تحذيرات أميركية من نتائج عكسية لزيادة الفائدة في مكافحة التضخم

17 اغسطس 2023
مسؤولو الاحتياط الفيدرالي أصبحوا أكثر حذراً بشأن رفع أسعار الفائدة (Getty)
+ الخط -

في وقت رفع مسؤولو مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) سعر الفائدة القياسي على الأموال الفيدرالية، في يوليو/ تموز الماضي، بمقدار ربع نقطة مئوية إلى نطاق يتراوح بين 5.25% و5.5%، وهو أعلى مستوى في 22 عاماً، كشف محضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، والصادر، أمس الأربعاء، أنّ هناك توجساً بين بعض مسؤولي الاحتياط الفيدرالي من أن تؤدي زيادة معدلات الفائدة بصورة كبيرة إلى نتائج عكسية وغير مرغوبة.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، أنّ معظم مسؤولي مجلس الاحتياط الفيدرالي دعموا زيادة في أسعار الفائدة الشهر الماضي، لكن البعض رأى مخاطر متزايدة من أنهم قد يرفعون أسعار الفائدة بصورة كبيرة، مشيرة إلى أن ذلك يؤكد تزايد الحذر بشأن رفع أكبر لسعر الفائدة.

وأشار محضر اجتماع يوليو، إلى أنّ مسؤولي الاحتياط الفيدرالي أصبحوا أكثر حذراً بشأن الحاجة إلى الاستمرار في رفع أسعار الفائدة على الرغم من دعمهم بالإجماع لزيادة سعر الفائدة القياسي الشهر الماضي.

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن محضر الاجتماع، أنّ بعض صانعي السياسة النقدية أثاروا مخاوف من أنّ مخاطر المبالغة في تشديد السياسة النقدية مقابل عدم القيام بما يكفي لخفض التضخم المرتفع باستمرار، اتسمت أكثر بأنها ذات وجهين، مؤكدين أنه من المهم أن توازن قرارات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة بين مخاطر التشديد غير المقصود للسياسة وتكلفة التشديد غير الكافي.

وفي السياق، نسبت الصحيفة إلى سوزان كولينز، رئيسة البنك الفيدرالي في بوسطن، تصريحات لها، في مقابلة الأسبوع الماضي، أكدت فيها أنّ مخاطر زيادة معدلات الفائدة قد زادت بصورة كبيرة، وأصبحت أكثر قرباً للتوازن بالنسبة لمخاطر عدم القيام بالتحرك الكافي.

بيد أنّ الصحيفة نقلت عن محضر الاجتماع أنّ المسؤولين ما زالوا يرون مخاطر كبيرة تتمثل في أنّ التضخم قد لا ينخفض بالقدر الذي يتوقعونه، وهو ما قد يتطلب منهم رفع أسعار الفائدة مرة أخرى هذا العام، كما أنّ هناك مخاطر أخرى تتمثل في حدوث نمو اقتصادي أقوى، وهذا من شأنه أن يرفع معدلات التضخم، بالإضافة إلى مخاطر حدوث انتكاسة في التحسينات الأخيرة في سلاسل التوريد أو انتكاسات في الانخفاض في أسعار السلع الأساسية، والتي كانت مسؤولة إلى حد كبير عن تباطؤ التضخم.

وأضافت "وول ستريت جورنال" أنّ بعض مسؤولي الاحتياط الفيدرالي قلقون من أنّ ضغوط الأسعار الأساسية قد تثبت أنها أكثر استمرارية، لأن سوق العمل الضيق (عروض التوظيف أكبر من المتقدمين لها) يسمح للعمال بالمساومة على رواتب أعلى، مما يجعل من الصعب خفض التضخم أكثر.

وبينت أنّ اثنين من المشاركين في الاجتماع قد أشارا إلى تفضيل الاحتفاظ بالمعدلات ثابتة، بحجة أنّ القيام بذلك "من المرجح أن يؤدي إلى مزيد من التقدم نحو أهداف اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة مع إتاحة الوقت للجنة لمواصلة تقييم هذا التقدم".

ونقلت الصحيفة عن باتريك هاركر، رئيس البنك الفيدرالي في فيلادلفيا، وهو عضو له حق التصويت في لجنة تحديد سعر الفائدة بالبنك المركزي، الأسبوع الماضي، قوله: "أعتقد أننا قد نكون في المرحلة التي يمكننا فيها التحلي بالصبر والحفاظ على أسعار الفائدة ثابتة".

كما أشارت إلى أنّ توم باركين رئيس البنك الفيدرالي في ريتشموند، قد صرح في مقابلة الأسبوع الماضي، بأنه ستكون لديه قناعة أكبر بأنّ التضخم سيعود إلى هدف مجلس الاحتياط الفيدرالي البالغ 2%، مضيفاً: "إذا لم يكن الأمر كذلك، فأنا أتساءل عن مسار السياسة (النقدية)".

ومن جهتها، قالت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، إنّ الاقتصاديين يتوقعون على نطاق واسع أن تكون زيادة معدل الفائدة في شهر يوليو الماضي هي الأخيرة هذا العام، على الرغم من أنّ مسؤولي مجلس الاحتياط الفيدرالي توقعوا في يونيو/ حزيران الذي سبقه أن السعر القياسي سيرتفع بمقدار ربع نقطة مئوية عند 5.5- 5.75%.

وكان رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي جيروم باول، قد شدد، الشهر الماضي، على أنّ اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة ستستوعب "مجمل" البيانات الاقتصادية قبل الاجتماع التالي في سبتمبر/ أيلول المقبل، لكنه أقرّ بأنه "بالنظر إلى المدى الذي وصلنا إليه، يمكننا أن نتحلى بالصبر قليلاً عندما يتعلق الأمر بمزيد من الارتفاعات في الأسعار".

وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنّ التضخم لا يزال مرتفعاً للغاية، حتى مع انحسار ضغوط الأسعار في الأسابيع الأخيرة ومن المتوقع أن يستمر في الانحسار في الأشهر المقبلة، مضيفة أنه بينما شهد سوق العمل مزيداً من التهدئة، ظل الإنفاق الاستهلاكي على السلع والخدمات قوياً على الرغم من ارتفاع تكاليف الاقتراض.

واختتمت "فاينانشال تايمز" بالقول، إنّ الإيقاف المؤقت لارتفاع سعر الفائدة مرة أخرى في سبتمبر من شأنه أن يمنح مجلس الاحتياط الفيدرالي مزيداً من الوقت لتقييم كيفية استجابة الاقتصاد للزيادات السابقة، أو ما إذا كانت تكاليف الاقتراض بحاجة إلى مزيد من الارتفاع لدفع التضخم إلى الانخفاض إلى الهدف المنشود وهو 2%.

وبينما يواصل المسؤولون مناقشة الحاجة إلى إجراءات إضافية، يبدو أنهم أكثر توحيداً بشأن الحفاظ على السعر القياسي للفائدة عند مستوى يقيد الطلب لفترة طويلة من أجل التغلب على التضخم.

(قنا)