها من صعوبة مهمة استعادة النشاط الاقتصادي، الذي كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعول عليه باعتباره أهم دعائم حملته الانتخابية، لنشاطه، رغم ما ظهر في أعقاب ذروة الأزمة من انتعاش تصوره البعض في صورة حرف V في اللغة اللاتينية، قبل أن يدرك الجميع بعدها بشهور أن الانتعاش في أفضل أحواله سيكون على شكل حرف K في اللغة اللاتينية، تنتعش فيه بعض قطاعات الاقتصاد، بينما تبقى قطاعات أخرى، على رأسها قطاع الطيران، رهينة أزمتها، لحين التوصل إلى لقاح يسمح للناس بالتحرك والسفر، دون الخوف من التعرض للإصابة بالفيروس.