بوركينا فاسو ترفض مساعدات من صندوق النقد الدولي

18 اغسطس 2024
رئيس بوركينا فاسو إبراهيم تراوري (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- قرار رئيس بوركينا فاسو إبراهيم تراوري برفض المساعدة المالية من صندوق النقد الدولي يعكس رغبة في الاستقلال الاقتصادي وتجنب التبعية المالية.
- أسباب الرفض تشمل مخاوف من إدامة التبعية الاقتصادية وفقدان السيطرة على القرارات المالية الوطنية، وهو ما يتماشى مع اتجاه أوسع بين القادة الأفارقة لتعزيز الحكم الذاتي.
- تقرير صندوق النقد الدولي أشار إلى الظروف الأمنية الصعبة وتأثيرها على الاقتصاد، مما يعكس استعداد الحكومة لمعالجة التحديات باستقلالية.

في خطوة لفتت انتباه المراقبين والاقتصاديين الدوليين، اتخذ رئيس بوركينا فاسو إبراهيم تراوري قراراً برفض المساعدة المالية المعروضة من صندوق النقد الدولي، وهو ما مثل لحظة هامة للدولة الواقعة في غرب أفريقيا وهي تمر بمرحلة انتقالية على الصعيد الاقتصادي والسياسي.

وكان صندوق النقد الدولي، المعروف بتقديم الدعم المالي للدول المأزومة، قد وافق على ترتيبات بموجب تسهيل ائتمان موسع لدولة بوركينا فاسو، بهدف معالجة مشكلات ميزان المدفوعات في البلاد ودعم المرونة الاقتصادية وجهود الحد من الفقر. ومع ذلك، اختارت إدارة الرئيس تراوري رفض عرض المؤسسة الدولية.

وقال محللون إن هذا القرار يمكن النظر إليه باعتباره بياناً لإعلان الاستقلال الاقتصادي والرغبة في اتباع مسار مختلف نحو الاستقرار المالي والتنمية، واعتبروه يعكس اتجاهاً أوسع نطاقاً من جانب القادة الأفارقة لتقييم شروط المساعدات المالية الدولية وعواقبها على المدى الطويل. وقد يتردد صدى موقف الرئيس تراوري مع الشعور المتزايد بالاكتفاء الذاتي والنهج الحذر في التعامل مع الديون الخارجية.

وجاء من بين الأسباب الرئيسية التي تم الاستشهاد بها لرفض مساعدة صندوق النقد الدولي الاعتقاد بأن مثل هذه المساعدة قد تؤدي إلى إدامة التبعية الاقتصادية والحد من سيطرة البلاد على قراراتها المالية، كما كان هناك شعور بأن قبول المساعدة قد يبقي البلاد محاصرة في حلقة من الديون. ويتماشى هذا المنظور مع اتجاه أوسع بين بعض القادة الأفارقة الذين يعيدون تقييم الآثار طويلة الأجل للمساعدات المالية الدولية، ويعبرون عن تفضيلهم للسياسات التي تعزز الحكم الذاتي وتقرير المصير.

وبالإضافة إلى ذلك، يعكس القرار المخاوف بشأن إمكانية تأثير المؤسسات المالية الدولية على السياسات والأولويات المحلية. ومن خلال رفض مساعدة صندوق النقد الدولي، تحاول بوركينا فاسو تأكيد سيادتها المالية، وتظهر التزامها بإعطاء الأولوية لرفاهية مواطنيها فوق الضغوط الخارجية.

وفي نهاية يوليو/تموز الماضي، وبعد إتمام مراجعته للبلاد بشهرين تقريباً، أصدر صندوق النقد الدولي تقريره عن بوركينا فاسو، إذ أشار إلى الظروف الأمنية الصعبة التي مرت بها البلاد، وما سبّبته من نزوح قسري واضطرابات اجتماعية واقتصادية كبيرة، في المنطقة برمتها. وقال الصندوق إنه بالإضافة إلى الصعوبات الكبيرة على المستوى الفردي، يعني النزوح المرتبط بالأمن فقدانَ القدرة الإنتاجية في منطقة المصدر، في حين يرهق البنية التحتية الاجتماعية والعامة في مناطق المقصد. 

وكان الصندوق قد أقر في سبتمبر/أيلول 2023 حزمة هزيلة لمساعدة بوركينا فاسو، ووافق على صرف مبلغ 31.7 مليون دولار بعد المراجعة الأولى، وهو ما وصل بإجمالي الدعم المالي الذي يقدمه صندوق النقد الدولي بموجب هذه الاتفاقية إلى نحو 63.4 مليون دولار أميركي.

وتواجه بوركينا فاسو بالفعل العديد من التحديات، بما في ذلك القضايا الأمنية وتأثير الصدمات الخارجية مثل جائحة كوفيد 19 والظروف الجوية السيئة. وعلى الرغم من هذه الصعوبات، يشير قرار الحكومة إلى استعدادها لمعالجة التحديات باستقلالية، وربما النظر نحو أشكال أخرى من الشراكة والدعم التي تتوافق بشكل أوثق مع أهداف الأمة وقيمها.

وأثارت خطوة بوركينا فاسو برفض مساعدة صندوق النقد الدولي مناقشات حول استدامة مثل هذا القرار وتأثيره المحتمل على مستقبل بوركينا فاسو. ويرى بعض المحللين أنه في حين أن القرار قد يعزز الشعور بالفخر الوطني والسيطرة على موارد البلاد، لكنه يثير أيضاً تساؤلات حول جدوى التنمية الممولة ذاتياً في مواجهة التحديات الاقتصادية الكبرى.

وبينما ترسم بوركينا فاسو مسارها، سيراقب المجتمع الدولي الموقف من كثب لمعرفة ما قد يعنيه قرار بوركينا فاسو لمستقبل المساعدات المالية والسيادة الاقتصادية في أفريقيا. ويبدو أن قيادة البلاد تشير إلى عصر جديد من الحكم الذاتي وتقرير المصير، مما يشكل سابقة يمكن أن تؤثر على السياسات الاقتصادية في المنطقة لسنوات قادمة.