بالكاد أدى حظر الاستيراد في أميركا الشمالية والعقوبات الذاتية التي نفذتها شركات المصافي الغربية والتجار في أوروبا إلى إعاقة تدفق النفط الخام من الموانئ الروسية، حيث تم تحويل الكميات التي لم تسوق في الأسواق الغربية إلى أسواق آسيا بنجاح، ولكن العائدات تقلصت بمعدلات كبيرة، حسب تحليل لخبير النفط الأميركي جوليان لي.
ويقول التحليل الذي نشرته وكالة "بلومبيرغ"، إنّ شركات النفط الروسية باتت تواجه مشكلة مداخيل مع الخصومات الكبيرة التي يطالب بها التجار والشركات في آسيا والتي بلغت قرابة 40%، مقارنة بسعر خام برنت، حيث يباع خام الأورال الروسي بنحو 52 دولاراً فقط، مقارنة بسعر خام برنت البالغة في المتوسط نحو 83 دولاراً.
ويرى لي أنّ موسكو ركزت في التسويق على مجموعة قليلة من المشترين في آسيا، حيث برزت الهند كثاني أكبر عميل للنفط الروسي.
وتشتري الصين والهند الآن ثلثي إجمالي النفط الخام المصدّر بحراً من روسيا؛ أو ما لا يقل عن نصف النفط الخام الذي يتم تصديره عبر خط أنابيب يمتد من روسيا عبر أنغوليا إلى الصين.
ويشير التحليل إلى تقلص عدد المشترين للخامات البترولية الروسية في الأسواق العالمية، وهو ما يمنح قدرة تفاوضية هائلة للمشترين في كل من الصين والهند لتخفيض الأسعار.
ويتم تداول النفط الخام الروسي بخصم كبير مقارنة بالمعايير الدولية، ويرى لي أن هذا يضر بتمويل الحرب التي تقودها موسكو في أوكرانيا.
وفي أحدث تقرير عن أسعار الخامات الروسية، فإن خام الأورال وهو الخام الرئيسي للبترول الروسي يتم تداوله بحوالي 52 دولارًا للبرميل في موانئ التصدير الآسيوية.
وهذا خصم قدره 33.28 دولارًا، أو 39% مقارنة بسعر خام برنت في أسواق الطاقة العالمية. وهو خصم كبير بالمقارنة مع متوسط التخفيضات في الأسعار الذي كانت تمنحه الشركات الروسية في عام 2021 والذي يقدر بنحو 2.85 دولار.
وعبر هذا الخصم الكبير في أسعار الخامات الروسية تخسر الشركات الروسية نحو 4 مليارات دولار شهريًا.
وكان تداول خام برنت عند حوالي 100 دولار للبرميل عندما دخلت القوات الروسية إلى أوكرانيا في نهاية فبراير/شباط الماضي؛ ويراوح الآن حوالي 83 دولارًا.
ولم يكن هذا التراجع ليحدث لو تم تقليص الصادرات الروسية، كما توقعت وكالة الطاقة الدولية. ومن السهل أن نرى محاولات قطع تدفق الأموال إلى صندوق حرب الكرملين على أنها فاشلة، لا سيما في حين أن حجم الإنتاج والتصدير لا يزال قوياً. لكن عائدات النفط هي نتاج من حيث الحجم المصدر وسعر البيع.
وكانت مجموعة منتجي أوبك+، والتي تعد روسيا عضوًا رئيسيًا فيها، قد قالت إنها لن تتدخل لتعويض البراميل الروسية المفقودة، لذا فإن أي انخفاض في التدفقات الروسية سيكون محسوسًا على الفور في سوق الطاقة العالمي..
ومع استعداد الصين والهند وتركيا لاقتناص شحنات منخفضة السعر، فإن أي حظر على تدفقات النفط الروسية يمكن أن يكون جزئيًا فقط.
وما لم يتم إقناع تلك الدول التي تشتري الخامات البترولية الروسية بحظر الواردات من روسيا، وإيقاف شحناتها تمامًا، فمن المحتمل جدًا أن ينتهي الأمر بالمشترين في كل مكان بالتدافع لشراء النفط الروسي رخيص السعر، مما سيكون له تأثير معاكس للتأثير الذي قصدته الدول الغربية من حظر الخامات الروسية.