تركيا تطلب من روسيا تأجيل مدفوعات الغاز حتى 2024

05 أكتوبر 2022
أسعار الغاز المرتفعة تتسبب في أضرار اقتصادية لتركيا (فرانس برس)
+ الخط -

طلب مسؤولون أتراك من روسيا تأجيل جزء من مدفوعات الغاز الطبيعي، للتخفيف من الأضرار الاقتصادية الناجمة عن صعود أسعار الطاقة عالمياً وكبح التضخم المتصاعد الذي وصل إلى أعلى مستوى في ربع قرن بنهاية سبتمبر/أيلول الماضي.

وقال مصدر مطلع، طلب عدم الكشف عن هويته نظراً لأن مناقشات السداد غير معلنة، وفق وكالة بلومبيرغ الأميركية، إن شركة استيراد الطاقة الحكومية في تركيا "بوتاس" تسعى لتأجيل جزء من المدفوعات حتى 2024.

تأتي المحادثات عقب التوصل لاتفاق بين البلدين يسمح لشركة "بوتاس" بسداد 25% من التزاماتها بالروبل الروسي عوضاً عن الدولار الأميركي. بينما لم يتضح حتى الآن ما إذا كانت محادثات تأجيل المدفوعات ستسفر عن التوصل لأي اتفاق، إذ رفضت "بوتاس" وشركة "غازبروم"، عملاق النفط الروسي التعليق على الأمر.

وزاد اعتماد تركيا الهائل على الطاقة المستوردة من الضغط على عملتها وميزانيتها. وهبطت قيمة الليرة إلى ادنى مستوى على الإطلاق، حيث خسرت نحو 29% من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية العام الجاري، وهو أكبر تراجع في الأسواق الناشئة بعد البيزو الأرجنتيني. كما تضاعف العجز التجاري بما يفوق الضعف في أغسطس/آب الماضي بالمقارنة مع الشهر نفسه من 2021 ليبلغ 11.2 مليار دولار.

تسببت علاقات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع أوكرانيا، بما فيها تزويدها بطائرات عسكرية بدون طيار (درونز)، بغضب موسكو. لكن أنقرة ما زالت شريكاً مهماً لروسيا إذ أغلقت العقوبات الدولية طرقاً أخرى للتجارة والسفر والاستثمار. وصرح أردوغان في سبتمبر/ أيلول الماضي بأنه ناقش أسعار الغاز مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأعرب عن أمله في الحصول على حسم.

وتركيا ليست الأولى التي تطلب تأجيل مدفوعات لصالح روسيا، إذ أعلنت المجر، إحدى أكثر دول الاتحاد الأوروبي اعتماداً على الطاقة الروسية، يوم الاثنين الماضي، أن غازبروم ستسمح لها بتأجيل مدفوعات الغاز الطبيعي المستحقة في الـ6 شهور المقبلة.

وتشهد تركيا موجات غلاء متصاعدة، حيث سجل معدل التضخم أعلى مستوى في ربع قرن، ليصل إلى 83.45% على أساس سنوي في سبتمبر/ أيلول الماضي، بينما عجزت زيادتان للأجور منذ مطلع العام عن ترميم ميزانيات الأسر التي تشكو من التهام الأسعار لمداخيلها وتدفع الكثيرين إلى الفقر.

وجاء ارتفاع التضخم مدفوعاً بأسعار النقل التي زادت بنسبة 118% تقريباً على أساس سنوي، بينما قفزت أسعار الغذاء والمشروبات غير الكحولية بنسبة 93.5%، وفق بيانات صادرة، الاثنين الماضي، عن معهد الإحصاء التركي (حكومي).

وتأتي بيانات التضخم المتصاعد فيما تظهر البيانات الرسمية ارتفاع نسبة الفقر إلى 13%، حيث وصل الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة إلى 22 ألف ليرة شهرياً، بينما الحد الأدنى للأجور لا يتجاوز 5500 ليرة.

وتدفع الحاجة المتزايدة لتقليص فاتورة الطاقة، تركيا إلى تكثيف محاولات استكشاف الغاز في البحر المتوسط، وهو ما يعيد التوترات مع اليونان ومصر إلى الواجهة. ووقعت الحكومة الليبية في طرابلس، يوم الاثنين، اتفاقا مبدئيا مع تركيا بشأن التنقيب عن الطاقة، مما دفع القاهرة وأثينا لإعلان معارضتهما لأي نشاط في المناطق المتنازع عليها في شرق البحر المتوسط.

ولم يتضح على الفور ما إذا كانت ستظهر أي مشروعات في الواقع تتضمن أعمال تنقيب في "المنطقة الاقتصادية الخالصة" التي اتفقت عليها تركيا وحكومة سابقة في طرابلس في عام 2019، مما أثار غضب دول شرق البحر المتوسط ​​الأخرى.

ومن منظور تلك المنطقة الاقتصادية الخالصة فإن البلدين يتشاركان في حدود بحرية، وهو ما رفضته اليونان وقبرص وانتقدته مصر وحكومة الاحتلال الإسرائيلي.

وردا على سؤال عما إذا كانت الدول الأخرى قد تعترض على مذكرة التفاهم الجديدة، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو على هامش التوقيع: "لا يهمنا ما يفكرون فيه"، مضيفا "الدول الأخرى ليس لها الحق في التدخل".

بينما قالت وزارة الخارجية اليونانية، إن لليونان حقوقا سيادية في المنطقة تنوي الدفاع عنها "بكل الوسائل القانونية مع الاحترام الكامل للقانون الدولي للبحار"، مشيرة إلى اتفاق في عام 2020 بين أثينا والقاهرة يحدد منطقتيهما الاقتصاديتين الخالصتين في شرق البحر المتوسط​​.

كما أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، بأن وزير الخارجية سامح شكري تلقى اتصالا هاتفيا من نظيره اليوناني نيكوس دندياس، حيث بحثا تطورات الأوضاع في ليبيا. وشدد الجانبان على أن "حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في طرابلس (برئاسة عبد الحميد الدبيبة) لا تملك صلاحية إبرام أيّ اتفاقات دولية أو مذكرات تفاهم".

المساهمون