حذّر تقرير اقتصادي من تزايد الضغوط مؤخراً على قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في اليمن، في ظل الظروف الاستثنائية التي تشهدها البلاد.
وأشار التقرير الصادر حديثاً عن قطاع الدراسات الاقتصادية التابع لوزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، إلى ما يشهده قطاع الاتصالات من تدهور متواصل منذ بداية الحرب الدائرة في البلاد منذ سبع سنوات أدت إلى تدني مستوى تقنية المعلومات في اليمن.
ورصد التقرير تراجعاً معتبراً في الناتج الإجمالي الحقيقي لقطاع الاتصالات الخاص بمتوسط سنوي بلغ حوالي (- 8.6%)، خلال الفترة الممتدة من نهاية عام 2014 إلى مطلع عام 2021، مقابل تراجع بنسبة (-6.1%) في القطاع العام لنفس الفترة، مما أدى إلى فقدان الفرص المتاحة لتطوير هذا القطاع.
ويضرب صراع طاحن مؤخراً قطاع الاتصالات في اليمن، يتركز في الاستحواذ على خدمات الإنترنت وتقنية المعلومات والأهم شركات الهاتف النقال، إذ كسرت أقدم شركة اتصالات خاصة بخدمات الهاتف النقال في اليمن "سبأفون" الاحتكار الجغرافي لعمل هذه الشركات في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى عدن العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية.
فيما أعلنت نهاية العام الماضي 2021، شركة "أم تي أن" انسحابها النهائي من العمل في اليمن، بالتوازي مع الإعلان عن استحواذ شركة استثمارية خليجية على هذه الشركة.
وتسجل بيانات رسمية تباينا في أداء الناتج المحلي الحقيقي لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في اليمن، تبعاً للظروف الاستثنائية التي مر بها اليمن، إذ تشير تقديرات الحسابات القومية إلى أن الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة لقطاع الاتصالات انخفض من 130 مليار ريال عام 2014، إلى 92 مليار ريال في عام 2015، بنسبة تراجع بلغت (-29.2%).
واستمر تراجع النمو خلال الفترة 2016-2018، ولكن بوتيرة أقل، قبل أن يحقق معدلات نمو خلال العامين 2019، 2020، بنسب بلغت حوالي 0.4% و2.5% على التوالي.
ويقول الخبير في مجال تقنية المعلومات، وهو مسؤول فني سابق في إحدى شركات الهاتف النقال في اليمن، حامد المعمري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إن إيرادات قطاع الاتصالات مهما كان مستوى تراجعها والذي لا يعتبر تراجعا بل تبديدا وتشتتا، من الموارد القليلة التي ظلت مستمرة طوال سنوات الحرب، بالنظر إلى الأضرار التي لحقت بمختلف القطاعات الإيرادية الأخرى بسبب الحرب والصراع الدائر في اليمن.
يعاني قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات من تواضع مستوى الخدمات، وضعف كبير في تقديم خدمات الاتصالات والإنترنت
ويرى أن الظروف الراهنة التي يمر بها اليمن أفقدت هذا القطاع الكثير من فرص النمو والمزايا التنافسية وتحسين خدماته وزيادة التشغيل وتطوير البنية التحتية.
يعاني قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات من تواضع مستوى الخدمات في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية والإنترنت، وضعف كبير في تقديم خدمات الاتصالات والإنترنت، إلى جانب الإضرار والخسائر المادية التي لحقت بالمنشآت والتجهيزات الرئيسية.
وساهمت بشكل كبير أزمة الكهرباء وتكرار نقص المشتقات النفطية التي يتم الاعتماد عليها في تشغيل أبراج ومحطات الاتصالات بالمواقع الرئيسية، في محدودية الاتصالات ومحدودية الوصول إلى الإنترنت، مما زاد من تفاقم التداعيات الكارثية على المستوى الإنساني والمدني والاقتصادي في اليمن.
من جانبه، يلفت الباحث الاقتصادي علي قايد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن كل الأطراف ركزت على موارد هذا القطاع وكيفية الاستحواذ عليها والسيطرة على سوقها الرائجة، وهو ما أدى إلى تدهور كبير في هذا القطاع وعدم الاهتمام به وبتحديث تقنياته وتوسيع خدماته.
وتتفاقم تداعيات الحرب بسبب الافتقار إلى البنية التحتية والصعوبات في استيراد الإمدادات اللازمة، بما في ذلك معدات تجهيزات وأنظمة الاتصالات السلكية واللاسلكية.
وإلى جانب الانقسام، يواجه مشغلو شبكات الهاتف المحمول ضغوطاً متصاعدة نتيجة ارتفاع أسعار المشتقات النفطية والعوائق المفروضة على استيراد المعدات، مما أدى إلى فقدان قطاع الاتصالات لفرص التطوير والانتقال إلى تقنيات الجيل الرابع، وتضرر المواطن اليمني من تردي خدمات الإنترنت والاتصالات.
يواجه مشغلو شبكات الهاتف المحمول ضغوطاً متصاعدة نتيجة ارتفاع أسعار المشتقات النفطية والعوائق المفروضة على استيراد المعدات
وتعرّض قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى أضرار وخسائر بالغة نتيجة للدمار الهائل الذي تعرضت له الأصول والمنشآت الأساسية في البنية التحتية للاتصالات والإنترنت في اليمن طوال سنوات الحرب والصراع الدائر.
ويظهر تقرير خاص بنتائج تقييم الاحتياجات في اليمن إلى وجود أضرار شديدة في الأصول المستخدمة في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، والتي تضررت أو دمرت بشكل كلي.
وتشير التقديرات الأولية إلى أن عدد أبراج الاتصالات المتضررة بلغ حوالي 248 برجاً، وتضررت نحو 1652 محطة اتصال، و46 منشأة وسنترالا وغيرها.