استمع إلى الملخص
- تأثير الحرب على الاقتصاد وأسعار اللحوم: الحرب المستمرة منذ 2015 أدت إلى تدهور الاقتصاد وارتفاع أسعار اللحوم، حيث يتراوح سعر كيلو اللحم بين 4 آلاف و15 ألف ريال، مع تلاعب بائعي اللحوم وغياب الرقابة الحكومية.
- تراجع الثروة الحيوانية وأثرها على السوق: الحرب والنزوح أديا إلى تراجع أعداد الثروة الحيوانية، مما اضطر التجار لاستيراد المواشي ورفع أسعار اللحوم بنسبة 30%-40%، مع تراجع الإنتاج الحيواني وتأثيره على 3.2 ملايين شخص.
بحسرة شديدة، يتحدث المواطن اليمني مهيوب الصمدي عن عدم قدرته على شراء كيلو لحم لأسرته منذ ثلاثة أعوام، في ظل الارتفاع الكبير في أسعار اللحوم الحمراء (الأبقار والأغنام). يقول الصمدي لـ"العربي الجديد" منذ أكثر من ثلاثة أعوام وأنا أحلم أن أشتري كيلوغرام لحم لأسرتي المكونة من سبعة أفراد، إذ بات شراء اللحم حلماً يراودنا ولا نستطيع تحقيقه".
يضيف الصمدي، حتى في الأعياد صرت عاجزاً عن توفير كيلو اللحم لأسرتي، في ظل الارتفاع الكبير للأسعار، وكما تعرف فالحرب جعلتنا عاطلين عن العمل، ونعاني وضعاً اقتصادياً متردياً، إذ بتنا نعتمد على ما يصرف لنا من منظمات الإغاثة".
أم مهند، ربة بيت في تعز، ذهبت إلى بائع اللحوم ولا تملك إلا 2500 ريال، لكن الجزار رفض أن يبيعها اللحم طالباً منها 12 ألف ريال قيمة كيلو واحد من لحوم الأبقار. تقول أم مهند لـ"العربي الجديد" :" حتى جمعيات ومنظمات الإغاثة التي توزع اللحوم في عيدي الفطر والأضحى يحرموننا اللحوم تحت مبرر أن عاقل الحارة لم يرفع لها معلوماتنا وبياناتنا، ولا نعرف لمن نشكو".
وبات شراء اللحوم حلما يراود الأسر اليمنية في ظل ارتفاع أسعارها، نتيجة الوضع الاقتصادي الذي يعيشه اليمن بسبب الحرب المندلعة منذ العام 2015 وما نتج عنها من ارتفاع مهول في الأسعار، وانقطاع الرواتب، وتدني القيمة الشرائية للريال اليمني، إذ بات الدولار يساوي 1910 في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، و535 في مناطق سيطرة حكومة الحوثيين.
وارتفعت أسعار اللحوم الحمراء (الأبقار والأغنام) بحدة تفوق القدرة الشرائية للأسر اليمنية، حيث يتراوح سعر الكيلو من لحوم الأبقار في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية من 12 ألف ريال إلى 15 ألفاً للحم العجول، ومن 14 ألف ريال إلى 16 ألفاً للكيلو الواحد من لحوم الرضيع (صغار الأبقار) وما بين 14 ألف ريال إلى 17 ألفاً للكيلو الواحد من لحوم الأغنام.
وفي مناطق سيطرة الحوثيين حيث سعر صرف الريال أقل منه في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، يتراوح سعر الكيلو الواحد من لحوم عجول الأبقار من أربعة آلاف ريال إلى ستة آلاف، والكيلو الواحد من لحوم الرضيع ما بين خمسة آلاف وسبعة آلاف ريال، فيما سعر الكيلو الواحد من لحوم الأغنام ما بين ثمانية آلاف وتسعة آلاف ريال.
ويشتكي المواطنون في مناطق سيطرة (الشرعية والحوثيين) من تلاعب بائعي اللحوم بالأسعار في ظل غياب الرقابة من الجهات الحكومية، حيث يعمد بائعو اللحوم إلى رفع الأسعار لا سيما في المواسم. ويشتكي بائعو اللحوم بالمقابل من ارتفاع أسعار المواشي التي يتم استيراد معظمها من إثيوبيا والصومال وجيبوتي نتيجة ارتفاع أسعار الصرف، وتكاليف النقل، في ظل شح ثروة البلاد الحيوانية.
بائع اللحوم سرحان عبده، قال لـ"العربي الجديد" إن "ارتفاع أسعار اللحوم في السوق هو نتيجة ارتفاع أسعارها في المرباع (مكان بيع المواشي) حيث يصل سعر الثور الواحد إلى مليوني ريال، وهذا يفرض رفع السعر للمستهلك، حيث باتت أرباحنا قليلة جداً مقارنة بما كنا نجنيه قبل الحرب".
ويضيف سرحان، أن الإقبال على شراء اللحوم انخفض بشكل كبير جداً، وبات محصوراً بفئة قليلة من المواطنين تتمثل بالتجار أو المتربحين من الحرب، بينما المواطنون من ذوي الدخل المحدود باتوا عاجزين عن شراء اللحوم، فالجندي مثلاً راتبه 60 ألف ريال، بما يعادل ما بين أربعة وخمسة كيلوغرامات فقط من اللحوم".
وهناك العديد من العوامل التي ساهمت بتراجع أعداد الثروة الحيوانية في اليمن، وعجزها عن تغطية السوق اليمنية، ما جعل التجار يستوردون المواشي من الخارج، خاصة من دول القرن الأفريقي. المهندس الزراعي علي الشرماني، قال لـ"العربي الجديد" إن هناك انخفاضاً كبيراً بعدد الماشية في اليمن نتيجة الحرب، وعمليات النزوح، إذ إن نزوح المزارعين جعلهم يضطرون لبيع المواشي، وترك مهنتهم، والانتقال إلى أماكن وأعمال أخرى".
وأشار الشرماني إلى تراجع الإنتاج الحيواني في اليمن بفعل الحرب، وقلة المعروض من المواشي في الأسواق، ما تسبب بارتفاع أسعار اللحوم حيث وصلت نسبة الارتفاع في أسعار اللحوم هذا العام إلى ما بين 30% و40% مقارنة مع العام الماضي، فمثلاً ارتفع سعر الرأس الواحد من الأغنام من 250 ألف ريال في العام الماضي إلى 400 ألف وأكثر هذا العام".
ولفت الشرماني إلى أن الانقسام الاقتصادي في البلاد، والضرائب والجمارك المزدوجة، وارتفاع تكاليف النقل، وارتفاع أسعار الأعلاف، وأسعار الأدوية البيطرية، وشح المرعى، ونزوح المزارعين، هي عوامل ساهمت بضعف أسواق المواشي".
ويشير تقرير إدارة الإحصاء والأرصاد الزراعي للعام 2018 إلى تراجع حجم الثروة الحيوانية في اليمن بين عامي 2014 و2018، حيث قدر عدد الثروة الحيوانية في البلد عام 2014 بنحو 21 مليوناً و296 ألف رأس، ليصل العدد لنحو 19 مليوناً و392 ألف رأس، ثمانية ملايين و813 ألفاً منها من الأغنام، في حين بلغ عدد الماعز ثمانية ملايين و644 ألفاً، والأبقار مليوناً و503 آلاف، والإبل 431 ألف رأس.
وتراجع الإنتاج الحيواني في اليمن بين عامي 2014 و2018 من 215 ألفاً و126 طناً من اللحوم إلى 180 ألفاً و918 طناً، وفق إحصاء عام 2018. ويعمل في مجال الثروة الحيوانية نحو 25% من القوى العاملة في الأرياف اليمنية، في حين يستوعب القطاع الزراعي الشريحة الأكبر من الأيادي العاملة، وفق بيانات حكومية رسمية. كما توفر الثروة الحيوانية الدخل الرئيسي لأكثر من 3.2 ملايين شخص، في جميع أنحاء اليمن، بحسب منظمة الفاو.