بنوك الظل تخيف العالم... فزع من عدوى الإفلاس

05 ابريل 2023
انهيار بنك سيليكون فالي أثار قلقاً واسعاً من تزايد الإفلاسات المصرفية (Getty)
+ الخط -

وسط كومة ضخمة من القروض المستترة، التي تراكمت في هدوء على مدى العقد الماضي، نمت ما تعرف ببنوك الظل بشكل مخيف، ما يحمل مخاطر ضخمة للاقتصاد العالمي، إذ يحذر مسؤولون مصرفيون من امتداد عدوى الإفلاس إلى هذه الكيانات بعد الانهيارات التي طاولت بنوكاً رئيسية في الولايات المتحدة وسويسرا خلال مارس/ آذار الماضي.

وبينما لا يزال القلق مسيطراً على الأسواق من عدم إخماد أزمة إفلاس البنوك التي اندلعت في مارس/ آذار الماضي، تتخوف الجهات التنظيمية من احتمال تطاير شرارة الأزمة نحو المؤسسات المالية التي تقدم خدمات مصرفية مع تدقيق أقل من جانب المنظمين.

وبرز نظام الظل المصرفي بقوة خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008، لقدرته على توفير الأموال أينما تكون الحاجة إليها بفضل تحرره من القيود الرقابية. لكن توجد صعوبة في السيطرة على المخاطر التي يحملها هذا النظام، وهو ما دفع مسؤولين أميركيين كبار إلى المطالبة أخيراً بضرورة تنظيمه تجنباً لضربة قوية قد تأتي من خلاله.

وتحدثت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، في خطاب ألقته الأسبوع الماضي، عن بنوك الظل، مشيرة إلى أن "صدمة وباء كورونا أعادت التأكيد على أهمية نقاط الضعف الهيكلية في المؤسسات غير المصرفية".

واتسعت رقعة بنوك الظل في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، مع انضمام شركات التأمين وصناديق التحوط وشركات الأسهم الخاصة، والشركات التقنية الناشئة إليها، وذلك بتقديمها للقروض للشركات والأفراد الذين لا بديل أمامهم غير التعامل معها، لأنهم باختصار لا يستوفون شروط الحصول على قرض بنكي.

وبحسب بنك التسويات الدولية، فإن التمويل غير المصرفي يشكل ما يقرب من نصف جميع الأصول المالية في العالم، أي نحو 160 تريليون دولار، مقارنة بإجمالي الأصول المالية البالغ 340 تريليون دولار.

ووفق تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، فإنه من الجيد أن يركز صانعو السياسة على بنوك الظل، لأن "هذا هو المكان الذي تكمن فيه المخاطر الحقيقية في عام 2023 وما بعده"، مشيرة إلى أزمة تختمر تتعلق بالقروض والعقارات التجارية وصناديق الملكية العقارية الخاصة.

ونقلت الصحيفة عن مذكرة لمؤسسة "تي إس لومبارد" للاستشارات أنه من المتوقع أن يكون مستوى استحقاقات الديون العقارية في عام 2023 مرتفعاً، ما يعني أن مديري الأصول قد يضطرون إلى الذهاب إلى المستثمرين للحصول على المزيد من رأس المال، وهو ما سيكون صعباً في الوقت الحالي، أو بيع ممتلكات خارج محفظتهم المالية لتغطية القروض.

وأدت الضغوط على القطاع المصرفي الأميركي إلى ارتفاع مخاطر سندات الرهون العقارية في الولايات المتحدة، التي تقدر قيمتها الإجمالية بنحو 8 تريليونات دولار.

وتمتلك البنوك وشركات التأمين وصناديق السندات ما يُسمى سندات الرهن العقاري، لأنها مدعومة من قبل المقرضين المملوكين للحكومة، وهم كل من شركة "فاني ماي" وشركة "فريدي ماك"، وبالتالي فهي من السندات الأقل احتمالاً لأن تتعرض للتخلف في الدفع لحامليها من معظم السندات الأخرى في السوق الأميركي، كما يسهل شراؤها وبيعها بسرعة، وكانت من بين الأدوات المالية التي استثمر فيها بنك سيليكون فالي.

لكن بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، نهاية مارس/ آذار الماضي، فإن الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري مثل جميع السندات طويلة الأجل معرّضة للتداعيات السلبية لارتفاع أسعار الفائدة.

ووفقاً لشركة فاكت سيت الأميركية التي ترصد سوق السندات، خسرت بعض سندات الرهن العقاري 15%، أو أكثر في غضون أشهر بعد الزيادات المتواصلة والسريعة في الفائدة الأميركية.

وكانت مؤشرات العقارات الكبيرة قد تحولت إلى سلبية بالفعل في عام 2022. وفي الشهر الماضي، توقفت مجموعة بروكفيلد العقارية الكندية عن سداد مدفوعات بقيمة 734 مليون دولار من ديون بناء المكاتب في لوس أنجليس، وفق تقرير فاينانشال تايمز.

وتشير أكثر من عشر شخصيات من الجهات التنظيمية والمصرفيين ومديري الأصول ومسؤولين سابقين في البنك الفيدرالي الأميركي، وفق وكالة بلومبيرغ، إلى أن ديون الظل وروابطها مع البنوك باتت سبباً مهماً للشعور بالقلق، إذ يتسبب صعود أسعار الفائدة في إحداث هزات عبر الأسواق المالية.

ويثير السماح لشركات الملكية الخاصة، وغيرها، بالحصول على قروض رخيصة القلق. ورغم إمكانية ضآلة حجم القرض، إلا أنه في الأغلب يتداخل مع أدوات مالية أخرى بطريقة قد يعاني بسببها المستثمرون والمقترضون في حال خفضت المصارف أو مقدمو الائتمان الآخرون تمويلهم فجأة.

وقال لودوفيك فاليبو، أستاذ الاقتصاديات المالية في جامعة "أكسفورد"، لوكالة بلومبيرغ: "ينجم عن ارتفاع أسعار الفائدة تخلف بعض الشركات عن السداد، ما يضع المؤسسات التي قدمت لها الديون في مأزق، وبالتالي سيقع المصرف الذي يوفر الرافعة المالية للتمويل في مأزق".

وأصبحت الأسئلة المتعلقة بالخطر المحتمل مُلحة عقب إفلاس مصرف "سيليكون فالي"، الشهر الماضي، حيث كان مزوداً أساسياً لتمويل رأس المال الجريء وصناديق الملكية الخاصة. كما وفّر بنك "كريدي سويس غروب" السويسري، الذي انهار واستحوذ عليه بنك "يو بي إس"، خطوط الائتمان لمديري صناديق الاستثمار.

المساهمون