استمع إلى الملخص
- **تأثير سوق العمل وأسعار الفائدة**: أرقام نمو الوظائف الأضعف من المتوقع في أغسطس أثارت مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي، مما دفع الأسواق إلى مراهنة على خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياط الفيدرالي.
- **توقعات الأسواق والتقلبات المستقبلية**: رغم ارتفاع احتمالات الركود، هناك إشارات مهدئة في أسواق الائتمان والرهن العقاري، مع توقعات بخفض أسعار الفائدة بما لا يقل عن 50 نقطة أساس هذا العام.
على الرغم من الارتفاعات الأخيرة في سوق الأسهم والسندات، والتي مكنت مؤشرات الأسهم الرئيسية من معاودة الاقتراب من أعلى مستوياتها على الإطلاق، لا تزال أجواء الترقب تخيم على الأسواق، خاصة مع تزايد صيحات التحذير، من العديد من المؤسسات المالية الكبرى، من اقتراب الاقتصاد الأميركي من الركود، في أعقاب الاضطرابات التي أصابت الأسواق والتي أثارت المخاوف في وول ستريت لفترة وجيزة الأسبوع الماضي.
ورغم أن احتمالات حدوث الركود ما زالت ضئيلة، إلا أن التحذيرات الصادرة عن بنكي غولدمان ساكس وجيه بي مورغان تشيس تظهر أن احتمالات الركود الاقتصادي التي يفترضها السوق قد ارتفعت بشكل ملموس، وذلك استناداً إلى الإشارات الواردة في سوق السندات الأميركية، وإلى حد أقل أداء سوق الأسهم، التي تتسم بحساسية حادة لتمدد وانكماش دورات الأعمال.
سوق الأسهم واحتمالات الركود
وتظهر سوق الأسهم والسندات مجتمعة احتمالات بنسبة 41% لحدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة، ارتفاعاً من 29% في إبريل/ نيسان، وفقاً لما نقلته "بلومبيرغ" عن بنك غولدمان ساكس، بالتزامن مع ارتفاع الأسعار مؤخراً بسبب مراهنة السوق على وتيرة أكثر عدوانية لخفض أسعار الفائدة من قِبَل بنك الاحتياط الفيدرالي. ويقدر نموذج مماثل من بنك جي بي مورغان احتمالات بنسبة 31%، بعد أن كانت 20% منذ نهاية مارس/ آذار، بسبب ما تم من إعادة تسعير لسندات الخزانة الأميركية بشكل حاد، خلال الأيام القليلة الماضية.
وقال نيكولاوس بانيجيرتزوغلو، استراتيجي الأسواق ببنك جي بي مورغان، لـ"بلومبيرغ"، إن خطر الركود في نموذج البنك يعكس حجم تخفيضات أسعار الفائدة التي تم تسعيرها منذ أظهر تقرير سوق العمل تباطؤ نمو الوظائف الشهر الماضي. وأوضح أن سوق الأسهم تشير إلى فرصة واحدة فقط من كل خمسة لحدوث ركود، وهو احتمال ضعيف وإن كان أعلى من الصفر الذي تم تسعيره عندما كانت الأسهم ترتفع إلى مستويات قياسية جديدة في وقت سابق من هذا العام.
وأردف: "تبدو سوق الأسهم الأميركية وأسواق الائتمان منفصلة عن أسواق أسعار الفائدة الأميركية. وإذا كان مسح الأسر الأميركية القادم لشهر أغسطس/آب ضعيفاً على نحو مماثل لمسح يوليو/ تموز، وهو ما يعزز فرضية الركود، فسوف تحتاج أسواق الأسهم والائتمان إلى الضعف بشكل كبير لمواكبة أسواق أسعار الفائدة".
وأثارت أرقام نمو الوظائف الأضعف من المتوقع في 2 أغسطس مخاوف من تباطؤ النمو، من خلال تأجيج المخاوف من أن بنك الاحتياط الفيدرالي انتظر أكثر من اللازم لبدء دورة جديدة لخفض الفائدة، ستكون الأولى منذ عام الجائحة. وبينما أظهرت البيانات ضعف التوظيف، ظل المعدل الشهري أعلى من 100 ألف وظيفة، ولا توجد مقاييس أخرى لصحة الاقتصاد تنذر بركود وشيك، حتى هذه اللحظة. وعلى سبيل المثال، ارتفع تفاؤل الشركات الصغيرة في الولايات المتحدة مؤخرًا إلى أعلى مستوى له في أكثر من عامين في يوليو/تموز الماضي.
وعلاوة على ذلك، لم تزد التوقعات بحدوث ركود بين خبراء الاقتصاد بشكل ملموس، حيث ظل الإجماع عند 30% منذ إبريل/ نيسان بعد أن وصل إلى ما يقرب من 70% في عام 2023. ولا يزال مؤشر إس أند بي 500 منخفضًا بأكثر من 4% منذ أن سجل أعلى مستوى له على الإطلاق في منتصف يوليو، بينما انخفض مؤشر ناسداك، المتخم بشركات التكنولوجيا، بأكثر من 8% من ذروته، إلا أنه من الواضح أن علامات الهلع ليست موجودة حالياً في سوق الأسهم الأميركية.
ومع ذلك، تسعر الأسواق الاحتمالات الأعلى للركود التي تتوقعها نماذج غولدمان ساكس وجيه بي مورغان، حيث تشير التوقعات إلى أن التغيير الذي طرأ على أسعار الفائدة المرجعية لدى بنك الاحتياط الفيدرالي على مدى 12 شهراً يشير إلى احتمالات بنسبة 92% لحدوث ركود في العام المقبل، وفقاً لنماذج بنك غولدمان ساكس، في حين تشير التحركات في عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل خمس سنوات إلى احتمالات بنسبة 58% لحدوث تباطؤ اقتصادي وفقاً لجي بي مورغان.
ولكن هناك الكثير من الإشارات المهدئة في أسواق الائتمان والرهن العقاري، حيث لا تشير مستويات المخاطر إلى الكثير من القلق. وقال كريستيان مولر جليسمان، رئيس أبحاث تخصيص الأصول في بنك غولدمان ساكس، في مذكرة، إنه على الرغم من الاحتمالات المتزايدة التي حددها نموذج سوق الأسهم والسندات، فإن خبراء الاقتصاد في البنك لا يرون سوى احتمالات بنسبة 25% لحدوث تباطؤ، "وهو نسبة تعد منخفضة نسبياً".
بدوره، قال الرئيس التنفيذي لبنك يو بي إس سيرجيو إيرموتي اليوم الأربعاء إن تقلبات سوق الأسهم قد تشتد في النصف الثاني من العام، لكنه أكد أنه لا يعتقد أن الولايات المتحدة تتجه نحو الركود. وعند سؤاله عن توقعاته للاقتصاد الأميركي، قال إيرموتي لشبكة سي أن بي سي الاقتصادية: "ليس بالضرورة ركودًا، لكن بالتأكيد من الممكن أن يكون هناك تباطؤاً".
وأضاف: "المؤشرات الاقتصادية الكلية ليست واضحة بما يكفي للحديث عن الركود، وفي الواقع، ربما يكون الأمر سابقًا لأوانه". وجاءت تصريحات الرئيس التنفيذي للبنك السويسري بعد الإعلان عن نتائج أعمال البنك عن الربع الثاني من العام، حيث قال: "ما نعرفه هو أن بنك الاحتياط الفيدرالي لديه القدرة الكافية للتدخل والدعم، على الرغم من أن الأمر سيستغرق بعض الوقت، مهما فعلوا حتى يتم نقله إلى الاقتصاد".
ويتوقع بنك يو بي إس أن يخفض بنك الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة بما لا يقل عن 50 نقطة أساس هذا العام. وفي الوقت الحالي، ينقسم المتداولون بين خفض 50 و 25 نقطة أساس في اجتماع البنك المركزي الأميركي المقبل في سبتمبر/أيلول، وفقًا لأداة مراقبة البنك الفيدرالي، التابعة لبورصة شيكاغو التجارية.
وقال إرموتي، الذي استحوذ بنكه العام الماضي على بنك كريدي سويس، بتعليمات حكومية سويسرية لإنقاذه من الانهيار، إنه "من المرجح أن نشهد تقلبات سوقية أعلى في النصف الثاني من العام، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الانتخابات الأميركية المنتظر إجراؤها في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل". وأضاف: "هذا عامل واحد، ولكن أيضًا، إذا نظرت إلى الصورة الجيوسياسية الشاملة، وإذا نظرت إلى الصورة الاقتصادية الكلية، فإن ما رأيناه في الأسبوعين الماضيين من حيث التقلبات، والذي، في وجهة نظري، هو علامة واضحة على هشاشة بعض عناصر النظام، فيجب أن نتوقع بالتأكيد درجة أعلى من التقلبات".