تناقلت الصحف ووسائل الإعلام التركية معلومات عن رفع أسعار الديزل والبنزين ليل اليوم الثلاثاء في تركيا، بعد زيادة أسعار حوامل الطاقة عالمياً ووصول برميل نفط برنت إلى مستوى 120 دولاراً، ليكون الرفع الثاني لأسعار المشتقات النفطية بتركيا خلال أسبوع، فيما ارتفعت أسعار المشتقات النفطية 85 مرة منذ شباط/ فبراير عام 2201، حيث زاد سعر البنزين 35 مرة والديزل 30 مرة وجرى 20 رفعاً لسعر الغاز المسال.
وتوقعت المصادر نفسها أن يكون ارتفاع سعر ليتر الديزل بنحو 1.93 ليرة ليرتفع السعر من 25.94 إلى 27.43 ليرة تركية، بعد الرفع الذي لحق بالمادة في الثاني من يونيو/حزيران الجاري بنحو 1.49 ليرة لليتر الديزل و1.22 ليرة لليتر البنزين.
وتلجأ تركيا لمواكبة الأسعار العالمية، مع إبقاء هامش دعم للمستهلكين، بحسب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في إسطنبول محمد كامل ديميريل، الذي يؤكد أن بلاده تستورد أكثر من 95% من استهلاكها من النفط والغاز من الخارج، بفاتورة تزيد عن 50 مليار دولار سنوياً، علماً أن بعض العقود الآجلة، مع قطر وليبيا وأذربيجان وإيران والجزائر، لا تزال وفق الأسعار القديمة، حيث "تتكفل الحكومة بفارق أسعار الطاقة وتستمر بدعم مباشر جزئي للمستهلكين".
ارتفاع أسعار السلع
وحول تأثر أسعار السلع والمنتجات والنقل برفع أسعار المشتقات النفطية، يضيف ديميريل متحدثا لـ"العربي الجديد"، أن الأثر سيكون مباشرا لأن المواد النفطية مكوّن أساسي بالإنتاج السلعي والنقل وحتى الخدمات، ولكن حكومة بلاده ستتابع طرق الدعم عبر تخفيض الضرائب على الغذاء والإنتاج ودعم الصناعيين، لأن لجم ارتفاع التضخم الذي بلغ 73.5 في المائة في أيار/مايو "هو أعلى مستوى منذ أكثر من عقدين"، بات أحد أهم أهداف الحكومة.
وكان وزير الخزانة والمالية التركي نور الدين النبطي قد أكد أن مكافحة التضخم ستكون على رأس أولويات الحكومة في الفترة المقبلة، واعداً خلال عرض قدمه خلال اجتماع الحكومة، أمس الاثنين، أن الاستخدام الفعال للسياسات النقدية والاحترازية الكلية سيكون حاسما للحدّ من ارتفاع الأسعار.
وأشار الوزير التركي إلى أن الحكومة أعلنت وتقوم بتنفيذ مجموعة من الإجراءات، مثل التخفيضات الضريبية، ودعم استهلاك الطاقة، والدعم المالي لقطاع الزراعة، وتسهيل الحصول على التمويل كجزء من جهود مكافحة التضخم، كما أن نظام الودائع المحمي بالنقد الأجنبي ساعد في استقرار أسعار العملة، "إن استمرار هذا الاستقرار النسبي وكذلك عملية الدولرة العكسية سيلعبان دورًا حاسمًا في خفض التضخم".
لكن الرفع المستمر لأسعار الطاقة بتركيا سيعيق تطلعات الحكومة، سواء لكبح التضخم أو ضبط سعر الليرة، بل وربما يؤثر على نسبة النمو، كما يقول الاقتصادي التركي مسلم أويصال، مشيراً إلى أن أسعار المشتقات النفطية ارتفعت 85 مرة منذ شباط عام 2201، وارتفع سعر البنزين 35 مرة والديزل 30 مرة وجرى 20 رفعاً لسعر الغاز المسال، الأمر الذي ساهم بارتفاع الأسعار بين 50 و150% خلال عام واحد.
ويضيف أويصال أن الحرب الروسية على أوكرانيا زادت ارتفاع أسعار النفط الذي يشهد، بطبيعة الحال، زيادة طلب عالمي، متوقعاً أن تبقى آثار أسعار الطاقة سلبية على بلاده، ريثما يبدأ استثمار الغاز المكتشف بالبحر الأسود وزيادة استخراج النفط بتركيا، فـ"فاتورة الطاقة ترهق الميزان التجاري والأسعار بالداخل أرهقت المستهلكين".
إنتاج النفط واكتشافات الغاز
وكان المدير العام لشركة النفط التركية (TPAO) مليح خان بيلغين قد أكد خلال استعراض البرنامج الاقتصادي لشركته، في البرلمان التركي، استهداف إنتاج 60 ألف برميل نفط يوميا، خلال العام الحالي، مضيفاً أن الإنتاج الحالي بلغ يومياً 51 ألفا و600 برميل.
كما أعلنت تركيا في أغسطس/آب من عام 2020 عن اكتشاف 320 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في بئر "تونا 1" بحقل صقاريا للغاز في البحر الأسود، تبعه في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، اكتشاف آبار أخرى، ليصل حجم الاحتياطيات إلى 405 مليارات متر مكعب إثر اكتشاف مخزون جديد قدره 85 مليار متر مكعب.
ولكن، يرجح مراقبون أن تبقى فاتورة الطاقة مرهقة للحكومة والمواطن التركي ريثما تبدأ تركيا بالإنتاج، لأن أثر استمرار ارتفاع أسعار النفط على المستهلك المحلي وتكاليف الإنتاج ستزيد من نسبة التضخم والفقر، وتؤثر على الحكومة من خلال استنزاف الدولار وزيادة عرج الميزان التجاري، ببلد تحتل المرتبة الأعلى من حيث الطلب على الطاقة بين دول منظمة التعاون والتنمية.