تشهد صفقات التحوط النفطي تباطؤاً في أسواق الطاقة العالمية بسبب جائحة كورونا وتداعياتها السالبة على شركات الطيران العالمية وتعطل صناعة السفر والسياحة، كما تراجعت العديد من بنوك الاستثمار الكبرى عن المغامرة في أسواق السلع الأولية الآجلة ترقباً لما تسفر عنه محاولات السيطرة على الجائحة، وذلك وفقاً لتقرير نشرته مؤخرا نشرة "أويل برايس" الأميركية. ولكن بيانات أميركية تشير إلى أن الشركات الأميركية تمكنت من الحصول على أسعار مجزية للخامات التي عرضتها للتحوط.
وتلجأ الشركات النفطية الأميركية وبعض منتجي النفط لصفقات التحوط عبر بيع جزء من إنتاجها المستقبلي بسعر معين للبرميل، وبالتالي الحصول على السيولة وضمان مستويات دخل مضمون من عمليات الإنتاج. لكن نشرة "أويل برايس" الأميركية لاحظت أن صفقات التحوط النفطي في السوق الآجلة قلت خلال الشهور الماضية، خاصة مع تفشي الموجة الثانية من فيروس كورونا.
وحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، فقد نفذت شركات النفط الأميركية صفقات تحوط بلغت 448 مليون برميل، ولكن هذه الصفقات أقل من تلك التي نفذت في الربع الثاني من العام الماضي 2019 بنحو 14 مليون برميل.
وحرصت الشركات الأميركية على التحوط لأسعار النفط في أعقاب الانهيار الكبير لأسعار الخامات الصخرية التي انهارت تحت الصفر. ويوم 20 إبريل الماضي هوت العقود الآجلة للنفط الأميركي تسليم مايو/أيار، إلى 37 دولارا تحت الصفر، وهي المرة الأولى على الإطلاق التي يضطر فيها البائعون أن يدفعوا للمشترين لأخذ عقود آجلة للنفط.
وحسب أحدث الأرقام تراوحت أسعار التحوط المستقبلية التي دفعتها بنوك الاستثمار للخامات الخفيفة بين 48 و56 دولاراً للبرميل. وكانت صناعة النفط الصخري الأميركية شهدت أكبر عمليات إفلاس خلال العام الجاري. وقالت النشرة، إن شركة النفط
المكسيكية، وهي شركة مملوكة للدولة، تبحث في السوق الآجلة عن بيع جزء من إنتاجها في العام المقبل 2021، عبر صفقات التحوط مقابل الحصول على سيولة مالية، ولكنها لم تتمكن حتى الآن من تنفيذ أية صفقة تحوط.
وعادة ما تبيع شركة النفط المكسيكية بين 200 إلى 300 مليون برميل في السوق الآجلة ضمن ما يعرف بصفقات التحوط.
وفي صفقات التحوط، تتعاقد الشركات النفطية مع بنوك الاستثمار على بيع كميات محددة من إنتاجها المستقبلي مقابل سعر معين تحصل عليه حتى في حال انهيار الأسعار.
وكانت شركات الطيران من أكثر القطاعات نشاطاً في سوق التحوط النفطي، على أساس حماية نفسها من ارتفاع الأسعار. ولكن في الآونة الأخيرة وبسبب عمليات إغلاق الاقتصادات والعزل الاجتماعي قلت حركة المسافرين، وتعرضت الشركات لضائقات مالية اضطرت بعضها للتركيز على البقاء وتفادي الإفلاس أكثر من التفكير في حماية نفسها من ارتفاع أسعار المشتقات في المستقبل.
وكانت روسيا من بين الدول التي فكرت في تنفيذ صفقات تحوط نفطي خلال الشهور الماضية لحماية مداخيلها من تذبذب الأسعار، وتأثير ذلك على سعر الروبل وارتفاع معدلات التضخم في الاقتصاد، وأيد مساعد الرئيس فلاديمير بوتين، مكسيم أوريشكين، الفكرة واعتبر أنه يجب تكليف الحكومة بإعداد مقترحات بشأن اعتماد آلية التحوط المستقبلي لبعض الإنتاج الروسي. كما طرحت الفكرة من قبل الهيئات المعنية بملف الطاقة في روسيا وبإيعاز من الرئيس فلاديمير بوتين.
لكن البنك المركزي الروسي عارض الفكرة التي طرحت في يوليو/ تموز الماضي. وقالت محافظة البنك المركزي الروسي إلفيرا نبيولينا، وقتها إن المركزي لا يؤيد فكرة تحوط الإيرادات النفطية على غرار المكسيك، وبدلاً من التحوط يمكن للدولة أن تستخدم موارد صندوق الرفاه الوطني في سد الفجوة في الإنفاق.
وقالت نبيولينا، في تعليقها على التجربة المكسيكية في تحوط إيرادات النفط وآفاق تطبيقها في روسيا، إنه "يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن حجم إنتاج وتصدير النفط في المكسيك أقل مما هو في روسيا بكثير. وإذا دار الحديث عن تحوط كامل الحجم، فلدينا شكوك كبيرة في أن سوق التحوط ستسمح بتنفيذ هذه العملية، أو إنها ستكون باهظة للغاية".
وواجهت روسيا خلال العام الجاري مجموعة من الأزمات الاقتصادية. وهنالك خلافات بين شركات النفط الروسية حول كيفية التعامل مع مستقبل أسعار النفط غير المضمونة، فبينما تفضل بعضها عمليات التحوط، ترى أخرى ضرورة تكثيف العقود المستقبلية مع المصافي الصينية.