كشف مصدر برلماني مطلع لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة قررت تحويل أراضي الشركة المصرية لتجارة الأدوية، إحدى شركات الشركة القابضة للأدوية التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام، إلى أبراج سكنية فاخرة مطلة على النيل بمنطقة الساحل، شمالي العاصمة القاهرة، وتوفير أماكن بديلة في محافظتي القليوبية والشرقية لنقل مقر ومخازن الشركة إليها.
وأفاد المصدر بأن الشركة المصرية للأدوية، الملاصقة لمستشفى معهد ناصر الحكومي على كورنيش النيل في شبرا، تعاقدت بالفعل على مجموعة من المقرات لاستغلالها كمخازن ومراكز إدارية في مناطق مسطرد والعبور بمحافظة القليوبية (شمال)، والعاشر من رمضان في محافظة الشرقية (شمال)، تمهيداً لإخلاء مقر الشركة الحالي، والأرض المحيطة به، وطرحها للبيع أمام مستثمري القطاع الخاص في غضون شهرين على الأكثر، من أجل البدء في إجراءات تنفيذ مشروع الأبراج السكنية بالشراكة مع الدولة، ممثلة في شركة "سيتي إيدج للتطوير العقاري" التابعة لوزارة الإسكان.
وأوضح المصدر أن أراضي شركة الأدوية تقترب من 40 ألف متر مربع، وتقع في منطقة شديدة التميز، حيث تطل على المرحلة الجديدة من مشروع "ممشى أهل مصر" الذي يجري تنفيذه حالياً، وعلى مقربة من جسر "تحيا مصر" المعلق، المعروف بـ"محور روض الفرج"، الذي يربط ما بين مناطق شمال وشرق القاهرة ومدينتي الشيخ زايد والسادس من أكتوبر في محافظة الجيزة.
وأنشأت الشركة المصرية للأدوية عام 1965، وهي الشركة الحكومية الأولى المسؤولة عن تجارة وتوزيع المستحضرات الطبية داخل البلاد، إذ تستـورد 393 صنفاً من الأدوية المهمة والضرورية، منها الأمصال والطعوم وأدوية الأورام، بغرض الوفاء باحتياجات المواطنين والمستشفيات والهيئات الصحية والعلاجية والدوائية وتوزيعها.
وتتولى الشركة أيضاً تموين المستشفيات والهيئات والمؤسسات العلاجية والتأمين الصحي بكل احتياجاتها من الأدوية، وتوريد وسائل منع الحمل إلى جميع مراكز تنظيم الأسرة في المحافظات، كما تنفرد بإنشائها أول سلسلة صيدليات لحفظ أدوية القلب والسرطان والربو والحساسية والسكر والأوعية الدموية.
وأصدر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قراراً برقم 2599 في عام 2020 يقضي بنقل ملكية أسهم الشركة المصرية لتجارة الأدوية من الشركة القابضة للأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية إلى الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي، والتي تسيطر عليها قيادات في الجيش، برئاسة اللواء بهاء الدين زيدان، مدير مجمع الجلاء الطبي للقوات المسلحة، وباتت تحتكر جميع عمليات شراء المستحضرات والمستلزمات الطبية البشرية التي تبرمها أجهزة الدولة.
وفي 31 يناير/ كانون الثاني الماضي، وافق المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية برئاسة مدبولي، على إعادة تخطيط خمس مناطق في محافظات القاهرة والجيزة وجنوب سيناء، بدعوى الاستغلال الأمثل لأراضي وأملاك الدولة فيها، استجابة لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن دراسة متطلبات إعادة تخطيط بعض المناطق.
وشملت المناطق المقرر إعادة تخطيطها كورنيش النيل بحي الساحل في محافظة القاهرة بمساحة 154.5 فداناً، وميدان رمسيس والسبتية وكوبري الليمون بمساحة 14.62 فداناً، وكورنيش النيل في المعادي ودار السلام وأثر النبي بمساحة 1642.75 فداناً، بالإضافة إلى المنطقة المحصورة بين محطة بشتيل للسكك الحديدية ومحور 26 يوليو وخط مونوريل، غرب القاهرة، في محافظة الجيزة بمساحة 5958.71 فداناً.
من جهتها، تقدمت النائبة في البرلمان عن الحزب المصري الديمقراطي مهى عبد الناصر، أول من أمس الثلاثاء، بطلب إحاطة إلى رئيس الحكومة ووزراء المالية والتخطيط والإسكان والنقل بشأن قرار إعادة تخطيط بعض المناطق على مستوى الجمهورية، طالبت فيه الحكومة بالكشف عن تفاصيل خطة التطوير التي تنوي تنفيذها في كل منطقة من المناطق التي شملها القرار على حدة، والإعلان عنها بكل شفافية ووضوح.
وحذرت من إمكانية حدوث أزمات مع المواطنين القاطنين في المناطق الواردة في القرار، خصوصاً أن معظمها مصنف كمناطق ذات كثافة سكانية مرتفعة، مضيفة أن الدولة ليست في حاجة إلى المزيد من الاحتقان، على ضوء معاناة المواطنين من أزمة اقتصادية طاحنة، وموجة غير مسبوقة من الغلاء وارتفاع الأسعار.
في 31 يناير/ كانون الثاني الماضي، وافق المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية برئاسة مدبولي، على إعادة تخطيط خمس مناطق في محافظات القاهرة والجيزة وجنوب سيناء
وأضافت، في طلبها، أن نواب البرلمان بحاجة إلى معرفة ما إذا كانت الخزانة العامة للدولة تستطيع تحمل الإنفاق على إعادة تخطيط هذه المناطق، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وتواجه مصر أزمة اقتصادية شديدة الصعوبة بسبب النقص الحاد في الدولار، ما أفقد العملة المحلية (الجنيه) أكثر من 90% من قيمتها أمام العملات الأجنبية منذ منتصف مارس/ آذار 2022، الأمر الذي نتجت عنه ارتفاعات قياسية في أسعار جميع السلع والمنتجات الأساسية، بنسب تراوحت ما بين 100% و150%.
يذكر أن الشركة المصرية للأدوية كانت مسؤولة عن توفير ألبان الأطفال المدعومة بسعر يراوح ما بين 5 جنيهات و18 جنيهاً للعبوة بحد أقصى، حتى الأول من سبتمبر/ أيلول 2016، حين قررت الحكومة حظر بيع ألبان الأطفال بمقر الشركة، رغم أنها المنوطة باستيراد هذه الألبان وتوزيعها عن طريق مناقصة عامة مع وزارة الصحة، وقصر صرفها على منافذ الوزارة في المحافظات.
وعقب يومين فقط من قرار الحكومة، أعلن الجيش المصري، في بيان رسمي، أنه سيتولى استيراد حليب الأطفال الرضع لطرحه في السوق المصري بسعر 30 جنيهاً للعبوة الواحدة، تحت مزاعم مواجهة احتكار بعض الشركات المسؤولة عن استيراد لبن الأطفال للعبوات للمغالاة في سعرها.
وفي العام التالي، رفع الجيش سعر العبوة إلى 55 جنيهاً، بما يعادل 10 أضعاف السعر الذي كانت تبيع به شركة الأدوية عبوات ألبان الأطفال المدعومة.
وقبيل احتكار الجيش لعملية استيراد ألبان الأطفال، نشرت الشركة المصرية للأدوية "استغاثة للرئيس السيسي" في بعض الصحف اليومية، تشكو فيها من إسناد عملية استيراد ألبان الأطفال عن طريق إحدى الجهات السيادية، وإسناد عملية التوزيع لشركة من القطاع الخاص. ويطلق مصطلح جهة سيادية في مصر على إحدى الجهات التابعة للقوات المسلحة أو مؤسسة الرئاسة أو المخابرات بفرعيها العامة والحربية، أو غيرها من أجهزة الأمن القومي.
وبعد مرور أقل من 7 سنوات، ارتفعت أسعار ألبان الأطفال المباعة في الصيدليات المصرية إلى 255 جنيهاً للعبوة الواحدة، والتي لا تكفي الطفل الرضيع سوى لثلاثة أيام، ما يشكل عبئاً كبيراً على أغلب الأسر، ويدفعها إلى البحث عن وسائل أخرى لتغذية أطفالها، بغض النظر عن تعرضهم لمشاكل سوء التغذية.