وقّعت تركيا والإمارات، في أنقرة اليوم الأربعاء، اتفاقيات ومذكرات تفاهم شملت استثمارات في الطاقة والبتروكيماويات والتكنولوجيا والنقل والبنية التحتية والصحة.
التوقيع، الذي جرى بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، يلحظ الاستثمارات القائمة ومشاريع طاقة متجددة تصل إلى 3 جيغاوات في تركيا، وهي تغطي الاستثمارات المباشرة والتعاون في تركيا في مجالات الخدمات المالية والأغذية والزراعة.
وكان ولي عهد أبوظبي قد وصل إلى أنقرة ظهر اليوم الأربعاء، بدعوة من الرئيس التركي، لبحث العلاقات الثنائية و"الخطوات اللازمة لتطوير التعاون بين البلدين"، إضافة إلى بحث "العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون والعمل المشترك بين البلدين في مختلف المجالات، بما يحقق مصالحهما المتبادلة".
ويأتي تعزيز العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري ضمن أولويات الجانبين اليوم، بحسب ما يرى المحلل التركي سمير صالحة، معتبراً أن الزيارة مرتبطة بالمسار الجديد للعلاقات، بعد اللقاءات والاتصالات المكثفة على الصعيد السياسي والدبلوماسي والاقتصادي، وجميع الرسائل خلال الفترة السابقة، التي قدّمت الجانب الاقتصادي وأعطته الأولوية بعودة العلاقات، رغم أن العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري والاستثمارات لم تتأثر طوال فترة التوتر السياسي الممتدة لست سنوات.
ويتوقع صالحة أن تدفع الزيارة اليوم العلاقات باتجاه جديد، نظراً للرغبة بين البلدين في تحييد الخلافات السياسية لملفات عدة بالمنطقة ومحاولة بناء تعاون جديد، معتبراً أن تطور الأحداث في المنطقة والعالم لعبت دوراً بالتقارب بين أنقرة وأبوظبي، سواء الأميركية وانسحابها من أفغانستان، أو تراجع ملف الخلافات الخليجية، والتي أفضت إلى مصالحة، أو حتى الحوار التركي المصري والسعودي.
وكان وفد تجاري تركي، برئاسة توفيق أوز، رئيس مجلس الأعمال المشترك عن الجانب التركي، قد بحث مع مسؤولين حكوميين في الإمارات، برئاسة ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، أمس الأول، سبل تعزيز علاقات التجارة المشتركة بين البلدين لزيادة أرقام تبادل السلع خلال الفترة المقبلة، وخطط تنويع الفرص الاقتصادية ذات الاهتمام المشترك، وتمّ الاتفاق على خطوات عملية لتنمية التبادل التجاري والاستثماري والتعاون على الصعيد الاقتصادي بين البلدين.
وبحث الوفدان التحديات الاقتصادية وسبل معالجتها، وناقشا إمكانية الوصول إلى مستويات جديدة للتعاون على الصعيد الاقتصادي والاستثماري، قبل أن ينطلق أمس الثلاثاء في مدينة دبي منتدى الأعمال التركي الإماراتي.
وخلص اجتماع للجنة الاقتصادية المشتركة التي اختتمت في دبي أمس، برئاسة ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية بالإمارات، ومحمد موش وزير التجارة التركي، إلى اتفاق الجانبين على خطة عمل إماراتية تركية لزيادة حجم التجارة البينية غير النفطية وتنويعها وتسهيل إجراءاتها.
وتهدف الخطة، بحسب مصادر إعلامية إماراتية، إلى "خلق قدرات تصنيع واستثمار مشتركة، وتطوير التعاون في القطاع المالي والمصرفي والتكنولوجيا المالية الجديدة، وصياغة نموذج للتعاون وتبادل الخبرات في مجالات الابتكار وريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة والمتوسطة".
وشهدت اللجنة "توقيع اتفاقية لتجديد مجلس الأعمال بين اتحاد غرف التجارة والصناعة في الإمارات ومجلس العلاقات الخارجية الاقتصادية التركي"، فضلاً عن تشكيل فرق فنية مشتركة لـ"استكشاف فرص التعاون وتحفيز الاستثمار المتبادل في القطاعات المتفق عليها".
وجاءت السياحة والضيافة في مقدمة تلك القطاعات، ثم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والثورة الصناعية الرابعة، والطاقة المتجددة، والصناعات الغذائية وتقنيات الزراعة الحديثة والأمن الغذائي، والرعاية الصحية، والنقل والخدمات اللوجستية، بما في ذلك الطيران المدني وسلسلة التوريد البحري والموانئ.
ولاحت بوادر عودة العلاقات بين تركيا والإمارات التي شهدت توترات سياسية منذ ما بعد الانقلاب الفاشل بتركيا عام 2016، منذ أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، خلال تصريحات متلفزة في سبتمبر/أيلول الماضي، أن "أجواءً إيجابية تخيّم على العلاقات التركية الإماراتية في الآونة الأخيرة"، تلتها اتصالات هاتفية وزيارة مستشار الأمن الوطني الإماراتي، طحنون بن زايد، أنقرة في أغسطس/آب الماضي، التي ألمح خلالها الرئيس التركي إلى الانفتاح التركي الجديد على الإمارات: "نولي أهميّة لأن يجري الفاعلون المؤثّرون في المنطقة محادثات مباشرة، وأن يتفاوضوا ويحلّوا مشكلاتهم معاً".
ونجح البلدان خلال فترة التوتر السياسي وتبادل الاتهامات في المحافظة على مصالح شعبيهما، وعلى استقرار العلاقات التجارية والاقتصادية بينهما، التي توسعت لتشمل جوانب واتجاهات جديدة خلال فترة كورونا، الأمر الذي انعكس على حجم الصادرات التركية إلى الإمارات التي ارتفعت إلى نحو 295 مليون دولار أميركي في شهر يونيو/حزيران الماضي مقارنة بشهر مايو/أيار الذي بلغت قيمة صادراته نحو 243.5 مليون دولار.
وبحسب بيانات وزارة الخارجية التركية، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 8.9 مليارات دولار العام الماضي، وقرابة 7.4 مليارات دولار أميركي عام 2019، ونحو 7.6 مليارات دولار عام 2018، مسجلاً رقماً قياسياً عام 2017 بعد أن وصل حجم التجارة إلى قرابة 14.8 مليار دولار أميركي، لتكون الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الـ12 كأكبر مستورد للسلع التركية على مستوى العالم والثانية عربياً بعد العراق، وفي المرتبة التاسعة كأكبر مصدّر للسوق التركية عالمياً والأولى عربياً.
وبلغت قيمة الصادرات التركية إلى الإمارات 3.5 مليارات دولار في عام 2019، ووصلت قيمة واردات تركيا من الإمارات في العام نفسه إلى 4.33 مليارات دولار. وتنوعت الصادرات التركية إلى الإمارات ما بين الأحجار الكريمة والمعادن والآلات والأجهزة الكهربائية، في حين أن أهم الصادرات الإماراتية إلى تركيا هي الذهب والألومنيوم والمجوهرات والنفط والزيوت المعدنية والمواد الكيماوية والحديد.