تأجيل خفض الفائدة يضع الاقتصاد الأميركي أمام 3 مخاطر أكبرها تفاقم الدين القومي

20 يونيو 2024
متداولون في وول ستريت، نيويورك، 18 يونيو 2024 (سبنسر بلات/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الأسواق تتوقع خفض الفائدة الأميركية في سبتمبر، لكن مجلس الاحتياطي الفيدرالي لم يؤكد ذلك، ويعتمد القرار على معدل التضخم وقوة سوق العمل.
- خبراء يحذرون من أن تأجيل خفض الفائدة قد يؤدي إلى ركود اقتصادي ويفاقم مشكلة الدين القومي الأميركي الذي بلغ 34 تريليون دولار.
- ارتفاع الفائدة يهدد بانهيار سوق العقارات ويضعف الإنفاق الحكومي، مما يزيد تكلفة المال في الاقتصاد ويؤدي إلى دورة خطرة من الانهيارات.

على الرغم من توقعات الأسواق بخفض الفائدة الأميركية في سبتمبر/أيلول المقبل، فإنه لا توجد تأكيدات من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي بذلك. ويقول خبراء إن سيناريوهات خفض الفائدة في سبتمبر تعتمد على بيانات تراجع معدل التضخم وقوة سوق العمل خلال الشهور المقبلة. ويرون أن تأجيل البنك المركزي خفض الفائدة بات يهدد الاقتصاد الأميركي بالوقوع في مستنقع الركود الاقتصادي وبتفاقم خدمة الدين الأميركي الذي بلغ 34 تريليون دولار وكذلك ربما انهيار سوق العقارات في الولايات المتحدة.

في هذا الصدد، قالت الاقتصادية كلوديا ساهم كبيرة الاقتصاديين بمؤسسة "نيو سينشري أدفايسرز"، إن بنك الاحتياط الفيدرالي يخاطر بدفع الاقتصاد الأميركي إلى الانكماش من خلال عدم خفض أسعار الفائدة الآن. وترى ساهم أن رتفاع مستوى البطالة في الأشهر الأخيرة، أثار لغطاً متزايداً في سوق "وول ستريت". وكان بنك الاحتياط الفيدرالي الذي حارب التضخم عبر الفائدة المرتفعة، يستند إلى قوة سوق العمل، ولكن بدأت تصدعات تظهر في سوق العمل وتشير إلى مشاكل محتملة في المستقبل ربما ترفع من معدل البطالة.

وقالت ساهم، في تعليقات نقلتها قناة "سي أن بي سي" أمس الأربعاء، إن البنك المركزي يخوض مخاطرة كبيرة من خلال عدم التحرك الآن لإجراء تخفيضات تدريجية في أسعار الفائدة قد تنتهي إلى ركود الاقتصاد الأميركي الذي سيجبر صناع السياسة النقدية على اتخاذ إجراءات أكثر جذرية في المستقبل.

أما الخطر الثاني الذي يترتب على استمرارية الفائدة المرتفعة على الاقتصاد الأميركي فهو ارتفاع الدين القومي للولايات المتحدة، لأن واشنطن تنفق أكثر مما تحصل عليه من الإيرادات. ووفق تقرير بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي، أضافت الحكومة الأميركية في الشهر الماضي 347 مليار دولار إلى العجز في الميزانية. ويقول تقرير المجلس، إن التوقعات الحالية تظهر أن الحكومة ستنفق أكثر من إيراداتها بمقدار 1.2 تريليون دولار في هذه السنة المالية.

وتغطي حكومة الولايات المتحدة عجزها عن طريق اقتراض الأموال. وكان هذا يبدو أقل إثارة للقلق قبل بضع سنوات عندما كانت أسعار الفائدة منخفضة للغاية. ولكن حينما قفزت أسعار الفائدة منذ أوائل عام 2022، أصبح تسديد خدمة الدين أو دفع الفائدة لحملة سندات الخزانة الأميركية هاجسا كبيرا بالنسبة لوزارة الخزانة الأميركية.

ويقول تحليل مجلس العلاقات الأميركية، إن ارتفاع أسعار الفائدة على الدولار له عواقب على الحكومة الأميركية، كما هو الحال بالنسبة للشركات والأفراد. وقد أوضح مقال نشره الزميلان بالمجلس بن ستيل وإليزابيث هاردينغ، أن الولايات المتحدة تنفق الآن سنوياً على فوائد الدين الوطني أكثر مما تنفقه على الدفاع. ومن المتوقع أن تتسع هذه الفجوة بشكل أكبر في السنوات المقبلة مع تواصل العجز في الميزانيات الأميركية وبالتالي تراكم الديون.

ومعروف أن استمرار العجز الضخم بالميزانية من شأنه أن يضرب مستويات معيشية بالبلاد ويقلل من الإنفاق الحكومي على الخدمات والبنية التحتية. كما أن ازدياد اقتراض الحكومة، يرفع من تكلفة المال في جميع أنحاء الاقتصاد، مما يؤدي إلى زيادة الأسعار. ولهذا السبب، حث مسؤول كبير في صندوق النقد الدولي الولايات المتحدة على استغلال اللحظة الحالية من النمو الاقتصادي لإبطاء ديونها المتراكمة عبر تسديد جزء منها.

أما الخطر الثالث الذي يتهدد الاقتصاد الأميركي من استمرارية ارتفاع الفائدة على الدولار، فهو احتمال انهيار سوق الإسكان، الذي يعتمد بشكل كبير على القروض العقارية. ومع بقاء أسعار الفائدة على القروض لمدة 30 عاماً قريبة من نسبة 7%، وارتفاع متوسط أقساط الرهن العقاري في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، يظل نشاط الإسكان ضعيفاً ويهدد بإفلاس العديد من شركات التطوير العقاري كما يهدد بتزايد عدد ملاك العقارات الذين يعجزون عن تسديد قروضهم وربما يتفاعل الأمر ليصل مرحلة نزع البنوك لممتلكاتهم لتبدأ الدورة الخطرة بانهيار سوق العقارات السكنية وربما ينسحب ذلك على البنوك والمؤسسات العقارية.

يذكر أن أزمة المال العالمية التي حدثت في العام 2008، حدثت بسبب الرهونات العقارية في أميركا وأدت إلى انهيار بنك " ليمان برازرس" ثم تلته مؤسسات عقارية. وكادت الأزمة أن تقضي على سوق المال الأميركي لولا تدخل الحكومة الأميركية بشراء السندات الفاسدة.

وتوجد الآن مؤشرات على تراجع كبير بسوق العقارات الأميركية، ففي إبريل/ نيسان الماضي، تراجعت مبيعات المنازل القائمة بنسبة 1.9% مقارنة بالوتيرة المتواضعة في شهر مارس/ آذار، وانخفضت بنحو 2% عن مستوياتها في إبريل/نيسان 2023. وفي الوقت نفسه، عكست مبيعات المنازل الجديدة التي كانت في ارتفاع مسارها في الشهور الأخيرة. وكانت مبيعات المنازل الجديدة في إبريل/ نيسان 2024 أقل بنسبة 4.7% من الشهر السابق، وأقل بنسبة 7.7% عما كانت عليه خلال نفس الشهر من العام السابق. وعلى الرغم من أن مشتري وبائعي المنازل المحتملين دخلوا العام بشعور من التفاؤل بأن بيئة أسعار الفائدة سوف تتحسن، إلا أن هذا لم يحدث بعد.

وعلى الرغم من أن الفائدة المرتفعة ساهمت بتراجع معدل التضخم كثيراً عن مستوياته في العام 2022، فإن مخاطر سوق العمل لا تزال قائمة، وترى الاقتصادية ساهم أنه "بالموازنة بين تراجع التضخم ومسار سوق العمل، يلاحظ أن سوق العمل يقترب أكثر فأكثر من منطقة الخطر ويجب على بنك الاحتياط الفيدرالي خفض الفائدة".

المساهمون