بورصة جديدة للمشتقات المالية أصبحت قريبة من الإطلاق في قطر، بعد إعلان هيئة تنظيم مركز قطر للمال وضع أطرها التنظيمية على الطاولة في 27 مارس/آذار، بما يسمح للمستثمرين بإدارة محافظهم المالية بصورة أكثر كفاءة وتنوعا.
وبورصة المشتقات هي السوق التي تتداول عقودا وليس أوراقاً مالية، أي يشتري المستثمرون فيها عقودا يبرمها طرفان على أوراق مالية؛ لشرائها خلال فترة زمنية معينة قبل إعادة بيعها، ويكون موعد الشراء والبيع فيها محدداً سلفاً.
ومن العقود التي تطرحها بورصة المشتقات: عقود الخيارات، والعقود الآجلة المتصلة بالأسهم المدرجة في السوق المالية العامة، إضافة إلى العقود المتصلة بمؤشر البورصة الذي سيدرج في بورصة المشتقات الجديدة.
وتستمد هذه العقود قيمتها من أصل أساسي، حيث يوافق المشتري على شراء الأصل في تاريخ محدد بسعر محدد، وغالبا ما تستخدم للسلع مثل النفط أو البنزين أو الذهب.
أما فئة الأصول الأخرى فهي العملات، وغالبًا ما تكون الدولار الأميركي. وهناك مشتقات على أساس الأسهم أو السندات، حيث يجري الاستثمار على أسعار الفائدة، مثل العائد على سندات الخزانة لمدة 10 سنوات.
وإزاء ذلك، فمن شأن إنشاء بورصة المشتقات الجديدة إتاحة فرص نمو جديدة للمؤسسات المالية وجهات الوساطة القطرية والإقليمية، وتوسيع الأعمال مع العملاء، بحسب بيان هيئة تنظيم مركز قطر للمال.
وتأسست الهيئة بهدف التصريح للشركات والأفراد الذين يزاولون الخدمات المالية في مركز قطر للمال أو منه، وتنظيمهم (الشركات والأفراد) والرقابة عليهم، ويقع مقرها في الدوحة، حسب ما أوردت البوابة الرسمية للمعلومات والخدمات في قطر (حكومي).
و"قطر للمال" هو مركز عالمي للمال والأعمال، يوفّر للشركات فرصة توسيع أعمالها ضمن منطقة الشرق الأوسط أو انطلاقاً منها.
أداء جذاب
وتشير التوقعات إلى أن المؤشر العام للسوق المالية في قطر سيلامس مستويات تتراوح بين 15 و16 ألف نقطة خلال عام 2023، بحسب ما أفاد المستشار الاقتصادي والخبير المالي، هاشم الفحماوي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، لافتا إلى أن إضافة سوق خاصة بالمشتقات من شأنه أن يزيد من انتعاش السوق المالية.
ومن شأن إنشاء بورصة للمشتقات أن ينعكس إيجابا على السوق المالية العامة في قطر، لكن أداءها سيكون منعزلا على الأرجح، إذ ستقوم على جذب "السيولة الساخنة" أو الأموال المهاجرة للاستثمار، حسب ما يرجح الفحماوي.
وأداء السوق المالية العامة في قطر يمثل عنصر جذب كبير لأصحاب هذه الأموال الذين يريدون مكسبا سريعا في سوق متخصصة، بحسب الفحماوي، الذي أشار أيضا إلى أن الأسعار الحالية في بورصة قطر في متناول جميع الصناديق الاستثمارية تقريبا، إذ سجلت بعض الأسهم قيعان تاريخية لم تسجلها منذ 10 أعوام، وبالتالي فهي فرصة استثمار مربحة.
ويتوقع الفحماوي أن يستغرق إنشاء وإطلاق بورصة المشتقات ما بين 3 و6 أشهر، وهي الفترة التي يتوقع فيها خبراء البورصة قفزات في أرباح السوق المالية العامة في قطر.
ويعزز من توقعات كهذه إعلان وكالة فيتش للتصنيف الائتماني العالمية رفع التصنيف طويل الأجل لدولة قطر من مستقر إلى إيجابي، مشيرة، في تقريرها الأخير، إلى أن هذه المراجعة تعكس توقعاتها بأن يؤدي توسيع حقل الشمال إلى زيادة السعة التصديرية الإضافية من الغاز القطري.
كما توقعت فيتش أن يبلغ فائض الموازنة العامة لدولة قطر حوالي 10% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مقابل 13% في عام 2022.
وبحسب التقرير، فإن تصنيف قطر مدعوم بجملة من العناصر الرئيسية، منها: صافي الأصول الأجنبية السيادية الكبيرة، وارتفاع دخل الفرد، بالإضافة إلى وجود هيكل مالي عام مرن.
وكانت بورصة قطر قد أصدرت بيانا، رحبت فيه بإنشاء بورصة المشتقات، ووصفته بأنه "ركيزة أساسية في تطوير سوق رأس المال القطري وترقية لمركز البورصة إلى مصاف الأسواق المتقدمة".
مواكبة خليجية
وتعد الخطوة القطرية مواكبة لمسار سبقت إليه السعودية والإمارات، حيث أطلقت السوق المالية السعودية "تداول"، في 30 أغسطس/آب 2020، سوقا للمشتقات المالية، فيما أطلقت بورصة أبوظبي للأوراق المالية (ADX) سوق أبوظبي للمشتقات المالية في 1 سبتمبر/أيلول 2021.
وهنا يشير الفحماوي إلى مؤشرات على زيادة القوة الشرائية في دول الخليج بأكثر من 16% مقارنة بعام 2022، إذ تجاوزت تلك الدول أزمة جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية، وهو ما من شأنه دعم قدرة الاستثمار المحلي في عقود المشتقات المالية أيضا.
ويتوقع الفحماوي أن ينعكس ذلك على القدرة الشرائية لعقود المشتقات المالية في بورصة قطر الجديدة، والتي سيقبل عليها المستثمرون المحليون والخليجيون بالدرجة الأولى.