تحديات حكومة تونس: أولوية العجز المالي وتوفير الوظائف

02 أكتوبر 2021
خلال تحرك ضد البطالة في تونس (Getty)
+ الخط -

بعد 60 يوماً من الترقب والفراغ الحكومي، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد الأربعاء الماضي عن تكليف نجلاء بودن بتشكيل الحكومة، لتكون أول امرأة في تاريخ تونس والدول العربية، تدير السلطة التنفيذية في ظرف اقتصادي وسياسي عسير.

وتستلم بودن مهمة رئاسة الحكومة بعدما وضع سعيد يوم تعيينها شبه خارطة طريق لعملها مكلّفا إياها بـ "مكافحة الفساد والقضاء على الفوضى التي عمت الدولة، إلى جانب الاستجابة لمطالب التونسيين وتمكينهم من حقوقهم الطبيعية في الخدمات الأساسية من تعليم وصحة ونقل".

لكن الطريق أمام رئيسة الحكومة، بحسب خبراء الاقتصاد، مفخخة بالمطبات والصعوبات بسبب وضع المالية العمومية وتواصل تداعيات الأزمة الصحية على الاقتصاد، إلى جانب ارتفاع نسب البطالة واستفحال الفساد.

ويقول الخبير الاقتصادي محمد منصف الشريف إن رئيسة الحكومة ستكون مطالبة بتوفير ما لا يقل عن 10 مليارات دينار (نحو 3.6 مليارات دولار) قبل نهاية العام الحالي من أجل إنقاذ المالية العمومية بعد توسع عجز الموازنة إلى نحو 11 في المائة.

ويؤكد الشريف في تصريح لـ "العربي الجديد" أن الحكومة الجديدة مطالبة بتوفير نحو ملياري دينار شهريا من القروض المحلية والخارجية لتأمين دفع الرواتب واستيراد المواد الحيوية من طاقة وحبوب وأدوية.

ويشير إلى أن عودة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي من أجل الحصول على تمويلات سريعة من السوق الدولية يجب أن تتصدر خطة العمل الحكومي.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويرجّح الشريف أن تتفاعل مؤسسات الإقراض الدولية سريعا مع تونس بشأن توفير التمويلات اللازمة لتفادي أزمة اجتماعية ومعيشية في البلاد، لافتاً إلى أن ردة فعل الأسواق الدولية كانت إيجابية بعد إعلان سعيد عن تعيين الحكومة وذلك عقب ضغوط عالية واجهتها السندات التونسية في السوق الدولية خلال الفترة الماضية.

وسجلت السندات الحكومية عقب الإعلان عن تكليف بودن الأربعاء، أفضل أداء منذ عام بحسب ما أوردته وكالة "رويترز" وذلك بعد ضغط عالٍ تعرضت له السندات قبل ذلك بيوم.

ويرى الخبير المالي آرام بالحاج أن حكومة تونس الجديدة ستواجه تداعيات الضغوط على السندات التونسية في السوق الدولية، مشيرا إلى أن كل خروج للدولة التونسية إلى السوق المالية العالمية في المستقبل لتعبئة الموارد ستقابله نسب فائدة تفوق الـ 11 في المائة، إذا وافق الدائنون على إقراض البلاد.

ويلفت بالحاج في تصريح لـ "العربي الجديد" إلى أن آخر خروج للدولة التونسية إلى السوق المالية العالمية كان عام 2019 حين تمكنت من تعبئة 700 مليون يورو، تُسدد على 7 سنوات بنسبة فائدة تبلغ 6.375 في المائة، معتبرا أن تحقيق الاستقرار السياسي يجب أن ترافقه إشارات قوية للشركاء الماليين بأن سلطات البلاد جادة في المضي نحو إصلاحات اقتصادية جذرية.

ويضيف الخبير المالي أن تصاعد سعر النفط في السوق العالمية سيزيد من صعوبات المالية العمومية ويضع تحديات جديدة أمام الحكومة المطالبة بسداد ثغرة زيادة مخصصات استيراد المواد النفطية. ويشرح أن ارتفاع النفط بدولار واحد في الأسواق العالمية يكلف ميزانية الدولة مبلغ 129 مليون دينار إضافي، يتعيّن على الحكومة توفيره لإعادة ضبط حسابات الموازنة.

وبالإضافة إلى الضغوط المالية، تنتظر رئيسة الحكومة الجديدة مطالب نقابية واجتماعية بعدما تسبب الفراغ الحكومي في وقت سابق في تعليق جولة المفاوضات الاجتماعية من أجل الزيادة في رواتب الموظفين التي تتأهب المركزية النقابية لإعادة إحيائها مجددا.

ويقول المتحدث الرسمي باسم الاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري إن وضع تونس المالي غير مريح، مؤكدا أن البنك المركزي متخوف من تصنيف سلبي جديد قريبا من قبل وكالات التصنيف الدولية. ويفيد الطاهري في تصريح لـ "العربي الجديد" بأنه بات من المؤكد أن وكالات التصنيف ستخفض مجددا من تقييم تونس، لافتاً إلى أن رئيسة الحكومة الجديدة مطالبة بمعالجة الوضع الاقتصادي بشكل عاجل.

ويعتبر أن تقييم أداء الحكومة الجديدة سيتم على ضوء التزامها بمدى تطبيق البرنامج المعلن عنه لإنقاذ الاقتصاد وتحسين الوضع الاجتماعي في البلاد. ويؤكد في ذات السياق أن تشكيل الحكومة سيمنع إمكانية انحراف البلاد إلى مزيد من التوتر الذي بدأت بوادره تلوح في الأيام الماضية، مشيرا إلى أن الاتحاد سيواصل الدفاع عن حق التونسيين في تحسين قدرتهم الشرائية وحقهم في الخدمات العامة.

وعقب 24 ساعة من الإعلان عن تكليف رئيسة الحكومة عادت احتجاجات العاطلين عن العمل إلى الشارع حيث نفذ عدد من أصحاب الشهادات العليا المعطلين عن العمل ممن تجاوزت بطالتهم 10 سنوات وأكثر، المشمولين بالقانون عدد 38 المتعلق بالأحكام الاستثنائية للانتداب في القطاع العمومي، وقفة احتجاجية سلمية الخميس أمام القصر الرئاسي بقرطاج، للمطالبة بالتسريع في تطبيق هذا القانون الذي صدر منذ أكثر من سنة ولم يجد طريقه نحو التنفيذ.

المساهمون